الحلم هو ضبط النفس، وكظم الغيظ، والبعد عن الغضب، ومقابلة السيئة بالحسنة. وهو لا يعني ان يرضى الانسان بالذل او يقبل بالهوان، وإنما هو الترفع عن شتم الناس، وتنزيه النفس عن سبهم وعيبهم. أسلم الطفيل بن عمرو الدوسي واستأذن الرسول صلى الله عليه وسلم في أن يذهب ليدعو قبيلته الى الاسلام، فأذن له الرسول صلى الله عليه وسلّم لكنهم لم يستجيبوا للطفيل فرجع الى النبي صلى الله عليه وسلّم وقال: إن دوسا قد عصت وأبت فادع الله عليهم، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلّم القبلة، ورفع يديه، فقال الناس: هلكوا لأن النبي صلى الله عليه وسلّم سيدعو عليهم، فدعا النبي صلى الله عليه وسلّم وقال: «اللهم اهد دوسا وائت بهم» (متفق عليه) ثم رجع الطفيل الى قبيلته فدعاهم مرة ثانية الى الاسلام فأسلموا جميعا.
ذات ليلة خرج الخليفة عمر بن عبد العزيز ليتفقد أحوال رعيته وكان في صحبته شرطي، فدخلا مسجدا، وكان المسجد مظلما ف فتعثر عمر برجل نائم، فرفع الرجل رأسه وقال له: أمجنون أنت؟ فقال عمر: لا. وأراد الشرطي أن يضرب الرجل، فقال له عمر: لا تفعل، إنما سألني: أمجنون أنت؟ فقلت له: لا. فقد سبق حلم الخليفة غضبه، فتقبل ببساطة أن يصفه رجل من عامة الناس بالجنون، ولم يدفعه سلطانه الى البطش به. كان الصحابي الجليل الأحنف بن قيس، شديد الحلم حتى صار يضرب به المثل في ذلك الخلق، فيقال: أحلم من الأحنف. عن كتاب «الدين القويم في الخلق السليم»