سعيا منها الى مزيد إلقاء الضوء على ذكرى استقلال الجزائر التقت «الشروق» عددا من المواطنين الجزائريين المقيمين بتونس لنقل انطباعاتهم وآرائهم وشهاداتهم حول ثورتهم العظيمة... مكتب «الشروق» ببنزرت قام ب«الروبورتاج» التالي: السيدة «آمال بن عجال القروي» احدى أبناء الجالية الجزائرية المتواجدة بجهة بنزرت من مواليد العاصمة الجزائرية عام 1973 حيث تقيم وهي الحاملة للجنسيتين منذ 18عاما بمدينة بنزرت.
وفي حديث ب«الشروق» حول رمزية ذكرى خمسين عاما من استقلال الجزائر اعتبرت انها اشرت لمرحلة جديدة بالخروج من فترة الاستعمار ورد خلالها الاعتبار الى أحد ابرز مميزات الهوية العربية الاسلامية من لغة عربية ودين فضلا عن انها ذكرى يحن لها التونسيون مع استحضار لحظات من نضال المجاهدين من البلدين الشقيقين.
ولاحظت المتحدثة خلال مجالستنا الخاطفة لها ان احياء هذه الذكرى بمثابة الفرحة الكبرى لكل الجزائريين بالداخل والخارج خاصة مع التأشير لدخول الجزائر مرحلة جديدة و رد الاعتبار الى أبرز مكونات الهوية العربية الاسلامية الا وهما «الدين» واللغة الام «العربية» مع أهمية عمليات محو الامية والتصدي لهذه الآفة الثقافية.
ووصفت السيدة آمال ان استقبال السيد محمد المنصف المرزوقي لقدماء المجاهدين من كلا البلدين تونسوالجزائر بمناسبة هذه الذكرى الهامة والفارقة فيه اكثر من رمزية لعلاقات الاخوة بين التونسيينوالجزائريين في معارك التحرير الوطني ولحوادث ماتزال عالقة منها احداث ساقية سيدي يوسف حيث اختلطت الدماء.
دولة مغاربية موحدة وفهم الاسلام
وفي ردها على استفسارات تعلقت بكيفية الوصول الى اقامة دولة مغاربية موحدة اوضحت المتحدثة ان القضاء على الارهاب المتخفي بعباءة الدين ابرز الاليات و انه من الضروري ان تكون هناك صحوة في فهم مفهوم الدين ومبادئ الاسلام بعيدا عن اساليب التطرف. مبرزة ان المبادئ السمحة للإسلام خير سبيل الى اقامة أسس هذا الحلم.
وخلصت الى انه من المرتقب مزيد تطور الجزائر التي تعاني على غرار عدد من البلدان العربية مشاكل طالت الاقتصاد وغلاء المعيشة والبطالة. قرارات متتالية
الثورة الجزائرية هي عبارة عن ثورات متتالية منذ دخول فرنسا التراب الجزائري هكذا يقول الدكتور محمد دريج ل«الشروق». ويضيف قائلا: الانطلاقة كانت سنة 1830 بثورة الامير عبدالقادر الجزائري التي دامت قرابة 17 سنة انتهت باستسلامه ونقله الى سوريا حيث توفي اما ثورة التحرير فقد انطلقت في 1 نوفمبر 1954 وكانت منظمة على عدة جبهات اعلامية, وسياسية وعسكرية وخاضها الجزائريون لاسترجاع اراضيهم.
وكانت هذه الثورة مدعومة من دول الجوار مثل تونس و المغرب و ايضا من مصر حيث دعم جمال عبد الناصر الثورة الجزائرية ودفع الثمن في العدوان الثلاثي على مصر التي كانت من اسبابه مساندته للجزائر. كما ان الصين ودول عدم الانحياز و الدول الاشتراكية مثل روسيا وقفت سياسيا الى صف الجزائر أما ميدانيا فقد دفع الجزائريون ثمن استقلالهم بعد د شهداء يفوق المليون والنصف شهيد في حرب التحرير التي دامت سبع سنوات و التي توخت فيها فرنسا نفس طريقة امريكا مع الهنود الحمر وهي حرب الابادة.
أما الدكتور الناصري الذي وجدنا صورة الفريق الوطني الجزائري توشح باب مكتبه فتحدث عن الثورة الجزائرية وكانت بداية حديثه عن الدور الهام الذي لعبه الشهيد كريم بلقاسم الذي شارك في مفاوضات (evians) و الذي كان الفرنسيون يسمونه le berges berbère ويضيف الدكتور الناصري ان كريم بلقاسم قتل سنة 1962 في ظروف غامضة وحبذا لو يرفع الستار عن هذا الغموض ولو بعد سنوات. كما ان بوضياف كان له دور هام في ثورة التحرير وتم اغتياله في عنابة اضافة الى ياصف السعدي الذي شارك في la bataille d'Alger ومازال على قيد الحياة لكنه لم ينل الحظوة التي يستحقها وعن ثورة التحرير فقد شارك فيها شبان صغار كانت مهمتهم ايصال الرسائل الى المجاهدين, وعند الحديث عن الثورة الجزائرية لا بد من التركيز على الدور الهام الذي لعبه الزعيم الحبيب بورقيبة الذي كان يوفر الاكل و اللباس للجزائريين اضافة الى الدور السياسي الذي لعبه و الذي جعل امريكا تتخلى عن فرنسا في مجلس الامن. ومكانة بورقيبة في قلوب الجزائريين جعلهم يعلنون الحداد عند وفاته مدة سبعة ايام.
فخر... واعتزاز
العم محمد بن بوجمعة ميصار من مواليد (1920) بتونس وهو يشتغل في الفلاحة استقبلنا بكل رحابة صدر رغم تقدمه في السن وأفادنا بأنه سعيد بأن الله اطال في عمره ليحتفل مع ابناء وطنه الشعب الجزائري بيوم 5 جويلية بالذكرى الخمسين للاستقلال وهو تاريخ يعتز به هو وكافة ابنائه الذين ولدوا في تونس, وحافظوا على جنسيتهم الجزائرية, لان تونسوالجزائر تربطهما صداقة اخوية ونضالية وتاريخية.
ويضيف محدثنا بانه ولد في تونس وهو سعيد بتواجده في ارض المحبة وهو يهنئ شعب تونس بثورته المباركة. كما يهنئ الشعب الجزائري بهذا الحدث الهام الذي ضحى من اجله مليون شهيد لتنعم الجزائر باستقلالها وحريتها.
وهو يتمنى للشعبين الشقيقين تحقيق طموحات الاجيال الصاعدة والعيش في كنف الرخاء والازدهار والحرية والديمقراطية.
مقدمة : بناءً على ما تضمنته المادة 17 من الباب الثالث من نصوص اتفاقيات ايفيان والمتضمن إجراء استفتاء خلال فترة تتراوح من ثلاثة إلى ستة أشهر من تاريخ نشر النص على أن يحدد هذا التاريخ وفقا لاقتراح الهيئة التنفيذية بعد شهرين من تنصيبها.
2. التحضيرات للاستفتاء: في إطار صياغة جملة الضمانات والشروط المفصلة بتنظيم الأحكام العامة خلال المرحلة الانتقالية اعتبارا من يوم 19 مارس 1962 وبناءً على ذلك، واستنادا إلى ما تضمنه نص الجزء الثالث من مواد ضمانات تنظيم الاستفتاء على تقرير المصير والجزء الرابع من الاتفاقيات الذي ينص على تشكيل قوة محلية للأمن غايتها الإشراف على استفتاء تقرير المصير وقد جاءت المواد 19، 20 و21 لتحديد مواصفاتها والصلاحيات التي تضطلع بها، بقي الجيش وجبهة التحرير الوطني يستعدان لإجراء الاستفتاء في جو من الحيطة والحذر إلى أن حل الفاتح من جويلية 1962.
وقد اجتمعت لهذا الحدث التهيئة والتحضيرات العامة لتعبئة الشعب منها توزيع مناشير على المواطنين لتوعيتهم وحثهم على المشاركة بقوة في هذا الحدث بعد أن ضبطت الهيئة التنفيذية المؤقتة بمقرها في روشي نوار (بومرداس حاليا) موعد استفتاء 1 جويلية 1962، حيث استجاب المواطنون بنسبة كبيرة جدا لهذا الحدث الهام، وتضمنت استمارة الاستفتاء الإجابة بنعم أو لا على السؤال التالي : هل تريد أن تصبح الجزائر دولة مستقلة متعاونة مع فرنسا حسب الشروط المقررة في تصريحات 19 مارس 1962.
3. نتائج الاستفتاء: في 2 جويلية شرع في عملية فرز الأصوات، كانت حصيلة النتائج لفائدة الاستقلال بأغلبية مثلما أكدته اللجنة المكلفة بمراقبة سير الاستفتاء صباح يوم 3 جويلية 1962، فمن مجموع المسجلين المقدرين ب6.549.736 موزعين على 15 مقاطعة عبّر 5.992.115 بأصواتهم منهم 5.975.581 أدلى بنعم، و 16.534 ب :لا.
4. الاعتراف بالاستقلال: بمقتضى المادة 24 من الباب السابع المتعلقة بنتائج تقرير المصير وطبقا للمادة 27 من لائحة تقرير المصير: تعترف فرنسا فورا باستقلال الجزائر. يتم نقل السلطات فورا. تنظم الهيئة التنفيذية المؤقتة في خلال ثلاثة أسابيع انتخابات لتشكيل الجمعية الوطنية الجزائرية التي تتسلم السلطات.
وبناء على ذلك أعلنت نتائج الاستفتاء يوم السبت 3 جويلية 1962 وبعث الرئيس الفرنسي شارل ديغول إلى السيد عبد الرحمن فارس رئيس الهيئة التنفيذية المؤقتة للجمهورية الجزائرية رسالة تحمل الاعتراف باستقلال الجزائر. واعتبر يوم الاثنين 5 جويلية 1962 التاريخ الرسمي لاسترجاع السيادة الوطنية التي سلبت في ذات اليوم من سنة 1830.
يثير الكاتب والمؤرخ البريطاني مارتن ليفانس الذي قدّم عدة أعمال عن تاريخ الجزائر الحديث في كتابه الأخير «الجزائر حرب فرنسا غير المعلنة» في ما يلي بعض النقاط منها:
يحدد المؤلف ثلاث مسائل أساسية لا بد منها لتحليل الأسباب الكامنة وراء حرب التحرير الجزائرية. والمسألة الأولى تكمن برأيه في ذلك الحقد العميق والدفين، الذي عرفه أبناء الجزائر، بسبب العنف الدموي المفرط للحملة العسكرية الفرنسية، وللمعاملة السيئة التي تلت ذلك من قبل المستعمرين، وبهذا المعنى يتحدث ايفانس عما يسميه «الحقد الطويل الأمد».
والمسألة الثانية التي شكّلت السبب العميق لانتفاضة الجزائريين، يحددها المؤلف ببروز حركة وطنية حديثة ومصممة، بعد الحرب العالمية الثانية. فهذه الحركة هي التي قادت نضال الجزائريين وصولا إلى بداية حرب التحرير عام 1954. وتلك الحرب استمرت حتى عام 1962 مع إعلان استقلال الجزائر. والتي كانت حربا مدمّرة للبنى الأساسية للبلاد.
وكانت أكلافها البشرية وقوع مئات الآلاف من الضحايا. ويتم التأكيد في هذا السياق، على أن ضراوة العنف التي شهدتها تلك الحرب من قبل الطرفين، كان لها أثر نفسي خطير على البلاد المستقلة حديثا، إذ كانت النخبة العسكرية لجبهة التحرير الجزائرية، هي التي وصلت إلى السلطة، ولا تزال إلى هذه الدرجة أو تلك.
أما المسألة الثالثة، فيتم تحديدها بوجود إرادة مصممة لدى السلطة الفرنسية الاستعمارية، للوصول إلى طريق ثالث، عبر مصالحة بين الثوار الجزائريين والمستوطنين الفرنسيين عند بداية ثورة التحرير الجزائرية. وهذه النقطة الأخيرة تقدم أطروحة فريدة، مفادها أن الجبهة الجمهورية، التي تولّت الحكم في فرنسا، ما بين شهر جانفي عام 1957 وشهر ماي 1957، بزعامة غي موليه، الاشتراكي، أرادت تقديم إجابة فرنسية على الانتفاضة التحررية الجزائرية وذلك على أساس الأسطورة التحضيرية التمدينية لفرنسا، من جهة. كما يجري التأكيد من جهة ثانية، على أن الحركة الوطنية الجزائرية «الإقطاعية والمتزمتة»، ليست سوى ممر تعبر منها الشيوعية إلى الجزائر. ومثل هذه الأطروحة، شكلت مبررا لزيادة حدة الحرب عبر إرسال المجنّدين الجدد، في ربيع عام 1956 إلى الجزائر، مع دعوة 400000 من الاحتياط، ومنح سلطات استثنائية للجيش، من أجل إنهاء التمرّد والرفض الحاسم للمفاوضات مع جبهة التحرير الجزائرية.