كان جند سيدنا سليمان مؤلفا من (الإنس والجنّ والطّير) وقد نظّم لهم أعمالهم ورتّب لهم شؤونهم، فإذا خرج خرجوا معه في موكب حافل، يحيط به الجند والخدم من كل جانب، فالإنس والجن يسيرون معه، والطّير تظلّله بأجنحتها من الحرّ، وعلى كل من هذه الجيوش نقباء ورؤساء يسيرون في عرض رائع، وموكب ملكي حافل، لم تر العين مثله، وقد قصّ علينا القرآن الكريم قصّته عندما خرج بجنده فمرّ على وادي النّمل، فتكلّمت نملة مع رفيقاتها، وفهم سليمان كلامها واعتذارها فتبسّم ضاحكا من قولها وشكر اللّه على نعمه العظيمة التي أغدقها عليه، وطلب من ربّه أن يرزقه الشكر على هذه النعم.. إقرأ قوله تعالى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}. قال ابن كثير: وفي هذا السياق، دليل على أنه كان في موكبه راكبا في خيوله وفرسانه، لا كما زعم بعضهم من أنه إذ ذاك على البساط، لأنه لو كان كذلك لم ينل النمل منه شيء ولا وطء، لأن البساط كان عليه جميع ما يحتاجون إليه من الجيوش والخيول والجمال والأثقال والخيام، والطير من فوق ذلك كله كما سنبيّنه إن شاء اللّه. يتبع