يواصل حزب الأمان نشاطه وحركيته على أكثر من صعيد، وقد عقد مؤخرا عدّة جلسات وندوات انتهت إلى بلورة العديد من التصورات والمقترحات التي تهمّ مختلف القطاعات والمجالات الوطنيّة، السيّد اسكندر الرقيق رئيس المكتب السياسي ل«حزب الأمان» يتحدّث ل«الشروق». ما جديدكم على مستوى الحزب ونشاطكم السياسي؟
في الواقع نحن نسعى جاهدين إلى تكوين حزب قويّ ومتماسك يضمّ إطارات وقيادات ذات كفاءة وناشطة على الساحة، وعليه قمنا مؤخرا بتنظيم دورة تكوينيّة في القيادة والاتصال لعدد من قيادات وشباب الحزب، كانت ناجحة ومثمرة بامتياز. كما نصرّ دائما ضمن حزب الأمان أن تكون لنا آراؤنا ومواقفنا من أهم الأحداث الحاصلة على الصعيد الوطني وذلك عبر إصدار البيانات السياسيّة بصفة دوريّة تتضمن مواقفنا ورؤيتنا للأحداث. كما أطلقنا سلسلة من الندوات الفكرية والسياسية والثقافية والاقتصادية» تحت عنوان «الأمان في الشأن العام» تهتم بقضايا رئيسية تمس حياة المواطن بشكل مباشر.
وقد قمنا مؤخرا، في إطار العمل على كشف مواطن الخلل في هياكل الدولة ومؤسساتها، بتسليط الضوء على أحد ملفات الفساد الذي قدّمناه إلى وزير الصحة يتعلق بتجاوزات في القطاع الطبي وشبه الطبي بأحد المستشفيات الكبرى بالعاصمة عن طريق السمسرة في الآليات والخدمات الطبيّة لصالح القطاع الخاص عبر المستشفى الذي حصلت فيه التجاوزات، وقد تم تقديم الملف لوزير الصحة الذي وعد بالنظر فيه واتخاذ الاجراءات المناسبة في شأنه.
كما نحرص مؤخرا على عقد سلسلة من اللقاءات مع مجموعة من رؤساء الأحزاب السياسيّة ورجال الأعمال وشخصيات وطنيّة في إطار التشاور حول أهم القضايا والمستجدّات على الساحة الوطنيّة لاسيما بعد الأحداث المتكررة والمؤسفة التي تشهدها البلاد حيث أصبحنا نشهد بعض مظاهر العنف السياسي إثر الاعتداء الأخير على الشيخ مورو وكذلك الاضطرابات التي تشهدها صفاقس على خلفيّة الدعوة إلى إضرابات متكررة وحصول مناوشات وعنف في بعض المؤسسات.
هل طرحتم حلولا لبعض المشاكل التي تشهدها البلاد اليوم؟
من مبادئ حزب الأمان هو طرح البديل وعدم الاكتفاء بالنقد فقط، وقد عقد حزبنا مؤخرا على سبيل المثال مائدة مستديرة في خصوص كيفية ضمان حياديّة المساجد في بلادنا والتي باتت تشهد اعتداءات وفوضى وانتهاكات متكررة من بعض الفوضويين الذين لم يحترموا حرمة بيوت الله. شارك فيها عدد من الأحزاب ومكونات المجتمع المدني وقد انبثقت عنها لجنة للمتابعة والتنسيق التي شكلت بدورها لجنة لصياغة مسودة مشروع قانون لتنظيم المساجد والخروج بها من حالة الفوضى ومحاولات السيطرة وبث الفرقة والمذهبيّة من خلالها. وقد جهزنا تقريبا مشروع القانون وهو الآن في لمساته الأخيرة وسنطرحه قريبا بين يدي السيد مصطفى بن جعفر لاعتماده والمصادقة عليه في المجلس الوطني التأسيسي. ومازلنا ننظر في عديد الملفات العالقة في الشأن الوطني بغية تسليط الضوء عليها ومحاولة إيجاد الحلول اللازمة في شأنها.
وفي هذا الصدد نحن بصدد تنظيم سلسلة من الندوات والجلسات فيما يخص الشأن العام تحت اسم «الأمان في الشأن العام» نتناول فيها عديد الملفات والقضايا الحساسة على المستوى الوطني مساهمة منّا في بناء الوطن والنهوض به إلى مستوى أفضل وأرقى بعيدا عن كلّ الحسابات والمزايدات السياسيّة أو التجاذبات الفكريّة والإيديولوجيّة.
كيف تقيّمون أداء حكومة الترويكا بعد نحو ثمانية أشهر من العمل على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي؟
إنّ المرحلة التي تسلّمت فيها حكومة الترويكا السلطة، مرحلة حسّاسة وصعبة جدّا، فالبلاد منهكة اقتصاديّا وسياسيّا وتشهد مظاهر عديدة من الانفلات الأمني في جميع القطاعات تقريبا، ناهيك عن الاضرابات والاعتصامات العشوائيّة وأعمال العنف والشغب والتحريض داخل الجهات على العصيان والتمرد على الشرعيّة. واعتبارا لكل هذه الأوضاع يمكن القول بأنّ الحكومة نجحت نسبيّا في إخراج البلاد من عنق الزجاجة اقتصاديّا وأمنيّا واجتماعيّا.. واليوم هناك مؤشرات دالة على بدء تعافي الاقتصاد الوطني رغم بعض الهزّات، والتي تعتبر طبيعيّة بالنسبة إلى بلد يمرّ بمرحلة انتقال ديمقراطي وتحوّل هامّ على مستوى إداراتها ومؤسساتها التي نخرها الفساد لعقود طويلة ماضية.
ولكنّ هذا لا يعني أنّ الحكومة الحاليّة لم تقع في أخطاء وشهد أداء بعض وزرائها تقصيرا بارزا وارتباكا واضحا، كما أن غياب برنامج واضح وموّحد للترويكا أدى إلى إحداث شرخ في تماسكها.
إلى جانب أن الميزانيّة التكميليّة للسنة الحاليّة كان لنا فيها بعض المؤاخذات حيث نرى أنّ الحكومة جانبت فيها الصواب كمسألة موارد الأموال والأصول المصادرة على سبيل الذكر وآخرها التراجع عن التحوير الوزاري الذي كان من الممكن أن يُضيف نوعا من الشحنة الجديدة على عمل الحكومة وأدائها لاسيما في ظلّ تقاعس وعدم مردوديّة بعض الوزارات التي لم تضف شيئا.
ما هو موقفكم من حركة نداء تونس التي يقودها الوزير الأول السابق الباجي قائد السبسي وما يروج عنها من انتقادات واتهامات؟
نحن نرى أنّه من حق كلّ مكوّن من مكوّنات المجتمع التونسي السياسي أن ينتظم بالصور القانونيّة المعتبرة، وحركة نداء تونس حركة ارتأت العمل على الساحة السياسيّة وفق قواعدها الخاصّة ومنهجها السياسي الذي انتهجته وهذا من حق جميع الفاعلين والأحزاب السياسيّة. أمّا من ناحية الانتقادات والتخوّفات من فتحها الباب لعودة التجمعيين فالمسألة برأينا ينبغي أن لا تخرج عن ضوابط الأحكام القانونيّة، فما يمنعه القانون يُمنع وما لم يمنعه القانون فهو مشروع وبالتالي لا إقصاء إلا لمن ثبت إجرامه في حق الشعب أو كان رمزا فاعلا وبارزا من رموز النظام البائد.
كيف تنظرون إلى مشروع إبعاد التجمعيين من الحياة السياسية الذي سيتم النظر فيه قريبا؟
إذا تمّ النظر في هذا القانون وطرحه على المجلس الوطني التأسيسي فلا مناص حينها من قبول صوت الشرعيّة واحترامه مهما كان على اعتبار أنّ المجلس التأسيسي هو حاليّا السلطة العليا في البلاد وعلى الجميع احترام مقرراته وتطبيقها، وهذه هي قواعد اللعبة الديمقراطيّة.