يعيش التونسي هذه الأيام على وقع المهرجانات الصيفية والسهرات الرمضانية والدراما التونسية... تخمة من البرامج شتتت ذهن المشاهد، فمن المنزل إلى المقاهي إلى المسارح يجد نفسه أمام كمّ هائل من الأنشطة الثقافية والترفيهية فإلى أين المفر؟ سنوات التسعينات كان شهر رمضان يتزامن وفصل الشتاء فيجد التونسي نفسه أمام خيارين إما الجلوس أمام الشاشة الصغيرة والاستمتاع بالأعمال الدرامية أو الخروج والاستمتاع بمهرجان المدينة والسهرات الرمضانية لكن اليوم اختلفت الأمور فمع تخمة الفضائيات التونسية والعربية تزامنت المهرجانات الصيفية مع مهرجان المدينة فيجد المشاهد نفسه تائها بين هذا وذاك، مسلسلات درامية وبرامج تلفزيونية وسهرات رمضانية وأنشطة ترفيهية تغص بها الفضاءات الثقافية من مسرح قرطاج إلى المسرح البلدي إلى الفضاءات الأخرى يتوه التونسي فيجد نفسه في خيار صعب بين سهرة درامية على الشاشة الصغيرة أو جولة مع فنان على ركح مسرح قرطاج أو رحلة على أنغام النشيد الصوفي في أحد مسارح مهرجان المدينة.
تخمة من البرامج
هذه التخمة من البرامج التي نجدها على الفضائيات التونسية والتي تمرّر في نفس الوقت نقلت العدوى إلى المهرجانات التي تعيش هي الأخرى تخمة أرهقت ذهن الجمهور وجعلته يعزف أحيانا عن الذهاب إلى هذا أو ذاك.
ولئن تعدّدت هذه المهرجانات واختلفت فضاءاتها فإن بعضها عوّل على العروض الأجنبية التي قد لا تشد المشاهد بقدر ما تنفره، وجوه نكرة نجدها على المسارح التونسية ليست لها من صفة سوى أنها أجنبية، فهذا الكمّ الهائل من العروض الفنية والبرامج الرمضانية لا تعكس الكيف بل إن الجانب التجاري طغى على أغلبها ومن الطبيعي أن تسقط هذه الأعمال في الرداءة وخاصة منها المقدمة على الشاشة الصغيرة، كمّ هائل من الأعمال التلفزية وضعف فادح في كتابة السيناريوهات ونفس الشيء بالنسبة لبعض العروض الفنية سواء في المهرجانات الصيفية أو مهرجان المدينة.
البرامج الرمضانية أرهقت المشاهد
فهذه التخمة بين المهرجانات الصيفية والبرامج التلفزية قد أرهقت ذهن المشاهد وشتتت فكره، فلم يعد قادرا على استيعاب ما يحيط به من مادة رمضانية أثقلت كاهلها البرامج التلفزية والمهرجانات والأنشطة الثقافية، مادة أثقلها الكمّ وغاب عنها الكيف أحيانا.
وأكد البعض أن هذه التخمة أضاعت تركيز المشاهد بل جعلته يشتت ذهنه بين مادة وأخرى ليجد نفسه في نهاية الأمر خالي الذهن من أي عمل يذكر. في حين يرى البعض الآخر أن الأعمال الجادّة تبقى محفورة في الذاكرة حتى وإن بثت في وسط العشرات من الأعمال الأخرى.
ويبقى للمشاهد الخيار بين الجلوس أمام الشاشة الصغيرة والتجول من قناة إلى أخرى أو الخروج إلى الفضاءات الكبرى والاستمتاع بالعروض الثقافية والفنية إن وجد ما يمتعه.