يواصل حاتم الهلالي جريح الثورة بالقيروان، حياته، التي لم تمسح الثورة أثرها، حياة مليئة بالعذابات والمآسي وهو يرى اخوته المعوقون يقطّع أوصالهم الفقر المدقع وآلام غياب سند مادي ومعنوي فهل تنبهت السلط المسؤولة إلى هذه الحالات الاستثنائية؟ بين شقيقين يعانيان من اعاقة عضوية وثالثتهما معوقة ذهنيا يعيش الشاب حاتم الهلالي (21 سنة). الرصاصة التي اخترقت كتفه يوم 13 جانفي تركت أثرها لتخلف اعاقة رابعة تضاف الى قائمة المعوقين المتمرغين على الأرض يأكلون ما يجدون أمامهم...ونادرا ما يجدون الطعام.
يصارع حاتم الهلالي جروحه الناجمة عن الإصابة بتلك الرصاصة الغادرة التي لا يزال مطلقها مجهولا طليقا. عاد لتوه من المستشفى الذي يتردد عليه دوما لمعالجة جروحه. ولا تزال آثار العمليات الجراحية بارزة على مستوى كف يديه اليمنى التي يعجز عن استعمالها وعلى مستوى فخذ رجله اليمنى التي لم يعد قادرا على المشي بها الا عرجا. وقد بدأت جروح حاتم تندمل ولكن اكبر جرح حاليا هو مصيره في المستقبل وواقع أسرته.
والدته أصبحت، كافلة المعوقين الأربعة، أصبحت عاجزة عن التصرف حيال الوضع. فكثرة المعوقين في منزلها البسيط أفقدتها القدرة على التحمل ورعايتهم. تحمل جسمها المثقل بالهموم قدمان حافيتان. يطل شقيقه الأكبر غاضبا من العمل في الحضيرة ومن سوء معاملة رئيسه في العمل بمركز رعاية المسنين.
ولولا منحة الشؤون الاجتماعية التي تقدر ب3 دنانير في اليوم واشتغال الوالدة في المنازل كخادمة، لما وجد افراد هذه الأسرة ما يأكلونه. وقد توقفت الام عن التسول ببعض أولادها المعوقين بعد أن أعياها ألم الإشفاق.
جانب من هذه المعاناة اطلعت عليه عضو بجمعية البركة التي جمعت بطاقات الإعاقة وجمعت بعض الالم ودونته في كراستها من اجل أن تعود محملة ببعض المساعدة، وقد عادت ببعض المساعدة. وماذا قد تكفي علبة المقرونة والزيت والطماطم سوى تخفيف وطأة الحرمان يوما.
رعاية صحية واجتماعية
تحتاج الأسرة الى رعاية صحية واجتماعية وترميم لمسكنها وتأثيث للمنزل وإحاطة للمعوقين ومورد رزق قار لها يحفظ كرامة جريح الثورة الذي يأمل أن لا يكون مصيره الإعاقة دون كفيل. الوعود كثيرة لكنها ثقلية وهي مستقرة في مكانها لا تتقدم من الأسرة التي تتقدم يوميا نحو البؤس الاشقى. وتعجب لشدة صبر هذه العائلة وتعجب لايمانها بما قدره الله، لكنه من حقهم أن يتعجبوا من عدم تنفيذ المسؤولين للوعود التي ما تزال تصل اليهم لتهون عليهم مصائب الدنيا في انتظار تحققها. حاتم الهلالي ينتظر العلاج وتنفيذ الوعود وقال إنه تواصل مع عديد المسؤولين وقد حمل اليهم صورا عن معاناة أسرته وظروف عيشها لأنهم لم يصدقوا تضرعه. لأنه حقا ليس من سمع كمن رأى.