هاجمت احدى الحركات السلفية في مصر ذكرى ثورة 23 جويلية التي أطاحت بالنظام الملكي في مصر قبل 60 عاماً، واصفة ذكرى الثورة ب«السوداء»... وهو ما فجر غضب القوميين. واعتبرت حركة «حازمون» السلفية، في بيان على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أن ذكرى ثورة 23 جويلية في عامها الستين هي «ذكرى سوداء حوَّلت مصر إلى دولة عسكرية».
افتراءات وحقد
ورأت «حازمون» أن ما سمّته «العهد الناصري» «نسبة إلى الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر» الذي حكم البلاد بعد ثورة جويلية هو «عهد قمع وقتل وإعدامات».بحسب زعمها.
وأضافت أن «ثورة جويلية كانت عهد ضياع الأوطان.. مصر وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين، وعهد الحكم العسكري فى معظم الدول العربية».على حد تعبيرها. واختتمت «حازمون» بيانها بالقول «يسقط يسقط حكم العسكر».
وفي الاثناء قال الرئيس محمد مرسي، إنه في حياة الأمم ودورات التاريخ أيام مهمة تقف أمامها الشعوب لتستلهم منها مسارها في جميع المجالات، في السياسة والاقتصاد والإبداع والنهضة والتقدم، وتحتاج الأمم لإعادة قراءة تلك الأحداث لتصويب ما يحدث منها من أخطاء..
وفي خطابه المسجل الذي أذيع عقب صلاة التراويح الليلة قبل الماضية بمناسبة الاحتفال بذكرى ثورة جويلية قال مرسي: «إن ثورة 23 جويلية سنة 1952 كانت لحظة فارقة في تاريخ مصر المعاصر، وأسست الجمهورية الأولى.. كانت ثورة 23 جويلية بأهدافها الوطنية بداية لتمكين الشعب المصري من تقرير مصيره بيده وليكون مصدر السلطة وصاحب الشرعية، وخاضت الثورة معركة الجلاء والاستقلال، ودعمت حركات التحرر من الاستعمار في المنطقة».
وتابع قائلا: «إن الثورة نجحت في تحقيق ودعم بعض أهدافها ولكنها تعثرت في أخرى، وخاصة في ما يتعلق بالديمقراطية الحقيقية، حيث تراجعت الأنظمة في التأسيس لديمقراطية حقيقية، وفشلت التجربة الديمقراطية في مصر تماما في الثلاثين سنة الأخيرة بفعل الاستبداد والتزوير والظلم».
وتشهد الساحة المصرية منذ أسابيع حالة غير مسبوقة من الجدل بين مؤيدي ثورة 23 جويلية وبين من يطالبون بوقف الاحتفالات بها وأبرزها حركة «حازمون» التي تأسست من مؤيدين للمرشح المستبعد من سباق انتخابات رئاسة الجمهورية حازم أبو إسماعيل، وتيارات وحركات تنتمي إلى تيار الإسلام السياسي.
وقد انتقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية في رسالة وجهها الى الشعب المصري الأحد، الهجوم الذي تتعرض له ثورة 23 جويلية ومحاولات التشويه المتعمد لها، مؤكداً أن «الإنجازات التي حققتها الثورة لمصر وشعبها العظيم لا يُنكرها إلا جاهل أو خائن»..
وقال عمرو موسى في بيان له امس أن المبادئ الرئيسية التي نادت بها الثورة كان لها دور هائل في تشكيل التوجه المصري والعربي وهي مبادئ الاستقلال الوطني والانتماء العربي والعدالة الاجتماعية.
وأضاف أن احتفالنا اليوم بالعيد الستين لثورة 23 جويلية إنما هو تأكيد لاستمرار التزامنا بهذه المبادئ. وشدد موسى في بيانه علي ضرورة أن نحيي في هذه الذكري قيادة جمال عبدالناصر زعيم هذه الثورة ونحيي دوره القائد الرائد علي المستويات العربية والعالمية. وقال موسى إن ثورة 25 جانفي جاءت لتستكمل حلقات نضال مصري مستمر يرفض التبعية ويطالب بالحرية وبالكرامة وبالعدالة الاجتماعية منذ ثورة 23 جويلية. وجاءت ذكرى ثورة جويلية هذا العام والتي قادها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وسط جدل سياسي بمصر، بعد أن عبر عدد من شباب الثورة، ضمنهم منسق حركة «6 أفريل»، أحمد ماهر، عن رفضهم لأحياء ذكراها كونها تمثل بداية لحكم العسكر لمدة 60 عاما، واعتبار الثورة هي «25 جانفي» فقط، على حد قوله.. كما طالب ماهر بأن يكون النزول في هذا اليوم ليس للاحتفال بالثورة، وإنما للمطالبة بإنهاء «حكم العسكر» الذي تعتبر بعض القوى السياسية بأنه مازال مسيطرا على مقاليد الحكم بالإعلان الدستوري المكمل، في حين يطالب مؤيدو المجلس العسكري بالنزول في مظاهرات حاشدة كبيرة للاعتراض على «حكم المرشد»، بالإشارة لمرشد جماعة الإخوان المسلمين..
وكان خطاب شهير للرئيس المصري، محمد مرسي، ألقاه بميدان التحرير، قد أحدث غضبا بين قطاعا «كبيرا» من المصريين، حين قال جملته الشهيرة «ما أدراك ما الستينات» وذلك في إشارة لما تقوله جماعة الإخوان المسلمين عن تعرضها للظلم والاعتقال في تلك الحقبة من تاريخ مصر..
وقال الخبير العسكري سامح سيف اليزل، إن المطالبات بإلغاء الاحتفال بثورة جويلية، «يدخل في نطاق العيب، حيث لا يمكن تجاهل تاريخ مصر القائم و الموجود والمؤرخ، كما لا يمكن لأحد أن يعود بالتاريخ إلى الخلف، إذ غيرت ثورة جويلية الحياة بمصر من الملكية إلى الجمهورية، وحققت عدالة اجتماعية وقضت على الإقطاع، وساعدت حركات التحرر في إفريقيا والدول العربية».
رفض وتأكيد
وقال عضو مجلس الشعب عن حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، صابر أبو الفتوح، “لا ينبغي أن يلغى التاريخ حتى وإن كان مسيئا أو ادخل عليه ما ليس فيه من قبل مؤرخين تواطؤوا في كتابة التاريخ بإنكار دور الجماعة في نجاح ثورة جويلية واختزالها في بعض العسكر الذين استولوا على السلطة” على حد تعبيره.
ووصف قيادي يساري فترة حكم الزعيم جمال عبد الناصر ب«المجيدة»، والتي “لم يشبها سوى عدم وجود تعددية حزبية وحياة ديمقراطية سليمة، ولكنها في المقابل حققت انجازات عظيمة وأوجدت حلولا سريعة للعديد من المشكلات الاجتماعية و الوطنية للبلاد”.
وأشار إلى “قانون الإصلاح الزراعي وتوزيع أراضي كبار الملاك على الفلاحين وإنشاء مصانع وتوسيع نطاق التعليم المجاني واستقلال البلاد عن الاستعمار الأجنبي والتصدي للعدوان الثلاثي وعقد قمة عدم الانحياز” وغيرها.
وكانت مجموعة من السياسيين قد رفضوا تصريحات ماهر عبر صفحاتهم الشخصية بموقع تويتر، أبرزها للنائب السابق مصطفى النجار الذي قال «تعقلوا يا شباب الثورة كفانا عداء للمجتمع».
كما قال الاستشاري ممدوح حمزة “للأسف ثورة جانفي جعلت من بعض الجهلة يتطاولون على ثورة جويلية التي دونها ما كانوا قد تعلموا من الأساس، كما طالب بالاحتفال بها في ميدان التحرير ”.