يقول التاريخ إن الألعاب الأولمبية القديمة لعبت دورا هاما في تجميع شعوب اليونان في عصور ما قبل المسيح خاصة منذ إطلاق ما سمي بالهدنة الأولمبية في أواخر القرن الخامس وأوائل القرن السادس قبل الميلاد والتي كانت تفرض رفع الراية البيضاء وملازمة فترة سلم تناهز الشهر من قبل المتحاربين أثناء الألعاب الأولمبية. ومن خلال إعادة إحيائه للألعاب الأولمبية التي التأمت نسختها الحديثة الأولى سنة 1896 بالعاصمة اليونانية أثينا جعل البارون بيار دي كوبرتان من الهدنة الأولمبية أبرز أهداف نضاله الأولمبي لإيمانه العميق بأن التنافس الرياضي والتلاقي الثقافي يمثلان أفضل السبل لتقريب الشعوب ونشر السلام بنبذ كافة أنواع التفرقة والعنف.
إن ما جعلني استحضر فلسفة الهدنة الأولمبية قبل بضعة أيام من انطلاق الدورة الثلاثين للألعاب الأولمبية الصيفية الحديثة لما فيها من نبل وقيم فاضلة، هو ما نشاهده في الفترة الأخيرة وخاصة في مداولات يوم الخميس بالمجلس التأسيسي من تجن على أبسط مبادئ التعامل الحضاري والأخلاق الحميدة واحترام الشعب انطلاقا من حسابات ومصالح سياسية ضيقة لا صلة لها بتاتا بمصلحة الوطن جعلت من بهو المجلس حلبة صراع خسيس بل قل هي حرب شرسة من أجل هدف واحد يحرك كافة المتنافسين وهو ذلك الكرسي اللعين الذي انحدرت من أجله المستويات ونتنت وراءه الألسن إلى درجة لا تطاق.
ففي الوقت الذي كنا ننتظر من السياسيين أن يقتفوا بمعاني أعظم تظاهرة إنسانية تجمع كافة حضارات وثقافات العالم في أكبر فضاء رياضي بلندن انطلاقا من يوم 27 جويلية تماما كما هو الشأن كل أربع سنوات، صدمنا حقا بوقوف نوابنا الموقّرين بمنحى عن التاريخ. كنا نتمنى أن نسمع أحدهم يذكر الألعاب الأولمبية ويذكر بمقاصدها النبيلة ويدعو جميع المتنافسين بالمناسبة إلى هدنة أولمبية علها تخفف من توتر الأعصاب وتعيد مشاعر الحب والتضامن بين نواب الشعب الواحد... كم أنتم بحاجة فعلا، حضرات النواب، إلى حصة مطالعة لتاريخ الحركة الأولمبية وفكر بيار دي كوبرتان وتضحيات القمودي والملولي حتى تدركوا معنى الرياضة والفكر الأولمبي! كم نحن بحاجة لتدركوا ذلك حتى توفروا عنا ضجيجكم وقلة احترامكم لنا... المطلوب منكم هدنة أولمبية ولتحيا الألعاب.