ليت السيد مصطفى بن جعفر يدلّنا على الدكان الذي يشتري منه ملابسه بالتقسيط المملّ. كما قال ذلك أحد معاونيه. أما التقسيط فيعرفه كل الشعب التونسي أما المملّ هذا فيبدو أنه بحاجة الى توضيح، هل هو ممل لصاحب المحل وفي هذه الحالة يمكن توجيه لوم للسيد بن جعفر؟ أم هو مملّ لبن جعفر وفي هذه الحالة فإن السؤال الواجب هو لماذا؟ هل يشكو ضيق ذات يد لا قدّر ا& وهو من هو؟ أم هل تورّط في ديون وهو ما لا يعقل لرجل في سنّه؟ أما اذا كان السيد مصطفى بن جعفر يعتقد انه بمثل التلويح بهذا الكلام سوف يروّج لما من شأنه ان يُصبّر شرائح كثيرة من الشعب التونسي من تلك التي أعيتها الحيلة وخاصمها الدرهم والدينار فهو بلا شك قد أخطأ. كما أخطأ من قبله السيد المصنف المرزوقي حينما راح يتحدث عن كلفة بدلته وعن مصدرها وحتى حين لبس برنسا لا يقي لابسه البرد ويمنعه أيضا من الحركة والعمل!
ذلك أن رسائل الزهد هذه قد تصلح في زوايا المتصوفة وأضرحة الأولياء والصالحين، أما عن التونسيين فإنهم بقدر إجلالهم لهؤلاء واعتقادهم فيهم الا أنهم لا يحبّون هذه الخصلة الزهد ولا ينصتون لمن يروّج لها ولا ينبهرون بالصابر عليها. فهم أبعد شعوب الأرض عن الزهد، فما بالك وهم من أذكى الشعوب اذا ما علموا أنه مصطنع وأنه مجرد بضاعة للتصدير والسلوان.
ولهذه الأسباب لا يبهرهم المسؤول الزاهد بقدر ما يبهرهم ذلك الذي يرفل في النعم بشرط أن يجدوا للنعم سبيلا، ولهذه الأسباب لا تراهم في الزوايا يدعون أن يلهمهم ا& الزهد بل أن يعطيهم من خزائنه وأن يرشهم بالملايين. ولذلك فلا داعي لغير ارسال كلمات تعد التونسيين بالرخاء وتبشّرهم بالوفرة، وفرة المال، ووفرة الزاد، بل وبالتخمة ايضا فإنهم مثل خلق ا& كلهم يحبون المال حبا جمّا، ويكرهون من يسرّب اليهم مجرد الإحساس بالفاقة. وإذا كان رئيس المجلس التأسيسي يشكو من الفاقة فإن ذلك ليس مدعاة للإعلاء من شأنه عندهم بل لعله كان سببا لمعاقبته. رد بالك يا سي مصطفى.