أوصى داود عليه السلام بالملك لولده سليمان، ولما مات داود ورثه سليمان في الملك وكان عمره حينئذ (12) سنة ويروي ابن الأثير في الكامل: أن عمره كان ثلاث عشرة سنة، وقد كان مع حداثة سنه من ذوي الفطانة والذكاء، وحسن التدبير والسياسة، وقد أعطاه اللّه الحكمة وحسن القضاء منذ الصغر، وقد ذكر القرآن الكريم طرفا من ذلك النبوغ والذكاء الذي كان عند سليمان وذلك في الفتوى التي عرضت على أبيه، فأفتى فيها (داود) بوجه وأفتى فيها (سليمان) بوجه آخر، وكان أضمن للحق وأقرب للصواب كما قال تعالى {وداود وسليمان إذْ يحكمان في الحرْث، إذ نفشت فيه غنُم القوم وكنّا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلاّ آتينا حكما وعلما..}، فقوله تعالى {ففهمناها سليمان} يدل على أن ما أفتى به سليمان كان أقرب للصواب وقوله {وكلاّ آتينا حكما وعلما} يدلّ على أن داود وسليمان كانا على جانب عظيم من الحكمة والعلم. وتفصيل القصة ذكرها المفسّرون: أن زرعا دخلت فيه غنم لقوم ليلا فأكلته وأفسدته، فجاء المتخاصمون الى داود وعنده سليمان، وقصّوا عليه القصّة فحكم داود بالغنم لصاحب الزرع عوضا عن حرثه الذي أتلفته الغنم ليلا فقال سليمان وهو ابن احدى عشرة سنة غير هذا أرفق، تدفع الغنم الى أهل الحرس فينتفعون بألبانها وأولادها وأعشارها وتدفع الحرس الي أهل الغنم يقومون بإصلاحه حتى يعود كما كان، ثم يترادّان بعد ذلك فيعود الى أهل الغنم غنمهم، والى أهل الحرث حرثهم.