الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة الأولى إياب لمرحلة "بلاي آوت"    زيتونة.. لهذه الاسباب تم التحري مع الممثل القانوني لإذاعة ومقدمة برنامج    لدى لقائه فتحي النوري.. سعيد يؤكد ان معاملاتنا مع المؤسسات المالية العالمية لابد ان يتنزل في اختياراتنا الوطنية    ماذا في لقاء سعيد برئيسة اللجنة الوطنية الصلح الجزائي..؟    أخبار المال والأعمال    سليانة .. رئس الاتحاد الجهوي للفلاحة ...الثروة الغابية تقضي على البطالة وتجلب العملة الصعبة    وزير السّياحة: تشجيع الاستثمار و دفع نسق إحداث المشاريع الكبرى في المجال السّياحي    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    «الشروق» ترصد فاجعة قُبالة سواحل المنستير والمهدية انتشال 5 جُثث، إنقاذ 5 بحّارة والبحث عن مفقود    اليابان تُجْهِزُ على حلم قطر في بلوغ أولمبياد باريس    سوسة.. دعوة المتضررين من عمليات "براكاجات" الى التوجه لإقليم الأمن للتعرّف على المعتدين    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    بالثقافة والفن والرياضة والجامعة...التطبيع... استعمار ناعم    حركة النهضة تصدر بيان هام..    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    تراجع الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي    جندوبة.. المجلس الجهوي للسياحة يقر جملة من الإجراءات    منوبة.. الإطاحة بمجرم خطير حَوّلَ وجهة انثى بالقوة    برنامج الجولة الأولى إياب لبطولة الرابطة الاولى لمحموعة التتويج    اقتحام منزل وإطلاق النار على سكّانه في زرمدين: القبض على الفاعل الرئيسي    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    السجن ضد هذه الإعلامية العربية بتهمة "التحريض على الفجور"    من بينهم أجنبي: تفكيك شبكتين لترويج المخدرات وايقاف 11 شخص في هذه الجهة    البطلة التونسية أميمة البديوي تحرز الذهب في مصر    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    كرة اليد: الترجي في نهائي بطولة افريقيا للاندية الحائزة على الكؤوس    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    وزارة التعليم العالي: تونس تحتل المرتبة الثانية عربيًّا من حيث عدد الباحثين    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    وزير الشباب والرياضة يستقبل اعضاء فريق مولدية بوسالم    الڨصرين: حجز كمية من المخدرات والإحتفاظ ب 4 أشخاص    قيس سعيّد يتسلّم أوراق اعتماد عبد العزيز محمد عبد الله العيد، سفير البحرين    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    أنس جابر تستهل اليوم المشوار في بطولة مدريد للماسترز    التونسي يُبذّر يوميا 12بالمئة من ميزانية غذائه..خبير يوضح    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 25 أفريل 2024    كاس رابطة ابطال افريقيا (اياب نصف النهائي- صان داونز -الترجي الرياضي) : الترجي على مرمى 90 دقيقة من النهائي    هام/ بشرى سارة للمواطنين..    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الباجي "قائد السبسي" في حوار شامل ل "التونسية" (1) : موقع "راشد الغنوشي" في الدولة أهمّ من المناصب الرسمية... ولا احتراز لي من دور قطري في تونس يهمّ مصلحة البلاد
نشر في التونسية يوم 14 - 02 - 2012

- لم أدّع يوما أنني شاركت في الثورة... لكنني صُنتها
- لم أتّفق يوما مع الطاهر بلخوجة ولا أتوقع أن أتفق معه اليوم
- لست رئيسا لأيّ حزب
- تأخر قيام الاتحاد المغاربي يضرّ بتونس لكن المسألة ليست بيدها
وأنا أهم بمغادرة منزل «سي الباجي» رفقة زميلي المصور الصحفي، صافحني سي الباجي بودّ قائلا «هذا الحوار سيكون الأخير الذي أدلي به». شكرته على صبره علينا طيلة ساعتين رغم العارض الصحي بسبب تغير الأحوال الجوية ومضيت في طريقي... سألت مرافقي هل يمكن لهذا الرجل الذي يتنفس سياسة أن يغادر الحلبة السياسية والركح الإعلامي ببساطة؟
لست خصما للباجي قائد السبسي ولست من أنصاره ولكن كان عليّ أن أقاوم جاذبيته في الحديث وأن أحافظ على حيادي وأنا أحاوره، وقبل أن نشرع في الحوار سألني عن «التونسية» والوضع العام للصحافة المكتوبة في تونس والمشاكل التي يعانيها القطاع...
ولد «سي الباجي» في ضريح سيدي بوسعيد الباجي يوم 26 نوفمبر 1926، درس الحقوق بباريس وهو اليوم أقدم محام في تونس وهو رجل دولة بأتمّ معنى الكلمة.
تقلد عدة مناصب على امتداد عقود طويلة إذ كان مستشارا للمجاهد الأكبر مطلع الاستقلال فمديرا للإدارة الجهوية بالداخلية فمديرا عاما للأمن سنة 1963 بعد إقالة إدريس قيقة بسبب المحاولة الانقلابية للأزهر الشرايطي، فوزيرا للداخلية سنة 1965 بعد وفاة الطيب المهيري فوزيرا للدفاع نهاية الستينات ليعين سفيرا في باريس التي حل بها في 11 سبتمبر 1970.
جمد الباجي قائد السبسي نشاطه صلب الحزب الاشتراكي الدستوري بعد مؤتمر المنستير (من 11 إلى 15 أكتوبر 1971)، وتم رفته من الحزب الحاكم بقرار صادر عن مؤتمر المنستير الثاني(12-14 سبتمبر 1974) ضمن قائمة ضمت 8 أشخاص من أبرزهم الحبيب بولعراس وحسيب بن عمار ومحمد مواعدة فقاموا بتوجيه نداء إلى المؤتمر فحواه أن الحزب العاجز عن ضمان الديمقراطية داخله ليس له أن يدعي تحقيقها في البلاد.
لم يكن الباجي قائد السبسي بعيدا عن بعث الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين وساهم بكتاباته في صحيفتي «الرأي» و«الديمقراطية» نهاية السبعينات من القرن الماضي.
حاول رفقة احمد المستيري وحسيب بن عمار التوسط بين حكومة الهادي نويرة والحبيب عاشور زعيم الإتحاد العام التونسي للشغل يومين قبل أحداث الخميس الأسود (26 جانفي) 1978 ولكن مهمة الوساطة فشلت بسبب تعنت عاشور، في تلك الظروف تعرف قائد السبسي على النقابي الشاب الذي أصبح بعد ذلك أمينا عاما للاتحاد وزير التربية في الحكومة الانتقالية - بعد فرار بن علي أو إجباره على الهروب- ونعني الأستاذ الطيب البكوش.
عاد الباجي قائد السبسي إلى واجهة الأحداث وزيرا بلا حقيبة في حكومة مزالي في 3 ديسمبر 1980 ثم وزيرا للخارجية (1981-1986) وهي سنوات كانت له فيها أدوار مهمة وخاصة في المعركة الديبلوماسية بعد الغارة الإسرائيلية على حمام الشط في 1 أكتوبر 1985 لإصدار قرار من مجلس الأمن لإدانة العدوان ودفع الولايات المتحدة للتراجع عن استعمال قرار الفيتو. وكان وقتها مندوب إسرائيل في مجلس الأمن بنيامين نتنياهو... كما كان لسي الباجي دور رئيسي في إقناع الماجدة وسيلة بورقيبة للعودة من السعودية إلى تونس في بداية الأزمة التي عصفت بعلاقتها بزوجها الرئيس بورقيبة والتي انتهت بطلاقها منه في 12 أوت 1986...
في أجواء الدسائس التي أحاطت بالقصر بزعامة سعيدة ساسي (ابنة أخت بورقيبة) طلب قائد السبسي إعفاءه من وزارة الخارجية وكان له ذلك بعد إلحاح شديد ليعين لمدة سنة واحدة سفيرا لتونس في بون، وحين عاد إلى تونس كان بن علي قد أصبح رئيسا...
بعد أيام هاتفه بن علي ليعلمه برغبته في تعيينه عضوا في المجلس الدستوري الذي أعلن عن تشكيلته في 16 ديسمبر 1988 برئاسة عبد العزيز بن ضياء وعضوية حسيب بن عمار وعياض بن عاشور وعبد الفتاح عمر، لم تستمر عضويته سوى سنة ونيف، ترشح بعدها في انتخابات أفريل 1989 عن دائرة حلق الوادي، عين رئيسا للجنة السياسية والشؤون الخارجية ثم دعاه بن علي لترؤس مجلس النواب خلفا لصلاح الدين بالي (سبتمبر 1990). لم يطل مقام سي الباجي ضمن عهد بن علي السياسي... وغادر الساحة سنة 1991 ليعود إلى مهنته محاميا، إلى أن قامت الثورة وهرب بن علي، لتبدأ قصة جديدة.
استقبلنا الباجي قائد السبسي مساء يوم الجمعة الماضي، ذات اليوم الذي دفعت فيه حركة «النهضة» مناصريها والمتعاطفين معها والمؤلفة قلوبهم إلى التظاهر في شوارع العاصمة تعبيرا "عفويا " عن مساندة «التونسيين» لقرار الحكومة طرد السفير السوري من بلادنا...
سي الباجي ما تعليقك على المسيرة الشعبية المساندة لموقف الحكومة بطرد السفير السوري؟
لا تعليق لي على سياسة الأحزاب، فليس من اهتماماتي التعليق على ما تقوم به «النهضة» أو غيرها من سائر الأحزاب وأنا أعرف أن كثيرا من الأطياف السياسية لا تحبذ أن يبدي الآخرون تقييمات لما تقوم به، لكن إن سألتني عن موقفي من طرد السفير السوري فذلك أمر ثان..
أثارت استضافتك في «الوطنية 2» جدلا لا بسبب ما أثير من نقاش في البرنامج بل بسبب ما صرح به سالم الأبيض (باحث في علم الاجتماع السياسي) من أنك شخصيا تقف وراء إقصائه من البرنامج ، مع التذكير بأن معدّ البرنامج الزميل معز الخضراوي صرّح في المباشر بأنه قرار سيادي ثم جاء بلاغ التلفزة التوضيحي الذي ورد فيه اعتذار خفيف «في ما يتعلق بمسألة عدم حضور الدكتور سالم لبيض فهي نتيجة لأسباب فرضها ارتفاع عدد الضيوف الذي لم يكن يتماشى وطاولة الحوار وهو ربما سوء تقدير تعترف به القناة» فما هو موقفك؟
ما أؤكده لك أني لا أعرف سي الأبيض «وعمري ما شفتو» بل أكثر من ذلك عمري ما سمعت بيه ولا يمكن له أو لغيره أن يؤاخذني على عدم معرفتي به، قد يكون شخصية بارزة في مجال اختصاصه وقد تكون آراؤه سديدة ولكني لا أعرفه.
ثانيا لست مسؤولا عن دعوة الضيوف لبرامج التلفزة، ثالثا أريد أن أفيدكم بأنه حين تمت دعوتي لهذا البرنامج وضحت لهم بأني لست طرفا في أي جدال سياسي لأني لست طرفا في المعركة السياسية. أنا أصدرت بيانا أرادت وسائل الإعلام استيضاحي بشأنه وهذا حق من حقوقها وواجب عليّ فاستجبت لدعواتها لكن شريطة عدم الدخول في جدال مع أي كان لا مع سي الأبيض ولا مع غيره. كنت مستعدا لتقديم أسباب إصدار بياني للرأي العام وأهدافه لا الخوض في جدال سياسي مع أي كان، أكثر من ذلك لم أكن أعلم من سيحضر في البرنامج، عرفت ذلك من خلال الصحف يوما قبل بث البرنامج.
لماذا اتهمك أنت؟
أنا لا أعرفه فكيف لي أن أعرف لماذا اتهمني أنا؟
بما أنك لا تعرف الدكتور سالم الأبيض، سأنقل لك بعض ما ورد على لسانه تعليقا على بيانك «أترى في نفسك الرجل الصالح لكل الأزمان وتريد أن تقود ثورة لم تشارك فيها»؟
«حتى سي الأبيض» لم يشارك في الثورة في ما أظن؟ وإن كان شارك فبارك الله فيه ويكثر خيره، كثيرون ركبوا حصان الثورة، لأن ثورتنا فريدة من نوعها قام بها شباب غير مؤطر وبلا زعامات ولا إيديولوجيات وبعيدة عن التأثيرات الخارجية، فهي ثورة شعبية بأتم معنى الكلمة، وأنا لم أدّع يوما أني شاركت في الثورة فأنا كما يعرف التونسيون غادرت الركح السياسي منذ عشرين عاما، إنما أنا صنتها ووضعتها في الطريق السوي فليس كل ثورة بالضرورة بداية مسار ديمقراطي فكثير من الثورات آلت إلى حمّامات دم واقتتال داخلي، شاركت في حماية الثورة والمضي نحو حكم ديمقراطي.
هل مازالت ثورتنا بعيدة عن التأثيرات الخارجية وشعبية وبلا إيديولوجيا تحكمها؟
الآن تغيرت الصورة، الثورة التي ضحى التونسيون من أجلها - للإطاحة بنظام من الخطإ وصفه بأنه بوليسي لأن رجال الشرطة محترمون بل هو نظام قمعي واستبدادي استمر ربع قرن - فتحت آفاقا لإمكانية نظام جديد من الديمقراطية والحرية، لكن الصعب هو كيف نمر من النظام الاستبدادي إلى النظام الديمقراطي.
ما هي علاقاتك بالحزب الوطني التونسي (تحالف أحزاب وسطية جلها ذات مرجعية دستورية)؟
كما ورد في بياني الصادر يوم 26 جانفي أشجع كل محاولات تجميع الطاقات المادية والمعنوية حول بديل يعزز التوازن السياسي ويضمن تفعيل آليات التداول السلمي على السلطة.
هل ستكون الرئيس المنتظر لهذا الحزب؟
لست رئيسا لأي حزب.
أنا سألتك عن المستقبل؟
أنا لا أرأس أي حزب، ومع ذلك ها هو سي الأبيض قد اتهمني بإقصائه وأنا أطمئنه هو وغيره بأني لست طرفا في المعركة السياسية.
لن تؤسس أي حزب؟
هذه «لن» الزمخشرية وأنت الذي استعملتها ولست أنا.
قلت بأنك لن تكون طرفا في المعركة السياسية؟
لا.. غير صحيح، انا قلت لك الآن وحاليا لست طرفا في المعركة السياسية ولذلك لا أريد الخوض في صراع لفظي وأنت تسألني عن المستقبل ، هناك فرق.
رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...
(مقاطعا) هل هذه هيئة قانونية؟
لا لم تتحصل على تأشيرة من وزارة الداخلية ولكن رئيسها قال إنه ينشط بالتنسيق مع وزارة الداخلية.
خير على خير...
صرح السيد عادل العلمي(رئيس الهيئة) بأنه يعتزم زيارتك قصد نهيك عن المنكر الذي بشّرت به؟
وهل تفضل بالتصريح بالمنكر الذي ارتكبته؟ انا أرحب بكل من يرغب في التحاور معي ولا أتعالى على أحد، أنا مواطن كغيري من المواطنين وأؤمن بقوله تعالى (و لا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا) ومن ينهى عن المنكر عليه أن يبدأ بنفسه ولكن عليه أن يعرف أن النهي عن المنكر له ضوابطه ولا يكون بممارسة العنف.
هذه الهيئة هي التي أطردت مديرة إذاعة الزيتونة التي عيّنتها الدولة من مكتبها؟
هذا فعل أرعن...
صرح الأستاذ محمد رضا الأجهوري في مقال بعنوان «المرضى الثلاثة المصابون بالسلطة المزمنة: بورقيبة وبن علي وقائد السبسي» بأنكم تشتركون في حقيقة مرضية واحدة هي عقلية التفرّد بالسلطة وعدم القبول بالتداول، فما هو تعليقكم؟
هذا أعرفه من خلال ما يكتبه، هو يكتب كثيرا " عندو مرض الثرثرة"... لا أمنعه من إبداء رأيه، هو حرّ في تقييم بياني الموجه للرأي العام وأنا أقبل كل نقد يوجه لمضمون البيان أما أن يصبح الحديث حول شخصي فهذا مردود على صاحبه.
ابن جيلك الطاهر بلخوجة إعتبر عودة جيل بورقيبة مضيعة للوقت وبأنها لن تنفع البلاد في شيء مؤكدا أن الماضي صفحة طويت؟
لم أتفق يوما في حياتي مع الطاهر بلخوجة ولا انتظر أن أتفق معه اليوم، عموما لا يزعجني رأيه ناهيك أني لم اطلع عليه.
وموقف أحمد بن صالح الذي رأى بأن البيان" لا يخلو من النوايا السيئة التي تسعى إلى التشويش على المسار الحالي لعمل الحكومة وبأن مقاصد البيان تجسيم لمقاصد أولئك الذين يعمدون إلى حجب مساوئ ماضيهم وحاضرهم وما يهيئونه ربما من مستقبل تعيس"؟
هل أنت متأكد من أنه صدر عنه هذا الكلام؟ سبق له أن نفى موقفا سابقا نسب له... بخصوصي أقول لأحمد بن صالح إن بعض الظن إثم، و إذا كان هذا رأيه فأتمنى أن يكون فعله هو أصلح من فعلي.
هل اطلعت على موقف رئاسة الجمهورية من بيانك؟
لا
صرّح عدنان منصر الناطق باسم الرئاسة بأن حكومتك هي المسؤولة الأولى عن الوضع الذي تنتقده وبأنك تلوم «الترويكا» على التفرد بالحكم وأنت كنت تقول بأنك لا تقبل شريكا و يخشى أن تكون مبادرتك رافعة لراية الثورة المضادة وبأنك كنت رئيس برلمان مزيف ولا يمكنك أن تكون بديلا أكثر ديمقراطية من الحكومة الحالية؟
لم أطرح نفسي بديلا، ولكني قلت لا بد من بديل، فالديمقراطية ليست فقط تنظيم انتخابات بل لا بد من ضمان آليات التداول السلمي على السلطة، ومن الواضح أن الناطق بإسم رئاسة الجمهورية (يطلب مني تذكيره بإسمه) تنقصه المعلومات إن لم اقل إنه ينقصه التعليم...
هو لا يعبر عن موقف شخصي بل عن موقف رئاسة الجمهورية أعلى سلطة في البلاد؟
لا أظن.
لا تظن أن رئاسة الجمهورية هي أعلى سلطة في البلاد؟
لا، أنزه رئيس الجمهورية عن قول هذا الكلام.
ظننتك تنفي عن رئاسة الجمهورية أن تكون أعلى سلطة في البلاد؟
أنت صحافي محترف ويمكنك أن تحكم على الأوضاع وتقرأ الساحة السياسية وتوازناتها من خلال الوقائع، لا أحكم على هذا حتى لا يقال إني أؤزم علاقات رئيس الجمهورية بباقي الأطراف، ما يمكنني قوله هو أن رئيس الجمهورية مثقف ومناضل ضحى من اجل أفكاره وأستبعد أن يصدر عنه كلام مثل الذي ورد على لسان الناطق بإسم الرئاسة.
هل حدث اتصال بينك وبين المرزوقي بعد خروجك من الحكومة؟
لا، لا يوجد أي اتصال بيننا، وجهت لي دعوة للحضور في الذكرى الأولى للثورة يوم 14 جانفي فلبيتها، إن كنت تقصد وجود تواصل شخصي بيننا أجيبك بلا.
أريد أن أعرف موقفك من بعض الأمور، ما تعليقك كرجل دولة على استقبال الرئيس الإنتقالي المرزوقي من طرف وزير الفلاحة الأثيوبي ومما صدر نحوه من أمير قطر (سأعلّم رئيسكم كيف يقف وكيف يسلم) هل هي جزئيات أو مؤشرات لها من الخطورة بمكان؟
لا أعتقد أنها مؤشرات مهمة، لم يكن الرئيس في زيارة لأثيوبيا ليستقبله رئيسها، هو زارها كبلد مقر للإتحاد الإفريقي ، ومن العادة أن يستقبل الوزراء رؤساء الجمهوريات، هذا معمول به، و من حظه أن استقبله وزير الفلاحة، كان يمكن أن يكون وزير الشغل مثلا..." ما نتصورش فيها حاجة خاصة" أما موقف أمير قطر فأظنه من باب الهزل وأرجح أنه لا توجد نوايا سيئة.
هل لديك احتراز من الدور القطري في تونس؟
ليس لي أي احتراز مادام الأمر يهم مصلحة تونس والمسؤولون الحاليون يدركون ما ينبغي القيام به للحفاظ على سيادة تونس.
يهمني رأيكم؟
من واجب المسؤولين في الدولة أن لا يسمحوا بأي تجاوز لا من قطر ولا من غيرها، اليوم بت أستمع إلى مواقف غريبة «شنية قطر»؟ هل ستقوم باحتلالنا؟ إذا كانت العلاقات من باب "يعاونونا على هم الزمان" من خلال الاستثمارات علاش لا ؟ نحن التونسيين من أطرد المحتل الفرنسي و لا أتصور أن تونس في حالة من الضعف وأن من يمر من هنا يمكنه أن يقوم باستعمارنا أو يتدخل في شؤوننا.
والعلاقة الخاصة بين راشد الغنوشي ويوسف القرضاوي؟
هذا أمر ثان، القرضاوي له مكانة هو رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين وحتى هو أعطى رأيه في ثورة الشعب التونسي قائلا إنها خرجت من عباءته.
قال إنه هو من أشعلها؟
هو رجل محترم ومن حقه أن يبدي رأيه في تصرف بلد مسلم مثل تونس ولكن القرضاوي ليس من مرجعياتي.
نائبه هو راشد الغنوشي؟
شبيه؟ (لم لا ؟) الغنوشي منظّر
هل تعتبره رجل سياسة أو رجل دين؟
يصعب التفريق في الوضع الحالي، إذ اكان رجل دين ويشتغل بالسياسة فهو رجل سياسة وإذا كان رجل سياسة متدين فالأمران سيّان.
هذه فرضيات أريد موقفك بوضوح؟
هو رجل لا ينكر حضوره ودوره السياسي ويمكنكم أن تلاحظوا موقعه اليوم.
ولكنه لا يشغل أي منصب في الدولة؟
المسألة ليست مسألة مناصب رسمية، موقعه أهم من المناصب الرسمية في الدولة.
ما رأيك – وقد كنت وزيرا للخارجية وسفيرا لسنوات- في الديبلوماسية الشعبية التي يرفع لواءها؟
والله العظيم ما نعرفهاش.
قال إنها مدرسة موجودة في العالم؟
أنا لم أدرس فيها.
رئيس الحكومة دعا إلى طرد السفراء السوريين كما أن سفيرنا في دمشق سمع بقرار طرد السفير السوري من تونس من وسائل الإعلام، ما موقفك من طرد السفير السوري؟
اطلعت في جريدتكم على الحوار مع سفيرنا بدمشق ، هناك قرار خليجي بسحب سفراء دول الخليج من سوريا، أليس كذلك؟ تونس ليس محجرا عليها أن تسبق الأحداث ومن حقها أن تتخذ مواقف في إطار ممارستها لسيادتها.
لو كنت في السلطة هل كنت تطرد السفير السوري؟
لا.
هل تخلّ زيارة إسماعيل هنية (رئيس الحكومة الحمساوية في غزة) بالموقف التونسي من القضية الفلسطينية؟
إذا صدقنا تصريحات رئيس الحكومة فإن الإجابة هي لا، وفي كل الأحوال فإن الموقف التونسي ليس وليد اليوم بل يعود إلى الأربعينات ولم يتغير. فموقفنا الاحتكام إلى الشرعية الدولية وحين أخذنا هذا الموقف كانت أغلب الدول العربية معارضة لنا بل حتى الفلسطينيون لم يوافقوا أيام أحمد الشقيري (أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية) ولكن الأحداث بينت أن تونس كانت على حق بالدعوة إلى القبول بالقرار 181 الذي ينص على بعث دولتين فلسطينية وإسرائيلية ووضع خاص للقدس.
لو كان الموقف العربي والفلسطيني إيجابيا لتم تطبيقه لأن الظروف كانت سانحة لأنه من المرات القلائل التي اتفق فيها الإتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، مع الأسف خيّر العرب رفض القرار ونصحوا الفلسطينيين بمغادرة أراضيهم لتدخل الجيوش العربية لتحرير كل فلسطين فحدث ما حدث ولذلك لا أظن أن موقف تونس تغير بعد زيارة إسماعيل هنية لأن الحق الفلسطيني في دولتهم مبدئي ولكن هناك صعوبات في كيفية الحصول على هذا الحق، هل يكون بالحوار أو بالعنف و«السيد إلي جانا هذا» لا أظنه يؤمن بالحل القائم على الحوار الذي يواجه هو نفسه مصاعب حقيقية ولا توجد مساع جدية لحل الأزمة والولايات المتحدة لا يمكنها أن تأخذ أي مبادرات قبل الانتخابات الرئاسية القادمة والولايات المتحدة في انتخابات مستمرة.
ما الذي قاله لك أوباما إبان زيارتك للولايات المتحدة؟
لا يمكنني البوح بما دار بيننا.
اليوم أنت خارج سدة الحكم فما الداعي لهذا التحفظ؟
هل شاهدت البرنامج الذي حضرته في «الوطنية 2» يوم الخميس الماضي؟ «السيد متاع النهضة» تطوع لتقديم درس لي حول واجب التحفظ فشكرته على الموعظة أنا رجل دولة من أكثر من خمسين عاما وأعرف ماذا أقول ومتى وكيف وما لا يقال أصلا...
بعد الحظوة التي لقيتها في قمة الثماني الكبار G8 واستقبالك من طرف أوباما فضلا عن زياراتك الخارجية توقع البعض أنك ستستمر في السلطة بشكل أو بآخر بدعم دولي ولكنك انسحبت؟
أنا لا أتصرف حسب الدعم الخارجي، انا وطني، أحب بلادي وأعرف دوري وأقدر تضحيات المناضلين قبلي، وفي كتابي «بورقيبة: المهم والأهم» ذكرت عددا من هؤلاء الذين ظلوا منسيين ولم يمنح لهم شيء ولو كان اسم نهج...
كيف تريد أن يذكرك التاريخ؟ بإطلاق إسمك على شارع مثلا؟
لا بالعكس، أنا رجل كأيها الناس، ما قمت به لايعني شيئا مقارنة بتضحيات الذين سجنوا وعذبوا واستشهدوا من أجل استقلال تونس ولا يذكرهم أحد والتاريخ وحده يعرف كيف يخلد الناس، وإن لم يذكرني فليس لي مشكلة في هذا الصدد...
شاع أنك ستستمر في السلطة وبأن إتفاقا ما قد أبرم لتكون رئيس الدولة بعد إنتخابات 23 أكتوبر فهل هذا صحيح؟
أنا إنسان ديمقراطي، حددت تاريخ المغادرة يوم توليت الوزارة الأولى.
وجميع أعضاء الحكومة كانوا معي في هذا الموقف، لما أتممنا مهمتنا واجتمع المجلس التأسيسي واختار رئيسه أعلنّا مغادرتنا.
تقديم استقالة الحكومة فسّرها البعض على أنها غضب منك أو عتاب لأطراف ما؟
لست عاتبا ولا غاضبا والناس أحرار في قراءاتهم... قل لي أنت من وعدني برئاسة الدولة؟
"النهضة"؟
يوم تنصيب الحكومة الجديدة أثرت الموضوع أمام الملأ، كان يمكنهم تكذيبي لو قلت غير الصدق. لم يكن هناك أي اتفاق. أما قراءات المتابعين فمرتبطة بالنظارات التي يحملها كل قارئ أو محلل.
النظارات هي شعار «المؤتمر من أجل الجمهورية» في حملته الانتخابية؟
بصدق، لم أقصد هذا المعنى إنما قصدت أن القراءات تختلف حسب عمق نظرة صاحبها وفهمه... أقول لك أكثر من ذلك لقد التزمت بالمغادرة منذ اليوم الأول.
كان ذلك قراري لاعتبارات شخصية وحتى حين طرحت إمكانية استمرار بعض الوزراء في حكومة النهضة لم يتغير في قراري شيء ، نحن التزمنا في الحكومة الانتقالية بتنظيم الانتخابات ورغم التشكيك بعد تأجيل الانتخابات لاعتبارات موضوعية فإننا وفينا بالعهد أمام الشعب التونسي . يقول تعالى (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لاتفعلون) وأنا قلت والتزمت بما قلته فعليا، هذه أمانة ونحن أديناها بصدق ولست متألما أو متحسرا لأنني غادرت الوزارة الأولى «لا خطبونا ولا عطيناهم» واللبيب من الإشارة يفهم...
سبق لك أن زرت الجزائر والمغرب وها هو الرئيس المرزوقي في جولة مغاربية فما هي قراءتكم لهذه الزيارة؟
حسنا ما فعل، من الطبيعي أن يقوم بهذه الزيارات.
هو يرفع شعار الوحدة المغاربية؟
«ربي يوفّقو» ولكن الوحدة المغاربية لم يحن وقتها بعد، فعلا البعد المغاربي لتونس ضروري والتأخير في إقامة المغرب الكبير بصفة جدية مضر بالأوضاع خاصة في بلادنا لكن المسألة ليست بيد تونس.
أين الخلل؟
تعرفون الخلاف بين المغرب والجزائر حول قضية الصحراء الغربية.
المرزوقي إقترح وضع هذا الخلاف بين قوسين وتجاوزه؟
إذا كان هذا إقتراحه وإذا وفق في تحقيق نتائج فيا حبذا، ولكني أعتقد أن إتحاد المغرب العربي سوء تفاهم تاريخي ، وكما قلت في كتابي «الحبيب بورقيبة: المهم والأهم» لم يكن ميثاق مراكش (فيفري 1989) سوى غشاء أسدل على الجمر وتحت الغشاء كانت النار تسري ولن تلبث أن تلهب المحل في موعد قريب.
فنص إتفاقية مراكش تضمن بنودا مازالت تداعياتها إلى اليوم... حين أتذكر صورة القادة وهم في سيارة واحدة متشابكي الأيادي «تقول من غدوة تقوم الوحدة".
هل أثرت موضوع الإتحاد المغاربي حين زرت الجزائر والمغرب؟
لا.
الموضوع ليس من اهتماماتك؟
كنت أدرك أن المصاعب أكثر من الحلول والخلاف حول الصحراء الغربية مطروح أمام الأمم المتحدة وكل الأطراف تحبذ أن يكون الحل في هذا الإطار فلو كان الحل مغاربيا لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم.
ماذا كان موقف الرئيس بوتفليقة من الثورة التونسية حين زرت الجزائر؟
كان داعما للثورة التونسية والجزائر أهدت تونس 100 مليون دولار وهذا يعكس موقفا إيجابيا مع العلم بأننا لم نطلب شيئا لا من الجزائر ولا من غيرها.
لماذا زرتها إذن؟
لأن أمننا من أمن الجزائر وليبيا والمغرب... علاقاتنا المغاربية ليست من قبيل السياسة الخارجية بل هي أقرب إلى الشأن الداخلي ونفس الشيء بالنسبة إلى جيراننا فأمنهم من أمننا ولذلك بادرت بزيارة الجزائر والمغرب و تعاونا مع الثورة الليبية رغم ظروفنا الصعبة... ثورتنا ليست للتصدير، هي ثورة تونسية محضة شرفنا أنها وقعت في تونس ودورنا أن ننجحها وقد تكون يوما ما قدوة لغيرنا، ولكن ما أجزم به أنه إن لم تنجح الثورة التونسية فلن يكون هناك ربيع عربي...
محمد بوغلاّب
غدا: الحلقة الثانية والأخيرة من هذا الحوار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.