في بيان يقطر لغة خشبية ويخفي عكس ما أعلنه ويتملق موقفا أكثر من عادي انهال تصريح للناطق الرسمي لرئاسة الجمهورية بالشكر والتثمين لكلام قاله وكان دائما يقوله جلالة الملك محمد السادس حول حرص بلده على التقدم في إنجاز الاتحاد المغاربي! والغريب أن البيان المذكور اعترف أن المغرب لم ينفك يعبّر عن هذه المواقف منذ استقلاله وهو ما يتطابق مع المواقف التونسية التي تناسى البيان متعمّدا أنها أيضا قديمة قدم استقلالها. فإذا كانت الحكاية على هذه الشاكلة وبمثل هذه البساطة أي أن المغرب الأقصى يعمل من أجل البناء المغاربي تماما كبقية بلدان المنطقة ومنها تونس (وهو عمل لابدّ من الإشارة أنه لم يحقق شيئا الى الآن) فلماذا كل هذا الثناء على موقف يتكرر كل سنة، وعند كل مناسبة، وهو موقف يصح فيه قول الجاحظ إنما هو كلام بكلام؟
ولماذا كل هذا التعظيم الذي استنجد بقاموس اللوح والخشب لكلام عادي قاله جلالة الملك؟ ولماذا كل تلك اللغة المنتقاة التي لا علاقة لها ببروتوكولات التعامل بين الدول بل لا حاجة اليها أصلا إلا في قصائد المدح ودواوين الشكر والثناء التي من فرط مبالغتها لا تقول الا عكس ما تنوي؟
الواضح أن هذا التصريح الذي يبزّ وينافس عن جدارة كل معلقات الخشب والذي يكشف عن قدرات حقيقية للناطق الرسمي لا يجب أبدا التفريط فيها وعن كفاءة لا مثيل لها في مجال الترويج للكلام الجميل وللجمل الطنانة، الواضح أنه يخفي سرّا، لعله لا يتجاوز ذلك الانفلات اللغوي الذي حصل يوم خطاب 25 جويلية حيث توجه «عرْف» الناطق الرسمي بنقد لا داعي له ولا مبرر للأنظمة الملكية. فكان لابدّ من الاستدراك وكان لابد من الوقوع ثانية في خطإ يذكّر هو والخطأ الأول بقصيد : عبث الطفولة.