بعد الازدهار العلمي والفني الذي عرفته صقلية أقفرت من نخبتها بعد سقوط بلرم بأيدي النور مان الذين ظلوا يحاولون افتكاكها طيلة ثلاثين عاما وفي هذه الفترة الطويلة غادر العلماء والشعراء وبعضهم غادر دون ان يحمل معه شيئا مثل ابن الصفار «فارين بمهجهم تاركين لكل ما ملكت ايديهم» وبعضهم غادر عندما انسحب أسطول بنو تميم وفيهم من هلك في الطاعون الذي ضرب بلارمو والبعض الاخر غادر إلى الاندلس. إذ تعددت وجهات المغادرين فذهبت مجموعة إلى الاندلس وبعضهم إلى مصر ولكن اغلبهم توجهوا إلى إفريقية وفي كل مكان استقروا فيه أسسوا مدارس ففي مصر تميزوا في النحو واللغة والقراءات في مدينتي القاهرة والإسكندرية ومنهم ابن القطاع في اللغة والنحو والعروض وابن الفحام في القراءات وأبو الحسن الصقلي في النحو والعروض ومن اشهر الكتب كتاب ابن الفحام في القراءات « كتاب التجويد في بغية المريد» حتى قيل فيه « ما رأيت اعلم منه لا بالمغرب وبالمشرق وانه ليحفظ القراءات كما نحفظ نحن القرآن»
اما في إفريقية فقد أتم المازري إنجاز المدرسة الصقلية في الفقه والحديث وذاع صيته إلى ان اصبح مقصدا يأتيه طلاب العلم من الاندلس وإفريقية وانتشرت كتبه ونظرياته في الاندلس ومن بين تلاميذه القاضي عياض وعدد من شيوخ أفريقية الذين انتصبوا للتدريس في المهدية وقابس وتونس وقال عنه السبكي «أما المازري فكان من أذكى المغاربة قريحة وأحدهم ذهنا».
وكان المازري مالكيا أشعريا متشددا وفيا للشيخ ابي الحسن الأشعري اما الذين هاجروا إلى الاندلس فكان اغلبهم من مريدي الشعر وقد ازدهرت الحياة الثقافية بين الاندلس وصقلية وإفريقية فكان الشعراء يتجولون بين الأقطار وكان الأمراء يجزلون لهم العطاء ومن اشهر الشعراء الذين هاجروا من صقلية ابن حمديس الصقلي.