إنجازات اللجان الخاصة بكتابة الدستور... والنقاط الخلافية القائمة بين مختلف الكتل صلب التأسيسي... تلك هي أهم محاور الندوة التي نظمتها جامعة الحزب الجمهوري بالمهدية تحت عنوان «كتابة الدستور.. إلى أين؟» بحضور عدد من أعضاء لجان صياغة الدستور. وأكد عصام الشابي عضو لجنة التوطئة والمبادئ الأساسية وتعديل الدستور على أهم النقاط التي دافعت عنها الكتلة الديمقراطية ومن أبرزها تمسكها بالإسلام دين الاعتدال والتسامح، وبالقيم الإنسانية الكونية، وبالمدرسة الإصلاحية التونسية كمرجعيات نستلهم منها هذه القيم في سنّ فصول الدستور الجديد.
وأضاف أن عمل اللجنة يسوده التوافق بصفة إجمالية من خلال اعتبار التوطئة جزءا من الدستور لا يمكن الاستغناء عنه، والمحافظة على شكل العلم الحالي، والنشيد الوطني الرسمي، والتأكيد على حياد دور العبادة، وحرية المعتقد، وحماية المقدسات، وضمان الحقوق الفردية والعامة، كما تم الاتفاق على تعديل شعار الدولة بإضافة كلمة كرامة إلى الثلاثي السابق (حرية- عدالة – نظام)، إلى جانب إقرار حياد الإدارة، واعتبار اللامركزية أساس التنظيم الإداري.
وفي ذات السياق شدّد الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري عصام الشابي على دسترة دور الجيش الوطني الذي أتى في الحقيقة بطلب من وزارة الدفاع من خلال إيجاد قانون يؤطّر تدخل المؤسسة العسكرية في الحياة المدنية.
وفيما يخص بعض النقاط الخلافية التي اعترضت عمل اللجنة ذكر الشابي الاختلاف الحاصل مع كتلة حركة النهضة التي اقترحت أن يكون للفصل الأول للدستور علوية وأولوية على بقية الفصول، في حين اعترضت الكتلة الديمقراطية وأصرّت على تساوي كل الفصول من حيث القيمة، لينهي مداخلته بالتأكيد على وجوب أن تكون عملية تحوير الدستور معقّدة وصعبة حتى لا تُتاح لمن هو في الحكم مهما كان اسمه إدخال تحويرات تخدم مصالحه.
إياد الدهماني عضو لجنة الحقوق والحريات أشار بدوره إلى الوفاق الحاصل بخصوص الاعتماد على المعاهدات والمواثيق الدولية التي لا تتعارض مع الخصوصية التونسية والعربية الإسلامية بالنسبة للقضايا المتعلقة بالحريات العامة وحرية التفكير والمعتقد، متوقفا عند النقطة الخلافية في مسألة الحريات الفردية، وتحديدا عند فصل تجريم المساس بالمقدسات الذي بدا فضفاضا، وبالتالي يمكن أن يؤدي إلى تقييد الحريات تحت هذا الغطاء، هذا بالإضافة إلى النقاش الدائر حول إلغاء عقوبة الإعدام أم إقرارها في الدستور الجديد. كما أوضح الدهماني أن مسألة حرية الفكر والإبداع والحريات، وتلك المتعلقة بقضايا الأحوال الشخصية والأسرة وحقوق الطفل تتجه نحو التوافق.
أما النائبة ريم محجوب المصمودي عضو لجنة السلطة التشريعية والتنفيذية والعلاقة بينهما فقالت إن أعمال هذه اللجنة شهدت تجاذبات كبيرة، ونقاشات حادة، بل يمكن اعتبار أشغالها معطلة منذ شهر تقريبا بسبب الاختلاف حول نظام الحكم بين نظام برلماني صرف تتمسك به كتلة حركة النهضة، ونظام رئاسي معدل تنادي به بقية الكتل، فضلا عن الصلاحيات الممنوحة لرئيس الجمهورية، وعلاقته بالسلطة التشريعية، وكيفية انتخاب الرئيس من الشعب مباشرة أم من قبل البرلمان.
وبيّنت السيدة المصمودي أنه إلى حد الآن لا يزال الاختلاف متواصلا ولا يلوح الحل في الأفق بسبب تشبث كل طرف بمواقفه وهو ما قد يقودنا ، للخروج من هذه الأزمة، إلى اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي لتحديد نظام الحكم.