الفيتو المزدوج (روسي صيني) في مجلس الأمن الرافض لوضع سوريا تحت الفصل السابع مما كان سيبيح استخدام القوة يعدّ رجّة هائلة يفترض أن تطرح سؤالا جوهريا: لماذا يصر الغرب ومعه بعض العرب على النظر الى الأزمة السورية بعين واحدة وهل يمكن اطفاء حريق مستعر بسكب الزيت على النار؟ فبريطانيا التي تقدمت بمشروع القرار ومن ورائها القوى الغربية الكبرى تدرك جيّدا أن ما يحدث في سوريا لم يعد حراكا سياسيا ولا حتى غضبا شعبيا طلبا لاصلاحات سياسية.
ما يجري هو حرب مسلّحة تخوضها عصابات مدرّبة وممولة ومسلحة ضد أجهزة الدولة... ويبقى السؤال في رسم بريطانيا وأمثالها: ماذا تفعل أجهزة الدولة البريطانية (وفي كل الدنيا) ضد مجموعات مسلّحة تنحرف بالحراك الشعبي الى خانة التفجير والقتل والتدمير... هذا من جهة، أما من الجهة المقابلة فإن بريطانيا ومن معها تدرك جيدا أن لعبة دولية كبرى تدار على الأرض السورية... لعبة شرارتها مطالب الاصلاح والتطلعات الديمقراطية المشروعة... ووقودها حسابات ومصالح اقليمية ودولية تبدأ بفتنة طائفية أطلت برأسها في العراق ويراد لها أن تحرق سوريا... وتنتهي بتفتيت سوريا لاقصائها من كل توازنات وترتيبات وحسابات المنطقة من خلال تفتيتها وتحجيم دورها نهائيا كداعم للمقاومة في لبنان وفلسطين وكقوة تحدث نوعا من التوازن مع الكيان الصهيوني من خلال ما بنته من مقومات القوة ومن خلال تحالفها مع إيران وعلاقاتها المتميزة مع روسيا والصين... وكل هذه أهداف معلومة ولكنها غير معلنة في هذا الصراع المحموم نحو وضع سوريا تحت سيف الفصل السابع للاجهاز عليها خدمة لمشروع «الشرق الأوسط الكبير» وخدمة لمصالح الكيان الصهيوني وخدمة لمشروع كشف المقاومة وعزل ايران، وكل ذلك تحت يافطة برّاقة عنوانها مطالب الاصلاح وتوق الشعب السوري الى الديمقراطية...
فإلى متى تستمر هرولة بعض العرب وتطوعهم بتمويل وتسليح مخططات هدفها ذبح سوريا الوطن والعمق والدور خدمة للصهاينة ولأعداء الأمة؟ ثم ألا يدرك هؤلاء أن النار التي قد تحرق سوريا لا قدر ا& لن تقف عند حدودها وهم يرون «قدرات» الارهاب على القتل والتدمير كلما توفر له الدعم المادي والغطاء السياسي؟ والى متى هذا الصمم والعمى عن خيار الحل السياسي الذي تطرحه القيادة السورية وتدعمه روسيا والصين وخطة المبعوث الأممي كوفي عنان؟