بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورات العربية: هل يبرّر ظلم السلطان... «استباحة» الأوطان؟
نشر في الشروق يوم 01 - 10 - 2011

يبدو «المشهد الثوري» الذي تعيش على ايقاعه شعوب المنطقة العربية هذه الأيام مثيرا للكثير من الالتباس بعد أن دخل على خط هذه الثورات لاعبون إقليميون ودوليون في مسعى إلى «المساهمة»، كل حسب أدواته و«طاقته» ومصالحه، في التأسيس ل«المسار الديمقراطي» الجديد على أنقاض الدكتاتوريات الساقطة والآيلة للسقوط...... ومع أن التدخل الخارجي لم تظهر له معالم مبينة في الثورتين التونسية والمصرية حيث نجحت هاتان الثورتان الشعبيتان بفضل حراك شعبي داخلي صرف في إسقاط نظامي بن علي ومبارك فإن العامل الأجنبي كان جليا في حالة ليبيا بينما تقترب الحالة السورية هي الأخرى من السيناريو ذاته، بعد أن ارتفعت أصوات عديدة محسوبة على المعارضة السورية للمطالبة بتدخل «الناتو» وذلك بادّعاء «وحشية» النظام وغياب «الدعم العربي».كذلك هذا التدخل الخارجي الذي نجده أيضا واضحا في حالتي البحرين واليمن وفي دول أخرى ممّا أدّى الى التباس وارتباك الموقف واختلاط الأمور داخليا على مختلف المسارات والمستويات... لكن المفارقة الكبرى أو هي بالأحرى الكارثة الكبرى أنّ هناك من بات يبرّر استبدال «جور السلطان» ب«استباحة» الأوطان ولا يجد مانعا في أن يستنجد ب«الشيطان» للتخلص من نار الدكتاتورية.صحيح أن الديمقراطية والحرّيات وحقوق الانسان تكاد أن تكون معدومة في البلاد العربية، أو هي معدومة أصلا، ولكن الصحيح أيضا أنّ دعاة هذه الحرّيات في الضفة الأخرى كانوا إلى يوم أمس يمثلون السند القوي لمثل هذه الأنظمة التسلطية... ثم إذا افترضنا جدلا أنّ هذه «الديمقراطيات الغربية» هدفها «تحرير» الشعوب العربية من الاستبداد، هكذا «في سبيل اللّه»... لماذا لا نراها تطبّق هذه القيم التي تدّعي امتلاكها في العراق وأفغانستان وفي غيرهما من الدول الأخرى... لماذا لم تنسحب أمريكا الى حد الآن رغم مضي نحو 10 سنوات من احتلالها لهذين البلدين؟ يمكن أن نصدق رواية الغرب اليوم بأن الاستبداد والدكتاتورية كانا خطرا حقيقيا على الشعوب العربية، لكن من واجبنا أيضا القول له بأنه أكبر خطر يتربص بثوراتنا وثرواتنا....«الشروق» تفتح في هذا العدد الجديد من الملف السياسي بابا للنقاش يشارك فيه السادة: الدكتور جورج قرم (مفكر ووزير سابق ومستشار وخبير دولي) الأستاذ الشاذلي القليبي (الأمين العام الأسبق للجامعة العربية) الأستاذ ناصر قنديل (نائب لبناني سابق ومفكر عربي)المفكر العربي د.جورج قرم ل«الشروق»: الغرب يتعامل بانتهازية وازدواجية مع الثورات العربيةرأى المفكر العربي الكبير الدكتور جورج قرم في لقاء مع «الشروق» عبر الهاتف أن الغرب يتعامل بازدواجية مع الثورات الشعبية العربية.تونس «الشروق»:أكد الدكتور جورج قرم أن الولايات المتحدة تقيس الأمور بمقياس مصالحها الخاصة وأنها تتعاطى بانتهازية مطلقة مع العرب.وفي ما يلي هذا الحوار:كيف تقرأ دكتور الجدلية القائمة هذه الأيام حول التدخل الاجنبي في الثورات الشعبية العربية... فهل ارتبط هذا التدخل بمساعدة الشعوب العربية... أم بخدمة المصالح الغربية؟ في الحقيقة أنا أرى ان هذه اشكالية صعبة للغاية وهي اشكالية طاغية هذه الفترة على بعض الساحات العربية وليس كلها... وهي في اعتقادي مسألة تقلق البال لأنها تحاول ان تلتف على هذه الثورات... وهذه جدلية لعب الاعلام في مزيد التباسها وذلك من خلال تمادي بعض القنوات في تحليل الأوضاع المتوترة من منظور طائفي وديني وعرقي على غرار البحرين وسوريا على وجه التحديد... وهذه هي الكارثة بذاتها لأن مثل هذا المنهاج في التحليل هو الذي يعطي الأرضية الخصبة للتوتر الداخلي وللفتن... وهو الذي يعطي باستمرار الذريعة للأجنبي لأن يتدخل في الشؤون العربية... لكن هناك مشكلة أخرى لا يجب ان نتغافل عنها هنا وهي تكمن أساسا في سياسة الغرب بالتحالف مع بعض القوى العربية التي لا مصلحة لها من وراء التغيير... والمقصود هنا أساسا الدفع في اتجاه بروز نموذج اسلامي تركي الهوى أي تشجيع الحركات الاسلامية لكي تلعب دور القوى المحافظة... وبطبيعة الحال فإن الاشارة هنا الى النموذج التركي ليست في محلها...لكن، ما هي المخاطر الموجودة في هذه الحالة خاصة أن هذا «التحالف» الذي تشير اليه دكتور هو ليس جديدا وليس له «رابطا زمنيا» مع الثورات الشعبية؟ طالما لم تحسم قضية حياد الدولة وادارة أمور الدولة بالنسبة الى القضايا الفقهية فإن امكانية تزايد الفتن كبيرة جدا ونحن نعلم جيدا ان الدوائر الأمريكية تود تقسيم الأوطان العربية عبر «نعم» الطائفية وذلك لمزيد اضعاف العرب وتشتيتهم...هناك يقول بأن طلب المساعدة الخارجية كان الملاذ الأخير للشعوب (النموذج الليبي) لاسقاط النظام بسبب العجز الداخلي والصمت العربي؟... فكيف تنظرون الى مثل هذا الموقف؟ في الحقيقة هذا الكلام له ما يبرره من ناحية القول العجز الداخلي والصمت العربي ولكن طلب التدخل الدولي لا يبرر على الاطلاق ذلك ان لدينا نماذج واضحة اليوم في ساحات عربية واسلامية عدة تشهد على ذلك... وتؤكد ان الغرب كلما تدخل في وطن عربي ما الا ودمره ونشر فيه الفوضى والخراب...في المقابل لدينا نماذج أخرى مثل تونس ومصر وحتى اليمن (نسبيا) نجحت فيها الثورات في تحريك الأوضاع لصالحها وفي اسقاط الدكتاتورية... وبالتالي أقول لأصحاب هذا الرأي ان الغرب العدو الأول للثورات العربية وليس حليفا لها... وعلى هذه الشعوب ان تناضل للتغيير من الداخل... وأنا اعتقد ان الثورات تأتي كحلقات... وقد فتحنا في رأيي اليوم حلقة جديدة في تاريخ الأمة... فلنتذكر اذن النموذج الفرنسي حيث أنه لم تتثبت الثورة الفرنسية الا بعد قرن.هل تريد ان تقول من خلال هذه المقارنة ان الشعوب العربية قد تحتاج الى نفس المدة الزمنية في فرنسا لتثبيت ثوراتها؟ آمل ألا يتطلب الأمر قرنا لأنه لا يجب ان ننسى ان الثورة الفرنسية جاءت في عالم كانت فيه الانظمة في مختلف دول العالم مطلقة ولها شرعية دينية ولكن اليوم فإن معظم الانظمة لا تستند الى شرعية دينية...في هذا المشهد لاحظنا دكتور جورج وجهين للتدخل الغربي ففي ليبيا كان الهدف المساعدة على انجاح هدف الثورة الليبية في اسقاط نظام القذافي... وفي اليمن لاحظنا ما يمكن وصفه ب«الثورة الغربية المضادة» ذلك ان الغرب الى حد اليوم بغض الطرف عما يحدث في هذا البلد ولم يمانع على ما يبدو في تثبيت صالح... كيف نفهم هذه «المعادلة» اليوم؟ نحن لدينا مشكلة مزمنة وهي ان جميع التدخلات الغربية في ساحاتنا مزدوجة المعايير فهي من جهة تشجع الحركات الاسلامية ومن جهة أخرى تستعمل «البعبع الاسلامي» لتبرير هيمنتها على العالم الاسلامي... المشكلة تكمن أساسا في الانتهازية الأمريكية المطلقة التي تقيس الأوضاع بمقياس مصالحها الخاصة ولا تعير أي اعتبار للحريات ولحقوق الانسان في منطقتنا...الأستاذ الشاذلي القليبي يكتب ل«الشروق»: التعلّل بالضعف العربي لتبرير التدخل الأجنبي... غير مشروع تونس «الشروق»:النضالات الوطنية وتسمّى أيضا القومية جديرة بالاحترام، لما بذلته من جهود أحيانا كثيرة مضنية، لكنها أيضا تتطلب مزيد البحث والتحليل لأسباب فشلها.والنزعة الطاغية عليها هي الاندفاع العاطفي الذي كثيرا ما يحجب النظر الى الواقع من جهة ويسدّ من جهة أخرى الآفاق التي تفتح سبل المستقبل، وتربط بينه وبين الأهداف التي من أجلها تكافح تلك الحركات النضالية.فالذي كان يغلب على تلك الحركات، إنما هو التمسّك بشعارات مبدئية، هي أقرب الى المواقف الاجمالية منها الى الفكر المركّز المحلّل للأهداف «الوطنية» أو «القومية» وإثرائها بالمعطيات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تحكم مسيرة الشعوب نحو النمو والتقدم أو الى مزيد الانغماس في التخلف.في هذا الابتعاد عن متابعة الواقع الحي المتغيّر دوما، يكمن أحد الأسباب لعجز تلك الحركات عن استقطاب معظم القوى الحية في المجتمع، كما يكمن أيضا سرّ الاحتياج الى الاعتماد على «مناضلين» بالانتماء الأسمى، لا بالاسهام الفكري الذي هو الشرط الضروري لتقدم أي حركة نضالية حقيقية.ولأن تلك الحركات كثيرا ما تنقلب إلى أداة «تعبوية»، فإنها تحدّد اختياراتها الاستراتيجية لا بميزان العقل وقراءة العواقب، بل بحسب مواقف مبدئية متحجّرة قد تتنافى مع المصالح الآجلة، بل قد تنال من الأهداف الأساسية التي قام من أجلها الكفاح.عند ذلك تنجم مخاطر جسيمة، معطّلة للمسيرة النضالية أو مشوّهة لمقاصدها الأصلية.فكثيرا ما ينصبّ اهتمام تلك الحركات على الخصام فيما بينها، متغافلة عما يكون في اختلافها من منابع.وكثيرا ما اندفعت الى تحالفات غير مجدّية لنضالها لا لمصالح مجتمعاتها الحقيقية وكثيرا ما قبلت سيطرة أجنبية على صياغة أهدافها أو تنظيم عملياتها الكفاحية دون إمعان نظر في وخيم العواقب التي يخلفها هذا الانسياق.وكثيرا ما ينجرّ عن هذا الانسياق تحالفات غير ملائمة لفروض الانتماء الوطني أو القومي وذلك بالاستقواء على الجار والشقيق بالأجنبي البعيد.لكل هذه الاعتبارات فلا بد للحركات النضالية عندنا في البلاد العربية من التمييز بين الهدف الاستراتيجي والحراك التكتيكي على أن لا يعطل احدهما الآخر، ولا يفسد أحدهما العمل في سبيل الوطن ولا يمسّ بالقيم الاخلاقية الثابتة ولا المقاصد العالية التي أسستها حضارتنا العربية الاسلامية، قبل قرون عديدة من التحاق الحضارة الغربية بالكثير منها سواء في نظام المجتمع أو في علاقات الأمم.أما ما يتعلّل به من ضعف عربي لتبرير الاندفاع الى الاستغاثة بالأجنبي، فلا مشروعية له، وذلك من وجوه عديدة أهمها أن الاستنجاد بجهات خارجية يؤدي الى الانسياق في مصالحها وليست دوما متفقة مع مصالحنا العربية.ثم إن ضعف المجموعة العربية آت من قلة الاهتمام بقيم التضامن، بل وجهت المنظمات الكفاحية جهودها نحو تقوية الرابطة بين المجتمعات العربية... لاستطاعت أن تقدم الى الوطن العربي خدمة جليلة ولتمكنت من التقدم بقضايانا القومية أشواطا.الجامعة العربية والثورات الشعبية: «حياد سلبي»... و«مواقف بلا استراتيجية»!في أقل من عام واحد (ديسمبر 2010 حتى أوت 2011) أطاح «ربيع الثورات العربية» بثلاثة أنظمة (تونس، ومصر، وليبيا) من أعتى الأنظمة العربية؛ بينما دول أخرى (اليمن، وسوريا، والبحرين) لا يزال أمامها شوط كبير.تونس الشروق :حيال هذا الفوران الشعبي الذي يأخذ لأول مرة في تاريخ العالم العربي بزمام مبادرة التغيير، وإزاحة أنظمة مستبدة احتكرت لعقود سدة الحكم.. كان موقف الجامعة العربية مختلفًا من ثورة لأخرى، وتراوح بين الموقف السلبي، وتأييد مطالب الجماهير، وتجميد عضوية إحدى الدول؛ كما حصل مع النظام الليبي قبل إسقاطه؛ الأمر الذي يدل على انعدام الرؤية الاستراتيجية للجامعة، وعدم وجود معيار واحد لديها تتعامل به مع الدول العربية؛ خاصة إذا تعلق الأمر بعلاقة الأنظمة العربية والشعوب.من المهم أن نتذكر أنه مع تسارع وتيرة الأحداث في تونس بعد أن أحرق محمد البوعزيزي نفسه في 17 ديسمبر 2010، أعلنت الجامعة العربية أن ما يحدث هناك هو شأن داخلي، وإن كانت قد أعربت عن أملها في أن تتجاوز تونس الأحداث بسلام.ولم يخرج موقف الجامعة العربية عن هذا الإطار إزاء الثورة المصرية؛ بل كان الموقف أكثر حرجًا؛ لا سيما وأن الأمين العام للجامعة (عمرو موسى) حينها مصري، وقد ثار جدل «هامس» حول إمكانية أن يلعب دورًا في ما بعد نظام مبارك؛ خاصة أن موسى كان قد أكّد في الأيام الأخيرة من فترة أمانته للجامعة أنه لن يقبل التجديد لفترة أخرى.فموقف الجامعة من الثورتين التونسية والمصرية هو أقرب إلى «الحياد السلبي»، الذي يأخذ في اعتباره العلاقة مع الأنظمة أكثر من الشعوب، وإن كانت الجامعة تحاول أن تغلِّف هذا «الحياد السلبي» بشيء من الديبلوماسية حين تزعم أن ما يجري هنا أو هناك هو «شأن داخلي».أما الخطوة اللافتة والمثيرة التي اتخذتها الجامعة في تعاطيها مع الثورات العربية؛ فتمثّلت في موقفها من الثورة الليبية التي اندلعت في 17 فيفري، وبدأت سلمية شأن بقية الثورات؛ لكن نظام القذافي الطاغية واجه مطالب الجماهير السلمية بالرصاص والمدافع الثقيلة والصواريخ؛ ففي خطوة غير مسبوقة، قرّرت الجامعة العربية تعليق عضوية ليبيا الى حين توقف القتال بين القذافي والثوار، ثمّ طلبت من مجلس الأمن
اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين، وبالتالي أصدر مجلس الأمن قراره بفرض منطقة حظر جوي فوق الأراضي الليبية قبل ان يتطوّر الامر الى تدخل الناتو في ليبيا.وأما موقف الجامعة العربية من الأوضاع في البحرين أو اليمن؛ فقد كان موقفًا ملتبسًا؛ لدرجة جعلت البعض يتهم الجامعة بالتواطؤ مع دول عربية بعينها لمصالحها الشخصية، وبالانحياز لها ضد مصالح الشعوب العربية.وفي سوريا التي اتسم ردّ فعل النظام فيها على مطالبات الجماهير بوحشية وعنف مبالغ فيه حرصت الجامعة العربية على عدم توجيه نقد علني للنظام السوري، وإن كانت دعته للإسراع في خطوات الإصلاح؛ ففي شهر جويلية الماضي زار الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي سوريا واجتمع بالرئيس السوري بشار الأسد؛ لكن العربي رفض الإدلاء بتفاصيل الاجتماع.التدخل العسكري من العراق.. الى ليبيا: أوجه التشابه... والاختلافأثار «التدخل العسكري» الأطلسي في ليبيا إلى حد اللحظة جدلا ساخنا داخل أوساط المتابعين والمراقبين للشأن العربي عامة نظرا لما يفرضه من إعادة قراءة جذرية للعلاقات العربية الغربية من جهة ولمفهوم السيادة الوطنية في ارتباطه بمفهوم التحرر من الديكتاتورية من جهة ثانية.تونس الشروق : أمين بن مسعود : وهو ما يفرض مراجعة كاملة لأدبيات التحرر الثوري الشامل التي كانت تستوجب في وقت معيّن التناقض العضوي مع القوى الأجنبية لا سيما تلك التي تحمل تاريخا استعماريا لذات المنطقة المحررّة حديثا من نير الاستبداد والقمع.مدار النقاش حول المشهد الليبي نابع من إشكالية تنزيله في إحدى السياقات السياسية التي تماثله على مستوى المنطلقات والأساليب والتحالفات والنهايات, وهنا تولد 3 سياقات كبرى. فإما أن نضعه في سياقات الثورات العربية الكبرى الساعية إلى التحرر والانعتاق من ثلاثية الفساد والاستبداد والاستعباد. أو أن ندرجه في إطار الحملات الدولية العسكرية على الأقطار العربية والتي عادة ما تتدثر بعناوين الديمقراطية والحرية. أو أن نقرّ بأن المشهد يحمل في طياته شيئا من هذا وأشياء من ذاك وأن كل جهد سياسي أو فكري لزحزحته عن هذه المنزلة الواقعة ما بين المنزلتين ستزيده غموضا والتباسا . ويشير مراقبون, في ذات السياق, إلى أن تشبيه الحالة الليبية بالحالة العراقية أمر غير ذي بال مرجعين هذا الرأي إلى ثلاثة أمور : أ حجم التأييد الدولي الكبير للتدخل في ليبيا والذي تجسد في ثلاثة حقائق (توصية مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية بفرض منطقة حظر جوي على ليبيا, التوافق الإعلامي غير المسبوق على تهديد النظام الليبي للمدنيين الليبيين, الاستصدار السريع لقرارات دولية ضد النظام) على عكس الحالة العراقية . ب عدم وجود قوات أجنبية على الأرض. ج تعهّد المجلس الانتقالي بالمحافظة على ذات عقود النفط للشركات الأجنبية والإبقاء على ذات الاتفاقيات النفطية وهو الأمر الذي يدحض «مزاعم» البعض بأن التدخل العسكري ل«الأطلسي» قائم على المصالح الاقتصادية.وعلى الرغم من سرد كل هذه الحجج, فإن ذات المراقبين يرون أن الحالة الليبية فريدة من نوعها على مستوى القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني لأنها أعطت الأولوية ل«الفرد الإنسان» على الدولة ومنحت الأفضلية لحقوق الإنسان على سيادة الأوطان وهي سابقة عزّ نظيرها في التجارب السياسية المعاصرة على الأقل. في الطرف المقابل, يصرّ بعض قراء الأحداث السياسية والمتابعين للواقع السياسي العربي على تنزيل المشهد الليبي في سياق الحملات الدولية على الأقطار العربية والتي استباحت الأوطان دون أن تحرر الإنسان بل هي دمّرت الإنسان والأوطان معا تحت ذرائع الحريات والديمقراطية, فلا وطن شيّد ولا إنسان تحرّر. ويرون أن الحديث المتكرّر من طرف الغرب و«العرب» وحتى أعضاء المجلس الانتقالي عن عدم تكرار النموذج العراقي في ليبيا دليل على إقرار ضمني بأن في الحالة الليبية ملابسات وحيثيات تستحضر المشهد العراقي. وفي سعي منهم إلى ترجمة هذه الشواهد «العراقية» إلى حقائق يشيرون إلى الرسالة التي نشرتها جريدة «ليبراسيون» الفرنسية في أفريل الفارط والتي تنص على وعد من المجلس الانتقالي الليبي بمنح فرنسا 35 بالمائة من النفط الليبي مكافأة على دعمها للحرب على ليبيا مضيفين ان وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه ورئيس شركة «توتال» النفطية كريستوف دي مارجوري كانا على علم كامل بالرسالة معتبرين أنه من المنطقي أن تتمتع الدول التي دعمت المتمردين بأكبر الفرص. وهو ذات المشهد تقريبا الذي حدث قبل غزو العراق , حيث دفعت الشركات النفطية الكبرى الولايات المتحدة إلى المضي قدما في الاحتلال لمزيد حجم استثماراتها. وبصرف النظر عن أوجه الشبه والاختلاف عن المشهد العراقي, فإن الأكيد أن هناك تغييرا طرأ على مستوى الرأي العام العربي جعله يهضم ويتفهم قصف الليبيين بصواريخ «الحرية» وقنابل «الديمقراطية» بل أسقط من محدداته نعوت الأعداء وصفات الأصدقاء ويمحي من ذاكرته هويات الاستعماريين القدامى والجدد.. والأوكد ممّا سبق أنّ مفاهيم مثل الأمن القومي والسيادة الوطنية والتعفف عن الاستقواء بالأجنبي صارت من لبنات عصر غير عصور ثوراتنا العربية واحتجاجاتنا الشعبية.الأستاذ ناصر قنديل يكتب ل «الشروق» من بيروت: أسئلة حارقة في زمن الثورات العربيةفي زمن الثورات والتغييرات الدراماتيكية في حياة الشعوب يتراجع صوت العقل النقدي عموما لصالح حماسة الخطاب الإستئصالي، وتضيع الكثرة من الحقائق الخضراء لأن الزمن لا يتسع إلا للأبيض والأسود، لكن قدر من يشتغل بالفكر أن يعاند الريح، ويحاول تقديم وجبته الفكرية الدسمة حتى لو كانت أغلب الميول للقمة سريعة على باب الإنتظار لخبر عاجل. فمشهد الثورات العربية يفتتح مسارا لن تكون بلاد العرب بعده كما كانت قبله، يحمل نبض الشارع وحراك الشباب المقتحم لميادين العمل العام، وهذه بشارة طال إنتظارها عقودا، لكن الأحادية في تقييم المشهد برؤية هذا العامل وتمجيده وتقديسه تحت شعار الشعب يريد، سيحرمنا من التساؤل المحق، ألم تكن ثورة العشرينات التي إجتاحت العالم العربي من مشرقه إلى مغربه ثورة الشعب يريد، لإجلاء الإستعمار التركي عن بلادنا، وكان أمراء الخليج قادتها، والغرب داعمها، تذكروا الشريف حسين وغلوب باشا وإنتهت بإتفاقية سايكس بيكو التي قسمت البلاد العربية وبوعد بلفور الذي أسس لإغتصاب فلسطين؟إن سلالة الأنظمة التي حكمت وإستبدت ومارست فسادا منقطع النظير قد تولت الحكم هي الأخرى بإسم الشعب يريد، منذ ثورات الإستقلال من الاستعمار الغربي في خمسينيات القرن الماضي، والإنقلابات العسكرية التي أوصلتها للسلطة لا تفسد من شعبيتها شيئا، فالواضح اليوم أن تزاوجا شبيها يحدث بين الجيش والنهوض الشعبي في تأسيس سلطة جديدة وحقبة جديدة، والواضح أن للجيش الكلمة الأولى، طالما أن الشعب يكتشف السياسة والتنظيم حديثا ولا يملك أدوات مكافئة للجيش في السباق نحو القرار كما هو حال تونس ومصر، وطالما أنه حيث شراكة الجيش مشكوك فيها تراوح الثورة بين خطر الفوضى والحرب الأهلية كحال اليمن أو إستبدال شراكة الجيش المتواصل مع الغرب عموما بجيوش الغرب نفسها مباشرة كما هو الحال في ليبيا. كل خمسين سنة تعيش بلادنا ثورات تؤكد ترابط المصير العربي بدليل تنقلها لها كالنار في الهشيم من بلد عربي إلى آخر، وتؤكد حيوية الشعوب العربية وإبداع اجيالها الشابة، لكنها تؤكد حساسية المصالح الغربية في بلادنا بما لايدع مجالا للتهاون مع بلوغ مقاليد الحكم لفئات معبرة بأمانة عن تطلعات الشعوب وتطلبها للإستقلال والتحرر ممزوجين بالحرية والديمقراطية.كتبت في «الشروق» في شهر سبتمبر العام الماضي سلسلة مقالات توقعت فيها إنفجارات مدوية تهز العالم العربي، تحت عنوان تداعيات تقسيم السودان، محذرا من إنفلات فوضى التفتيت بحيث يصبح على الشعوب المفاضلة بين وحدة وطنية لا يحفظها إلا نظام الإستبداد والفساد وبين حرية وديمقراطية تؤول إلى تفتت الكيانات الوطنية على الطريقة اليوغوسلافية فتجلب ريح الحروب الأهلية والتدخلات الأجنبية، كما كتبت تحت عنوان الحروب المقبلة، متوقعا شكلا من الحروب القادمة من خلال توفير «بوليصة» التأمين لأمن إسرائيل بعد هزائمها المتكررة وأنا اليوم متمسك بما كتبت، خائف من مجرد مشهد أبله عنوانه تشجيع خليجي ورعاية سريالية لثورات الكرامة والحرية والديمقراطية وهي قيم تتمسك بها الشعوب أصالة لكن أدوات الرعاية المالية والإعلامية الخليجية تكسر الرؤوس وتحني الجباه خجلا، وخائف من لحظة بات فيها التباهي بأعلام الدول الأجنبية الغازية كمخلص، مشهد غلوب باشا في الثورة العربية الكبرى والشريف حسين يتكرر. مع خروج الأتراك من بلادنا كصدر أعظم وباب عال دفعنا الثمن بثورة الشريف حسين وغلوب باشا، السلطنة ذهبت وجاء الفرنسي والبريطاني ودفعنا أنهار من الدماء لإخراجهم لكن مع تركة ثقيلة، نشوء كيان الإغتصاب والعدوان في فلسطين وتفتيت بلاد العرب إلى أكثر من عشرين دولة، مع عودة الباب العالي ومشروع السلطنة العثمانية الجديدة بعدما إستغرق نزع أنيابه وتوضيبه قرن من الزمان ليصبح وكيلا مقبولا في دفتر الشروط الأجنبية، يبدو أننا سندفع ما هو أعظم ، ثورة بقيادة الشيخ حمد، والجزيرةو وجيفري فيلتمان، وهنري برنار ليفي، والثمن تثبيت إغتصاب فلسطين، وحروب مذهبية طاحنة لمائة عام تطل بقرنيها من الثورة السورية والفتنة العراقية والمحكمة اللبنانية، وربما نستفيق على أربعين دولة عربية بعد ربع قرن، فنزداد همة في الأمم المتحدة لنضمن التصويت على نشوء دولة إفتراضية إسمها فلسطين في جزء من بغداد طالما ليس واردا قيامها على جزء من فلسطين؟تشاؤم لا يبدده إلا الأمل بان يتحرر الشباب الثوار من تلفيقات رواد الفضائيات التي تنتحل صفة المفكرين والثورية للتنظير للشريف حسين وغلوب باشا.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.