«الزلابية» هي أيضا احدى الحلويات الشهيرة التي تبرز بكثافة في شهر رمضان المعظم على غرار المخارق وتحتل مكانة رفيعة في هذا الشهرحيث لا تخلو منها المنازل «الباجية» والتونسية على حد سواء. ولئن أجمعت بعض المصادر التاريخية على أن المخارق هي من صنع أحد المطربين الأندلسيين واسمه «مخارق» فان بعض المؤرخين يؤكدون أيضا أن صناعة الزلابية جلبها الفنان العراقي وعازف العود الشهير «زرياب» الذي كان قد أقام ببلادنا في عهد الدولة الأغلبية وعاصمتها القيروان وذلك اثر خلافه مع الموسيقار اسحاق الموصلي في بلاط الخليفة العباسي هارون الرشيد.
كان زرياب أسود البشرة، جميل الصوت وقد أطلقت عليه تلك الكنية نسبة الى طائرأسود جميل الريش والصوت غير أن زرياب لم يطل مقامه بالقيروان التي بعث بها دكاكين لاصلاح الآلات الوترية مثل العود الذي أضاف اليه الوتر الخامس اذ رحل عندما احتدم الصراع بينه وبين الخليفة الأغلبي زيادة الله وجاريته المغنية سلاف فقصد بلاد الأندلس أين أدخل صناعة الزلابية التي يعود مصطلحها الى اللغة الفارسيةعلى حد قول العلامة عثمان الكعاك «زرياب» أي قرص الشمس في اصفرارها ولا تزال الزلابية محافظة الى اليوم على لونها ذاك.
وهنا يتأكد لنا أن «الزلابية» قد جلبها الموريسكيون في هجرتهم الى البلاد التونسية وتحديدا في شمال البلاد الغربي حيث سكنوا مدينة مجاز الباب وتستور ورغم توجه أهل تطاوين الى انتاجها الا أن الزلابية الباجية وكذلك المخارق رفيقة دربها تمتاز من حيث الشكل والنكهة، وصناعتها حكر على الباجية دون غيرهم وهم محترفون في صناعتها على مدار السنة وأشهرهم بو تفاحة الأحرش صاحب أكبر قطعة مخارق في العالم التي دخلت كتاب «غينيس» للأرقام القياسية وكذلك الحداد والمرساوي وخلفة وهم من سكان باجة الأحرار وأصحاب هذه الصنعة الدائمين والذين ينافسهم الكثير من تجار الجهة