منذ فترة غاب الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي، تقريبا منذ أن قام بزيارة لفرنسا بلد الجن والملائكة وهو صائم عن الكلام والظهور والتحرك. فلا أحد يسمع له ركزا أو ينصت له همسا. وإن شاء ا& المانع خير، لكن ربّي يدوم ها النعمة، فالرجل أصبح متوتّرا، قلقا، نرفوزي بالدارجة، عصبيا باللغة القحّة. لذلك فإن صمته أبلغ من كلامه، وصيامه اللساني فيه من النعم ما لا يحصى ولا يعدّ.
والصّمت في الأصل من شيم الحكماء، وهو زينة الرجال، وحلية الشيوخ، وفوائده في الحالة التونسية أكثر بكثير من المتصوّر خصوصا في هذا الشهر، شهر رمضان الشديد القيض، والمرتفع الحرارة حيث قد تشعل كلمة معركة وقد تقود جملة الى ساحة وغى لا تحتاجها أقوى حكومة في تاريخ تونس على حد قول أقوى وزير خارجية في تاريخ تونس، ولا يحتاجها أول رئيس عربي منتخب على حد زعم ابن أخت الرئيس المؤقت الذي عليه أن يطّلع أكثر على تاريخ سوريا ولبنان وحتى السودان، ليعلم أن مباهاته بخاله قد تصلح تحت خيام المرازيق لكنها قد تفضح إذا انتقلت الى الفضائيات.
وبما أن الرئيس المؤقت صوفي أيضا اضافة الى أنه علماني وليبرالي وحقوقي واشتراكي وقومي، فلعل في صمته ممارسة لصوم الجوارح، وهو صوم المقربين وكبار الثقاة وأئمّة الصلاح، ألم يقل إنه من أتباع الحلاّج وابن عربي (فرْد مرّة)، وعلى ذكر ابن عربي فإن لا أحد يشك لحظة بأن الرئيس المؤقت قادر على شرح فتوحاته المكية وعلى إفهام الخلق مقاصده من كتابه فصوص الحكم.
لعل الرجل الصامت يناجي في هذا الشهر الكريم ربه طلبا للحلول، ومنها حلول الذات بالذات كما هو حال الحلاج، وحلول منع قيام ثورة ثانية لا يتذكرها المؤقت إلا عندما تحيط به مشكلة فلا تعرف بالضبط هل هو خائف من قيامها أو هو يهدد بها! نسأل الله الهداية وسبل الرشاد...