أمام حجم الإشكاليات التنموية والأمنية التي تعاني منها مدينة تالة وتصاعد موجة الاحتقان الاجتماعي في ظل وضع أمني هش وسيطرة حالة من الشك لدى الناس في جدية وعود الدولة بتحقيق تنمية عادلة بالجهة
«الشروق» اتصلت بالسيد معتمد تالة لتطرح عليه جملة المشكلات والتساؤلات التي تخامر اذهان الناس هناك.
في بداية حوارنا معه اكد لنا المعتمد أنه كان يحس بسعادة كبرى بتعيينه على راس معتمدية سجلت اسمها بأحرف من ذهب لا في تاريخ تونس وحدها بل في تاريخ العالم لكنه عند حلوله بالمدينة يقول إنه انتابته مشاعر الصدمة لاكتشافه حجم المعاناة التي يعيشها الاهالي الى درجة لا يصدقها العقل الشيء الذي آلمه كثيرا وجعله يشعر بثقل المسؤولية في مدينة منكوبة بكل المقاييس بالنظر الى حجم الفقر والبطالة والتهميش وما يضاعف شعوره بثقل المسؤولية هوغياب تصور واضح لتنمية حقيقية تنهض بالجهة .فهل يعقل ان مدينة مثل تالة لها فضلها على الثورة التونسية يظل ابناؤها يعيشون على فتات الحضائر التي تحولت الى قنبلة موقوتة مرشحة للانفجار في كل لحظة يتساءل محدثنا في هذه النقطة تحديدا يوضح السيد المعتمد أن المعتمدية لا تملك ميزانية خاصة وان دور المعتمد يكاد ينحصر في الاستماع الى المشاغل وتبليغها وان مهمة اي معتمد لا تنجح إلا بتضافر كل فعاليات المجتمع المدني وتفعيل المجالس المحلية للتنمية التي هي قاعدة حقيقية لكل عمل تنموي وما لاحظته –يضيف- هوبصراحة غياب هذه الفعاليات وسلبيتها فرغم حداثة عهدي بالجهة لم تطرح علي ملفات مدروسة تكون منطلقا صلبا لي في الدفاع عن حظوظ الجهة بحيث انحصر عمل المعتمدية في معالجة مشكلة الحضائر والاليات ,وهوما يشكل عائقا في سبيل احداث تنمية حقيقية .وهنا يدعوكل الفعاليات من مثقفين ونقابيين واصحاب رؤوس الاموال وجمعيات الى ان يضطلعوا بدورهم للخروج من هذا المأزق والتعاون في سبيل ايجاد الحلول الحقيقية لإحداث نقلة نوعية في مجال التنمية .وعن سؤالنا عن كيفية الخروج من هذا المأزق خاصة وانه لا يمكن الغاء الحضيرة في غياب بديل تنموي أجاب أن الحضيرة ورطة كبرى انخرط فيها المواطن والدولة على حد السواء ,وفي ظل غياب البديل يبقى المأزق قائما لأنه في الوقت الحاضر يبقى مورد العيش الوحيد للناس هنا هوال 200 دينار المتأتية من الحضيرة . ويضيف المعتمد أنه يحمل كل الاطراف مسؤوليتها من حكومة ومجتمع مدني ويواصل محدثنا أن الغريب في الامر ان الثورة في تالة كان هدفها الكرامة والشغل وكان الناس ينتظرون رد الجميل الى تالة بالعمل على تركيز دعائم تنموية تنهض بالتشغيل لكن عوض ذلك نرى معامل تغلق ويشرد عمالها على غرار معمل الغرب للرخام وعلى غرار المتعاقدين في معمل الجير. فالوضع صراحة في تالة يسير من السيّئ الى الاسوإ. في جهات اخرى تحسنت وضعية التشغيل اما في تالة فإنها تفقد بعد الثورة ما كان موجودا وعن سؤالنا عما فعلته المعتمدية لحل مشكلة عملة شركة الغرب للرخام والمتعاقدين في معمل الجير وكذلك عملة الحضائر ممن لم تدرج أسماؤهم في قوائم الخلاص في مكاتب البريد أجاب «بأنه اتصل بالنقابات وممثلي الاتحاد وبالولاية لإيجاد ابواب للتفاوض فبالنسبة لمعمل الغرب للرخام فان المعلومات لديه تؤكد ان المعمل ستفتح ابوابه في غرة سبتمبر وفي انتظار ذلك بادرت الشؤون الاجتماعية الى اعطاء العملة المطرودين منحة ب 200 د لمجابهة مصاريف رمضان في انتظار ايجاد حلول جذرية يسفر عنها التفاوض ,اما بخصوص متعاقدي معمل الجير فالجهود منصبة كلها على ايجاد مخرج يرضي كل الاطراف.
وفي ما يتعلق بمن لم يدرج اسمه من عملة الحضائر في القوائم فؤني اؤكد «يضيف السيد المعتمد» بان الامر لا يعدو أن يكون اخطاء تقنية لا غير سيقع اصلاحها في الولاية.
وبسؤالنا عن نصيب تالة من البرامج التنموية التي سمع عنها المواطن دون ان يرى لها تجسيدا رغم وعود الحكومة يجيب المعتمد بان ما يثير الدهشة هوان البرامج التنموية الموجهة لتالة كانت مبنية على احصائيات خاطئة .ذلك ان استراتيجية التنمية لسنة 2012 والموجهة للجهة انبنت على احصاء خاطئ لعدد سكان تالة (12500 ساكن) والحال ان عدد السكان يتجاوز هذا الرقم ب3 مرات (35000 ساكن)، وهنا يدعو السيد المعتمد أبناء تالة عبر المجلس المحلي للتنمية الى انجاز احصائية دقيقة تسعى الى الاحاطة الكاملة بكل المعطيات الموضوعية المساعدة على انجاز برامج تنموية على اسس علمية وموثوقة .
أما عن المشاريع المبرمجة فإنه استغرب كثيرا من عدم تنفيذها الى حد الان اضافة الى تعطل الجمعيات التنموية عن العمل مثل جمعية العمل التنموي التي تنتظر تجديد هيئتها لاستغلال مبلغ 400 الف دينار لتمويل المشاريع الصغرى, ويضيف بأن جمعية «أندا» لتمويل المشاريع المتوسطة والصغرى اتخذت لها مقرا في تالة وما زالت الاتصالات جارية معها للتعجيل بفتحها في اقرب وقت لأهميتها في تفعيل التنمية.
بخصوص الوضع الامني يؤكد المعتمد على هشاشة الوضع في تالة فرغم عودة اعوان الشرطة الى العمل بصورة تدريجية فان النقص الفادح في الاعوان وضعف التجهيزات وعدم وظيفية المقر الجديد كل ذلك شكل عائقا امام العمل الامني وهوما يؤثر سلبا على التنمية. فبدون الامن لا مجال للتنمية والاستثمار ,فلا اخفيكم يضيف المعتمد ان المستثمرين لا يجازفون بالاستثمار في جهات لا يثقون في وضعها الامني : والضحية دائما هي تالة وأعول كثيرا على فعاليات المجتمع المدني لمعالجة جذرية لهذه الاشكالية، وعن سؤالنا عن مدى صحة ما يروج من اخبار عن تحويل مقرات الحرس الوطني (فرقة الابحاث فرقة منطقة الحرس) الى منطقة خمودة يجيب السيد المعتمد أنه تابع هذا الملف من خلال جلسة بينه وبين رئيس منطقة الحرس بتالة الذي كما يقول السيد المعتمد اكد له ان عملية النقل تمت بصورة مؤقتة ريثما يقع حسم مسالة كراء مقر جديد اوتوسعة مقر حرس الحدود سابقا ليجمع كل الفرق والوحدات الامنية للحرس بتالة (الشروق ستعود الى هذا الموضوع في مقال لاحق).
في كلمة الختام يؤكد السيد المعتمد انه يعتبر تالة منطقة منكوبة وان تدخل الدولة بصورة عاجلة امر ضروري وإلا كانت الكارثة علاوة على دور المجتمع المدني الذي يجب ان يخرج من حالة السلبية الى الفعل والمبادرة لان التنمية ليست وظيفة المعتمد وحده ويضيف أن الثورة لن تنجح ما لم يحل ملف التنمية في تالة باعتبارها مهد الثورة .