قدّم رئيس المؤتمر التاسع لحركة النهضة عبد اللطيف المكي خلال ندوة صحفية نتائج المؤتمر وأبرز ما جاء في بيانه الختامي كما قدّم تركيبة مجلس الشورى المنتخب الذي بدأ أمس مشاوراته لاستكمال تركيبته ولوضع تصور لاختيار المكتب التنفيذي. واستعرض المكي أبرز ما جاء في البيان الختامي للمؤتمر التاسع قائلا إن البلاد تمر بمرحلة تحوّل كبرى وإن المطلوب أن نلج إلى عصر جديد وإطلاق دورة حضارية جديدة تكون الديمقراطية والاقتصاد أحد أبرز مفاتيحها».
واكّد المكي ضرورة قيام تحالف بين رجل السياسة ورجل العلم والفكر لولوج هذا العصر الجديد، موضحا أن توجهات الحركة ستكون منصبة في المرحلة القادمة على الاستثمار في النخب لتلعب دور القاطرة في بناء هذا الزمن الجديد، وأن المؤتمر اتخذ قرارا طالب فيه مجلس الشورى أن يستنتج ثلاث استراتيجيات حول 3 محاور وهي الشباب والمرأة والإطارات والنخب لأن هذه القوى هي القادرة على أن تقود المجتمع نحو أهدافه في الحرية».
خيارات وأهداف المرحلة
وأضاف المكي أن المؤتمر ناقش جملة من الخيارات واعتبر أن الهدف الأساسي للمرحلة هو استكمال الثورة وإنجاح تجربة الحكم وحسم ميزان القوى لصالح الثورة في الانتخابات القادمة، وهذا يتحقق بالتسريع ببسط ثقافة الثورة واخلاقها في المؤسسات وإعادة هيكلة الإدارة قانونيا وتنظيميا وتطهيرها من الفساد والمفسدين وبناء توافق سياسي واسع يتحمل أعباء المرحلة باعتبارها رحلة تأسيس وبناء وتثبيت خيارات الثورة، ودعم استقلالية المجتمع المدني وقوته وإشعاعه ورفع مستوى الحركة فكريا واستراتيجيا بما يؤهلها لإدارة مرحلة التأسيس. وأكّد المكي أنّ المؤتمر قرر أيضا جملة من النقاط أبرزها: تأسيس دولة مدنية راسخة الأركان تنهل من قيم الإسلام ومن كل خبرة بشرية جُرّبت فصحّت. ترسيخ مبدإ الشراكة في الحكم بين القوى الوطنية الأساسية. تحقيق القطيعة التامة مع منظومة الحكم الفردي الاستبدادي، ونعتبر أن النظام البرلماني هو الأقرب لتأدية هذه الخصائص في واقعنا الراهن. تكليف المؤسسات القيادية المنبثقة عن المؤتمر بتبني موقف حاسم يقضي بمنع رموز التجمع المنحل من العمل السياسي. ضرورة أن يعكس النظام الانتخابي إرادة الشعب والأوزان الحقيقية للأطياف السياسية بأمانة. دعم علاقاتنا مع الحركات المؤيدة للثورة وخاصة التيارات الإسلامية الوسطية ومد جسور الحوار والتواصل مع الجميع حماية لبلادنا من نزعات التشدد والعنف. تأكيد الدور الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل كمنظمة مستقلة ديمقراطية ومناضلة وفي تحقيق أهداف الثورة وإنجاح الانتقال الديمقراطي. تفعيل قانون العفو التشريعي العام باعتباره جبرا للأضرار وردّا للاعتبار وليس تعويضا عن التضحيات. ضمان درجات أعلى من نزاهة الإعلام ومهنيته وريادته في تحقيق أهداف الثورة وإنجاح الانتقال الديمقراطي. ضمان حرية التعبير والإبداع بما لا ينال من قيم التعايش، مع تجريم التعدي على المقدّسات باعتباره عدوانا على حرية الغير.
رؤية مجتمعية
وصادق المؤتمر على رؤية للمجتمع ودوره في بناء المستقبل مؤسسة على المبادئ الإسلامية في هذا الشأن، وتقوم هذه الرؤية على ما جاء في الخطاب الديني من تكليف للمجتمع بأن يكون هو القائم بمهمة التعمير في الأرض بصفة أصلية.
ودعا المؤتمر كذلك إلى مشروع إصلاح شامل للتعليم يتجه إلى تخريج أجيال متجذرة في هويتها العربية الإسلامية متكونة في عقولها على الريادة والمبادرة، تأسيا بريادة الشعب في القيام بثورته.
وفي مجال الأسرة دعا المؤتمر إلى تدعيم هذه المؤسسة وإحاطتها بالرعاية للمحافظة على تماسكها وقوتها واستقرارها، كما دعا إلى أن يكون التعليم الزيتوني في القلب من هذا المشروع الإصلاحي ليستعيد دوره في الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية ولتصبح تونس من خلاله مركزا ثقافيا وعلميا عالميا.
ودعا المؤتمر إلى دعم حقوق المرأة والحفاظ على مكاسبها كمواطنة تونسية موفورة الكرامة وتوفير الضمانات الدستورية التي تكفل لها المساواة في الحقوق والواجبات وتكافؤ الفرص في المجتمع.
وتحدث رئيس الحركة راشد الغنوشي من جانبه عن كيفية تشكيل المكتب التنفيذي للحركة قائلا إنه حتى الآن ليس هناك تصور لهذا الموضوع وإن المشاورات انطلقت أمس حيث لا يتشكل المكتب إلّا على ضوء اللائحة التنظيمية التي أُقرّت الليلة قبل الماضية وبدأ امس تنفيذها، مشيرا إلى أن هذا التنفيذ مرتبط أيضا بمجلس الشورى، الذي يراقب عمل الهياكل وبالتالي فإن أول خطوة هي انعقاد مجلس الشورى واستكمال الثلث المتبقي في تركيبته وبعد ذلك تأتي بقية الخطوات ويتم تقديم تصور للمكتب التنفيذي.
وردّا على سؤال حول ضعف نسبة النساء الممثلات في مجلس الشورى (6 نساء من بين 100 عضو) قال الغنوشي إن انتخابات مجلس الشورى أخذت عدة اعتبارات منها التمثيل الجهوي والقطاعي والاستناد إلى «الشرعية السجنية» و«شرعية المهجر» موضحا انّ معظم مساجين الحركة كانوا من الرجال الذين كان وراءهم نساء صامدات، وانّ هذا الأمر لن يتكرر في المؤتمرات القادمة.