قُبيل غزو العراق واحتلاله عزفت أمريكا مطوّلا على وتر ما سمي أسلحة الدمار الشامل العراقية... وهي اسطوانة مشروخة ظل المسؤولون الأمريكان يرددونها الى ان صدّقوها... وقد بذلت السلطات العراقية وقتها جهودا جبّارة لكشف زيف هذه الأكاذيب وإبطال مفعولها... ووصل الأمر حد فتح القصور الرئاسية وغرف نوم الرئيس الشهيد صدام حسين للتفتيش لكن دون جدوى.. فقد كان الهدف الاستراتيجي الأمريكي هو تدمير القوة العراقية واحتلال العراق لمباشرة تنفيذ ما يسمى مخطط الشرق الأوسط الكبير (أو الجديد).. وهو هدف اتخذ مرحليا وتكتيكيا من أكذوبة أسلحة الدمار الشامل العراقية مجرّد ذريعة لغزو العراق واحتلاله... وباقي فصول المؤامرة باتت مكشوفة ومعروفة للجميع. الآن يتجه التاريخ لإعادة نفسه من جديد مع سوريا هذه المرة. فمع اقتدار النظام في سوريا على التعاطي مع فصول المؤامرة التي ألبست لبوس حراك شعبي من أجل الحرية والاصلاحات الديمقراطية وهو حراك لا يعترض عليه أحد بما فيها السلطات في دمشق... بدأت الأحداث تتجه نحو العسكرة وظهرت في الميدان عصابات متسللة من الخارج ومسلحة ومموّلة من جهات إقليمية ودولية باتت معلومة للجميع... ومع ظهور بوادر انكسار هذا المخطط طلعت إدارة أوباما على منبر الأحداث مستندة مرة أخرى الى أكذوبة الأسلحة الكيمياوية السورية هذه المرة... في استنساخ فجّ وسيئ لأكذوبة أسلحة الدمار الشامل العراقية... ومن فرط ترديد هذه الأكذوبة فقد صدقتها الإدارة الأمريكية وبدأت تعدّ الخطط وفرق الكومندوس للتسلل الى سوريا و«تأمين» هذه الأسلحة حتى لا تقع في أيدي «العصابات الارهابية».
والمسألة هنا تحتاج الى وقفة تأمل ولملمة شتات العقل: أمريكا التي تؤجج الازمة في سوريا وتعمل على تحويلها الى حرب مفتوحة... وأمريكا التي تدعم الجماعات الارهابية بالمال والسلاح (مباشرة او بواسطات) بما يخلخل أجهزة الدولة والمؤسسات في سوريا وينشر أجواء حرب حقيقية في بعض المدن... هذه ال أمريكا تعود وتخطط للتدخل ميدانيا لتأمين أسلحة كيمياوية مزعومة والحيلولة دون وقوعها في ايدي هذه العصابات.. كيف يستقيم كل هذا؟ وهل نتخلص من عقولنا لنصدّق هذه الأكذوبة؟ أم تراه صمود سوريا واقتدارها في صد هذه الهجمة الشرسة بما بات يهدد بإجهاض المؤامرة ككل قد أفقد الإدارة الأمريكية وتحت ضغط اقتراب موعد الانتخابات توازنها وبات يدفعها دفعا الى افتعال الأكاذيب لتبرير تدخل مباشر في الأزمة وإن ألبس زورا وبهتانا مجددا لبوس تأمين أسلحة دمار سوريا... هذه المرة.