لئن تقلصت ظاهرة البيع المشروط مقارنة بسنوات سابقة بفضل تدعّم الوعي وتغيّر سلوك أصحاب المقاهي وكثرة حملات المراقبة الاقتصادية فإن البعض من الفضاءات الترفيهية والمقاهي يحاول استغلال فترة الصيف التي يحلو فيها السهر لممارسة البيع المشروط. في الصيف تحاول العائلات التونسية نسيان تعب يومهم وارتفاع درجة الحرارة والهروب من صخب المدينة والالتجاء الى الضواحي حيث المقاهي والفضاءات الترفيهية ويحاول في المقابل بعض أصحاب هذه المقاهي استغلال كثرة إقبال الحرفاء لتحقيق ارباح وفرض تسعيرات حارقة لا تتماشى مع القدرة الشرائية للمواطن فمن غير المعقول ان يصل ثمن القهوة الى 4 دنانير وكذلك الشاي وسعر قارورة المشروبات الغازية الذي قد يبلغ 5 دنانير.
وفي بعض المقاهي بضفاف البحيرة والمنار تصل الأسعار الى أكثر من ذلك بكثير. الأسوأ والأمرّ ان بعض أصحاب المقاهي يحاولون استغلال كثرة الإقبال للبيع المشروط مثل اشتراط الماء او المرطبات مع القهوة وبعض المقاهي الأخرى تمنع بيع الشاي والقهوة وتفرض على الحرفاء استهلاك المشروبات الغازية.
وبعض أصحاب المقاهي الأخرى لا يلتزمون بالقانون وهم يعمدون الى عدم اشهار الأسعار وعدم اعلام الحريف بها عبر المطويات فوق الطاولة. وأثارت هذه الممارسات الاحتكارية والبيع المشروط والغش حفيظة وسخط الحرفاء. فقد أشار أحد المواطنين الى ظاهرة البيع المشروط وغيرها من الممارسات الاحتكارية قائلا: «من المخجل والمؤسف انها تنتعش في هذه الفترات الأخيرة من الصيف وتحاول استنزاف جيوب العائلات التونسية المستنزفة بطبعها بسبب كثرة مصاريف رمضان والعيد».
وتساءل «أين أعوان المراقبة الاقتصادية ولماذا تتغافل الجهات المسؤولة عن مثل هذه الممارسات ولا تتدخل للردع وفرض تطبيق القانون». ولاحظ مواطن آخر : «الأسعار التي يتم فرضها في مثل هذه المقاهي لا تتماشى مع قيمة المنتوج وخاصة المرطبات كما ان كثرة ضجيج الآلات الموسيقية وأشباه الفنانين تجعل من هذه الفضاءات أمكنة غير مرغوب فيها ولا تعثر داخلها على الراحة». وقد تبدو تذمرات المواطنين من ظاهرة البيع المشروط وارتفاع أسعار المنتوجات غير مبررة لدى أصحاب المقاهي فهؤلاء يسعون الى الاستعانة بفرق موسيقية ومطربين وفنانين لإضفاء أجواء خاصة داخل المقاهي وللترفيه عن الحرفاء. وهذا ربما ما يفسّر ارتفاع أسعار المنتوجات مقارنة بمقاهي شعبية.
ويؤكد هؤلاء ان اللجوء الى مثل هذه الفضاءات ليس بالغصب ولا بالقسر وبإمكان الحرفاء اذا لم ترق لهم الأسعار ان يغيّروا وجهتهم نحو مقاه أخرى. ويعتبر البعض الآخر من أصحاب المقاهي السياحية ان القطاع مرّ بظروف صعبة جرّاء الاضطرابات وأن انتعاشة نشاطهم يقتصر على موسم الصيف وفترة رمضان. ويسعون الى فرض تسعيرات تتماشى مع كثرة المصاريف والأداءات وأجرة العمال في مستوى الخدمات المقدّمة. ويبقى البيع المشروط وممارسة الاحتكار والغش سلوكات ترتبط معالجتها بالتحسيس والتوعية.