السيد سالم لبيض المحلل السياسي يقول في نفس الاتجاه « تجربة الأحزاب السياسية مع زعاماتها محكومة بإرث مرحلة الاستبداد السياسي من ناحية حيث أن هذه الأحزاب لم تعرف الديمقراطية في علاقتها بالسلطة وفي علاقتها ببعضها البعض وقد انعكس احتكار السلطة في الأرجح على الأحزاب في الداخل فبات لكل حزب أو تنظيم زعيم أو قائد ملهم يسيطر على جميع خيوط اللعبة السياسية في داخل الحزب ويوظفها من أجل أن يستمر في موقع القيادة». ويرى السيد سالم لبيض أن الأحزاب السياسية بعد الثورة توفرت لها فرصة لإعادة هيكلة نفسها وتنظيم صفوفها لكن الكثير منها اختارت أن تحافظ على قياداتها التاريخية من أجل الحيلولة دون انقسامها إلى مجموعة أحزاب أو تيارات ويضيف « لكن هذه الأحزاب وجدت نفسها في امتحان صعب إبان انتخابات المجلس التأسيسي الذي أعطى نتائج غير مرضية للكثيرين منها ولزعاماتها حتى أن البعض ترشح للانتخابات وفشل في الحصول على مقعد في التأسيسي وهنا كان على الأحزاب أن تثبت أنها أحزاب عصرية مستجيبة لمقاييس العمل السياسي العصري كما هو الحال في المجتمعات الديمقراطية وأن تنسحب قياداتها التي فشلت في الانتخابات وتترك مكانها لصف آخر من القياديين كما هو متعارف عليه في الأحزاب الأوروبية والأمريكية لكن الذي وقع غير ذلك لأن قيادات الأحزاب لا تقيم أداءها من الناحية السياسية وهو المقياس الحقيقي لكنها تقيم أداءها من خلال قدرتها على إدارة المشهد الداخلي للأحزاب ولذلك وبالرغم من الفشل الذي عرفه بعضها لم نلاحظ تجديدا في القيادات وفي المسؤوليات».
وفي المقابل يرى سالم لبيض أن هذا الكلام لا ينسحب مبدئيا على حركة النهضة في هذه المرحلة من تاريخها معللا ذلك بقوله «قيادة الحركة التي تولت الأمر في الإنتخابات واستطاعت العودة إلى مركز القيادة في المؤتمر التاسع تبرر محافظتها على مركزها بنجاحها في ادارة الانتخابات وتمكين النهضة من الوصول الى السلطة وهو ماكانت تطمح اليه الكثير من الأحزاب وهنا نلاحظ ان النهضة اعتمدت معيار عدم الاستغناء عن فريق ينتصر ولعلها تجد نفسها مضطرة لتغيير فريقها إن هي فشلت في الانتخابات القادمة أما إذا حافظت على فريق القيادة من موقع فشل فسينسحب عليها ما ينسحب على بقية الأحزاب التقليدية وغير التقليدية التي ظهرت أو أعادت تنظيم نفسها ولم تحقق المرجو أو المطلوب منها».