من حلِم ساد: قالوا في الحِلم: سئل الأحنف بن قيس بم سدت قومك؟ قال وجدت الحِلم أنصر لي من الرّجال. لا سؤدد مع الانتقام فمن انتقم فقد شفي غيظه فلا يجب حمده. من حلِم ساد ومن عفا عظم ومن تجاوز استمال القلوب إليه.
رب العالمين القوي الجبار المتكبر يستر ذنوب عباده مهما بلغت ويأخذ عبده المذنب يوم القيامة في كنفه فيسأله ألم تفعل كذا في الدنيا وسترتها عليك؟ فيقول العبد أجل يا رب فيقول سبحانه وأسترها عليك وأغفرها لك اليوم وهو تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور فكم يذنب المرء وكم تحدثه نفسه بالمعاصي والشهوات ومع علم الله تعالى بكل هذه الأحاديث لا يحاسب عليها إلاّ أن يفعلها الإنسان وحتى لو فعلها ثم تاب واستغفر ربّه يغفر الله تعالى له.
ومن حلم الله تعالى حلمه على فرعون الذي ادعى أنّه الإله ومع هذا أرسل الله تعالى له نبيين وأوصاهما بأن يقولا له قولاً ليناً.
ومن حلم اللّه تعالى أنّه لو بلغت ذنوب العبد ما بلغت يغفرها الله تعالى له كما جاء في الحديث القدسي عبدي لو جئتني بقراب الأرض خطايا جئتك بقرابها مغفرة فبمجرد أن يكون الإنسان موحداً يغفر الله تعالى له {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} (النساء 48 ) والمشرك هو الذي يخرج نفسه من دائرة الإنسانية فكلّ المخلوقات التي خلقها الله تعالى تسبح له والإنسان الذي أسجد تعالى له ملائكته وأعطاه عقلاً استنباطياً فكفر بالله تعالى يكون من العدل أن لا يغفر الله تعالى له لأنّه أخرج نفسه من دائرة الإنسانية التي كرّمه تعالى بها ودخل في بهيمية.عن كتاب الدين القويم في الخلق السليم