سبق كما هو معلوم ذكرى عيد المرأة لهذه السنة جدل واسع بين الاوساط السياسية والحقوقية في تونس ورفع البعض عقيرتهم بالصياح احتجاجا على ما اعتبروه تهديدا صريحا «لمكاسب المرأة» ونصب البعض الاخر انفسهم حراسا لهذه «المكاسب». وأكدوا انهم سيزلزلون عرش الحكومة من تحت اقدام الترويكا ان هي تجرأت وتلاعبت بهذه «المكاسب» . في المقابل اكد انصار النهضة خاصة ان المرأة في رؤيتهم ستبقى ملكة في عرشها وان كل ما يحدث مشاغبات يقوم بها اشخاص فشلوا في مواجهة النهضة ديمقراطيا فلجؤوا لمحاربتها في مجالات جانبية ء .
و بين اولئك وهؤلاء يبدو ان حقوق المرأة قد تاهت كالعادة وسط ساحة الوغى و لم ينلها سوى غبار الميدان .
فاستنادا لوقائع مسيرة ليلة 13 اوت يبقى السؤال المطروح متى يعي مثقفونا ورجال السياسة انه لكل مقام مقال و لكل مناسبة شعار؟ لماذا يحاول البعض الركوب على الاحداث على جميع المناسبات من اجل الوصول الى الغايات الحزبية في الشخصية ؟ لماذا التضحية بكبرى المواضيع دائما ؟و لماذا لا تحقق تحركات البعض دائما اهدافها ؟
هذه الاسئلة وغيرها تطارحها عدد من النسوة و الرجال على حد سواء بعدما لمسوه من تحويل وجهة عن قصد من بعض النشطاء لمناسبة 13 اوت حيث كان المشغل السياسي اوضح من المشغل الحقوقي وحتى بعض الوجوه التي حضرت تركت خلفها اكثر من سؤال بداية من «فريديريك ميتران» وصولا لغياب من يمثل العاملة والفلاحة والمعينة المنزلية في مسيرة حضرتها طبقة خاصة جدا من النسوة وغابت عنها الكادحات المنسيات دائما اللاتي قسمت اكوام الحطب التي ينقلنها يوميا ظهورهن واللاتي يغادرنا أوكارهن يوميا من الفجر ليعدنا الى المطبخ مع غروب الشمس و اللاتي أفنين اعمارهن في مطابخ كبار القوم انهن جزء لا يتجزأ من نساء تونس مهضومات الحقوق المنسيات على الدوام.
والغريب انه في نفس التظاهرة تكرر اعتداء العادة على الطاقم الصحفي والتقني لقناة الجزيرة من طرف اناس ضاقت صدورهم ورفضوا الرأي المخالف والرؤية المختلفة بينما كانوا قبل 14 جانفي مستعدين لدفع الغالي والنفيس لنيل رضا مشرفيها والظهور على شاشاتها.
بالمناسبة شارع محمد الخامس شهد في نفس الليلة تجمهر بعض النسوة اللاتي طالبن بحق تعدد الزوجات كما طالبت اخريات بحق المنتقبة في التعليم والعمل وحرية اللباس في اطار ان الحريات كل لا يتجزأ
كل هذا بمناسبة الدفاع عن «مكاسب» المرأة .فأين المرأة من كل هذا واين مكاسبها ومتى يستفيق تجار الحقوق والسياسة ويدركون ان لكل معركة سلاح ولكل محطة أهداف وإذا ما تداخل هذا مع هذا تاه ذلك في ذاك .