فجّر عضو الكونغرس الأمريكي فرانك وولف قنبلة من العيار الثقيل حيث تقدم بمذكرة قانونية يطالب فيها بالتحقيق مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في مستندات منسوبة إليهما من جهات أمنية أمريكية. هذه المستندات تفيد دعمهما لجماعة الاخوان المسلمين بحوالي 50 مليون دولار في الانتخابات الرئاسية المصرية. وقال وولف الذي يعتبر واحدا من أشهر أعضاء الكونغرس عن ولاية فرجينيا انه يمتلك الأدلة والمستندات التي تكشف كيف تلاعب أوباما وكلينتون بأموال الشعب الأمريكي لتصعيد مرشح جماعة الاخوان في مصر، وأكد أنه سيقوم بعمل حملات اعلانية في كبري الصحف العالمية لفضح مخطط أوباما وهيلاري كلينتون.
جسور من العلاقات
وأشار الي أن البيت الأبيض قرر التضحية بمصالح الشعب الأمريكي مقابل اقامة جسور من العلاقات مع الجماعة الاسلامية في مصر. وندد وولف بممارسات البيت الأبيض التي تسعي الى خلق مناخ من الفوضى في الشرق الأوسط مشيرا الي أن مساندة جماعة الاخوان المسلمين جاءت لنشر مسلسل من الفوضى في مصر ولزيادة الضغط علي الأقباط والأقليات غير المسلمة في مصر.
وقال وولف الذي يتابع ملف الأقباط في مصر منذ سنوات انه لن يصمت ولن يتراجع عن محاكمة أوباما ووزيرة خارجيته، مؤكدا أن أمريكا ستدفع الثمن غاليا في حال تصعيد جماعات العنف بأموال الشعب الأمريكي حسب تعبيره.
وقال وولف ان أمريكا وافقت علي مساندة جماعة الاخوان بعد تعهدات شاملة من تلك الجماعة بالحفاظ على المعاهدات الدولية خاصة اتفاقية كامب ديفيد. ومازالت القنبلة التي فجرها وولف يتردد صداها في كل ولايات أمريكا، لكن لا توجد تحقيقات بشأنها كما أنه لم تتم مساءلة «وولف» حول المستندات التي يمتلكها وحول حقيقة الأموال التي قام البيت الأبيض بدفعها لصالح مرشح الاخوان.
وتزامنت تصريحات فرانك وولف مع العديد من الزيارات التي قام بها أعضاء في حزب «الحرية والعدالة» الي الولاياتالمتحدة وكذلك التصريحات التي أدلى بها مجموعة من قيادات الجماعة وعلي رأسهم خيرت الشاطر الذي أدلي بتصريح غاية في الخطورة في شهر أفريل الماضي لصحيفة «واشنطن تايمز» حيث قال ان الجماعة ملتزمة تماما بالاتفاقيات الدولية وان حماية أمن اسرائيل جزء من تلك الالتزامات.
وقد قام وفد من حزب «الحرية والعدالة» أيضا بزيارة أمريكا قبل اجراء الانتخابات الرئاسية والتقي هذا الوفد مع عدد من المسؤولين الكبار في البيت الأبيض، ونشرت «واشنطن تايمز» تقريرا في صدر صفحتها الأولى قالت فيه ان جماعة الاخوان المسلمين يسعون للتحالف مع الولاياتالمتحدة مقابل التزامهم الشامل بمعاهدة اسرائيل وحماية أمن تل أبيب مقابل الدعم الأمريكي ووصول مرشحهم الي الحكم.
وعلي الرغم من أن الرئيس محمد مرسي أكد في أول خطاب له عقب اعلان النتائج الرسمية أنه ملتزم باتفاقيات مصر الدولية، وهو ما يؤكد أن التفاهم بين البيت الأبيض والجماعة تم قبل اعلان النتائج فان تصريحات فرانك وولف التي هزت البيت الأبيض مازالت مجرد تصريحات لم يتم التحقيق في المعلومات الواردة حولها، ولا شك أن كثيرا من أوراق اللعبة الانتخابية وما جرى في الكواليس قبيل اعلان النتائج الرسمية مازال مجهولا وغير معروف، وان كانت بعض التصريحات والتقارير المنشورة بالصحف الغربية تكشف جانبا من بعض تفاصيل تلك اللعبة.
ورقة مبارك
وفي هذا الصدد يرى البعض أن البيت الأبيض كان يفضل «شفيق» باعتباره ورقة مبارك القوية وباعتباره الرجل الاقرب الى واشنطن والذي لن يمانع في أي اجراءات قد تتخذها واشنطن، ولكن الحقائق التي تتكشف حاليا تؤكد أن أمريكا هي الأخري توقفت عن دعم رجال النظام السابق وبدأت تلعب بأوراق جديدة لتضمن ولاءهم للسياسات الأمريكية.
ويعتقد البعض أن أمريكا لا يمكن أن تقيم علاقات مع جماعة الاخوان وأنها تقف منهم موقف العداء، ولكن العلاقة بين الاخوان والأمريكان ليست مفاجأة بالنسبة لمن يعرفون تاريخ الاخوان السياسي، فالتاريح شهد وقائع عديدة، فقد التقي مرشد عام الجماعة مأمون الهضيبي بمسؤولي السفارة الأمريكية في القاهرة وعقد معهم اجتماعا استمر 3 ساعات وطلب منهم تصفية بعض عناصر الثورة خاصة جمال عبد الناصر، بل وطالب الهضيبي عبر ممثله الشخصي لدى الخارجية الأمريكية بتأييد الاخوان لمساعي التسوية مع اسرائيل من خلال اتصالات بزعماء اليهود في الخارج وفي اسرائيل، وتلك المعلومات كما أوردها الكاتب عبد الفتاح عساكر في مؤلفاته هي عبارة عن الوثائق الأمريكية السرية التي تم الافراج عنها عام 1984، وكان الباحث المصري رضا أحمد شحاتة أستاذ العلاقات الدولية والسفير بوزارة الخارجية المصرية آنذاك قد جمع تلك المعلومات الموثقة من الوثائق الأمريكية وقارنها بعشرات الوثائق المكتوبة والمحفوظة في لندنوواشنطن وأصدر كتابه المهم «تطور واتجاهات الخارجية الأمريكية نحو مصر منذ الحرب العالمية الثانية وحتي انتهاء حرب السويس» .