من الاحتفالات الدينية برمضان المعظم في تونس انعقاد الاختام في الكثير من المساجد والجوامع بالجمهورية التونسية، خاصة ختم القرآن الكريم بصلاة التراويح، ويقع احتفال عظيم بجامع الزيتونة المعمور. والختم يطلق على معان أولها ختم الكتب في الحديث خاصة كتاب البخاري. وقد أولع الناس في تونس بالاحتفال بختم هذه الكتب وانشاد القصائد والتباري في الإجادة، ويعظّمون أكبر تعظيم ختم الكتب الحديثة(1). ومن كتب الحديث التي يحتفل بختمها كتاب الشفاء للقاضي عياض، وموطأ الإمام مالك بن أنس رضي ا& عنه، «وقد اتفقت الأختام على أن يكون الختم في معيّن في شهر رمضان». وخصص محمد بن الخوجة في كتابه «تاريخ معالم التوحيد في القديم وفي الجديد» الخاتمة لتأريخ نشأة أختام الحديث الشريفة بتونس قال: «اعلم ان أختام الحديث التي تقع بتونس كل عام في أيام معلومة من شهر رمضان مستمدة من صحيح الإمام البخاري الا ما شذ منها» (ص217).
وقال: «ولم يزل لأهل تونس عظيم اعتناء بشأن ختم الحديث»، واعتمد على ابن أبي دينار (ت1111ه) في كتابه «المؤنس»، والذي ينص على أن لأهل تونس اهتماما عظيما بمجالس الأختام واحتفالا كبيرا بها حتى أنهم يشتغلون عن كل ما سواها، ويغلقون حوانيتهم، وينادي المنادي فيهم أن الختم لجامع البخاري غدا صباحا أو عشية في موضع كذا فينزع الناس ويتسارعون شيوخا وكهولا، ذكورا وإناثا.
ولاحظ محمد بن الخوجة أن أول ختم للحديث بتونس أسسه أحد سلاطين بني حفص بجامع أبي محمد خارج باب السويقة. واستمر الاحتفال بختم القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف بتونس عبر العصور في رمضان المكرم، ويقع في آخر الشهر احتفال رسمي بحضور رئيس الدولة فتشرق الانوار، وتتضوع العطور، وتعلو الاصوات بالدعاء لتونس لتبقى أبد الدهر تتمتع بالرفعة والسؤدد.
وتحدّث ابن أبي دينار عن ختم الحديث النبوي الشريف في رمضان بمدينة تونس في عصره. أي في القرن الحادي عشر الهجري الموافق للقرن السابع عشر الميلادي. قال ابن أبي دينار في كتابه «المؤنس في أخبار افريقية وتونس» ما مفاده ان أهل تونس لا يقرؤون الا آخر كتاب الجامع الصحيح او آخر «الشفا» للقاضي عياض بعد ان يستفتحوا بقراءة القرآن العظيم، ويفتحوا مجلس الختم بترجمة كلام ا& من أهل الجنّة، ومنهم من يبتدئ بباب ذكر النبي ے وسلّم وروايته عن ربه عزّ وجلّ.
ويصف ابن أبي دينار راوي الختمة من أهل تونس في عصره بأنه اذا حضر يوم الختم تكون عليه سكينة ووقار،ويلوح عليه نور الحديث الشريف، ويكون يومه يعدّ من الأعمار. وفي الدعاء في آخر الختم أورد ابن أبي دينار وصفا لليلة القدر، قال عنها: أنها ليلة تقسّم فيها الأرزاق، ويجيب ا& فيها الدعاء والاستغفار ولها شأن بين الليالي وأي شأن.