حي الرحيبة نسبة إلى البطحاء والتي تتوسّطه التي كانت في ما مضى سوقا صغيرة،كان النواة الأولى لمدينة تستور، والذي يتوسّطه «الجامع العتيق» الذي يعود إلى أربعة قرون خلت تقريبا، وهو أوّل جامع وقع تشييده بالمدينة.
هذا الجامع كان معلما دينيا مهمّا في المدينة لكّنه ومنذ سنين اصبح مرتعا للعديد من التجاوزات الخطيرة التي لا تليق بمقام معلم ديني . وفي الفترة الأخيرة تحرّكت الهمم في بعض الغيورين على الدين الإسلامي الحنيف ليشهد هذا المعلم تدخّلات ضمّدت جراح العديد وأعادت من خلالها الرّوح ليرفع فيه الأذان من جديد.
«الشروق» واكبت التحضيرات الأساسيّة لعودة الرّوح لهذا الجامع» الجامع العتيق» بحي الرحيبة بمدينة تستور، وفي هذا الإطار ونظرا لأهميّة هذا التحرّك والفعل الممدوح،قمنا بزيارة هذا المعلم الديني أين التقينا بالعديد من أبناء المدينة ، ومنهم السيّد الحبيب جهين الذي في البداية أبى أن يقع تصويره وعلّل ذلك بضرورة سترة عمل الخير، لكن تحدّث إلينا عن مثل هذه الحركة، فأفاد بأنّ هذا الجامع يعدّ أوّلا معلما دينيّا وقع تشييده بالمدينة، ثمّ وقع إهماله في السّابق الشيء الذي جعله مرتعا للعديد من التجاوزات البشريّة والتصرّفات الخطيرة التي تدخل في خانة تدنيس المقدّسات،وفي الفترة الأخيرة ، كان الحلم القديم للسيّد «الحبيب» قد تبلور وأصبح من الممكن تحقيقه، ألا وهو إعادة الرّوح لهذا الجّامع، فتحرّك لبسط الفكرة على العديد من أبناء المدينة الذين دون تردّد ساروا معه في نهج واحد ألا وهو إعادة الهيبة لأوّل معلم ديني في المدينة. هذا التحرّك تمثّل في القيام بحملة نظافة تواصلت لمدّة 3 أسابيع تقريبا، وقع خلالها تقليع الأعشاب المتواجدة ورفع جميع الفضلات المنزليّة وعلب المشروبات الكحوليّة والعديد من المواد الحديديّة المتناثرة هنا وهناك، ثمّ وقع التبرّع لتركيز باب خشبي يحمي الجامع من ولوج الأطفال والمواشي. وبمجهود متواضع تمّ تنظيف الجامع بالكامل من الداخل أين أصبح في حالة تسمح بالقيام بصلاة المغرب والعشاء نظرا لغياب سقف يحمي المصلّين من أشعّة الشمس الحارقة، ومن أجل ذلك تبرّع بعض المساهمين في هذا العمل الخيّر وذلك بتوفير بعض الزرابي البلاستيكيّة التي فرشت على أرض نظيفة أدخلت البهجة وعزّة الدين الإسلامي في العديد من مواطني الحي والمدينة ككلّ الذين وفي أيّام معدودات تجاوز عددهم الخمسين، يجتمعون في هذا الجّامع لتوحيد الخّالق وكتعبير عميق ورسالة واضحة عن ضرورة تظافر الجهود من أجل إعادة الرّوح لهذا المعلم .
وفي نفس الإطار أراد السيّد «الحبيب جهين» تقديم جزيل شكره لكلّ من ساهم في هذا العمل الخيّر وأوّلهم الأفراد الذين قاموا بحملة النظافة، والسيّدة أحلام العرفاوي الكاتبة العامة لبلديّة تستور، التي وبمجرّد الاتصال بها سخّرت جميع ممهّدات نجاح هذه الحملة وذلك بتسخير عملة البلديّة قصد رفع الفضلات، كما لم ينس بان يتوجّه بالشكر إلى كلّ أهالي حي الرحيبة الذين ساهموا في هذا المجهود بالفعل وبالحماية. وخاصة الشخصان اللذان تبرّع أحدهما بالنور الكهربائي والآخر بخرطوم المياه من منزله ليبقى على ذمّة الجامع ،كما أنّ السيّد «الحبيب» لم يخف أمله في تظافر جميع الجهود من أجل المساهمة في ترميم وتهيئة هذا المعلم الديني العريق ، وكما صرّح هذا الأخير وسانده في ذلك جميع من تقابلنا معهم، كان الطلب موجّه إلى السيّد مدير الوكالة التونسيّة لتهذيب وإحياء التراث التي يمكن أن تتدخّل إدارته بشكل فنّي ومجدي في تهيئة الجامع كما الأطراف الممثّلة لجميع الجمعيات التنمويّة والخيريّة والميسورين من أبناء المدينة في الدّاخل والخّارج ،فضلا عن موقع الإدارة التي تعدّ أوّل من يهمّها الأمر، وفي هذا الإطار وصل إلى مسامعنا أنّه وبعد هذه الحركة قامت مجموعة من مواطني المدينة بتحرير مكتوب رفع إلى السيّد نصّر التميمي والي باجة من أجل التدخّل والأمر بالقيام بجميع الإجراءات الإداريّة لدى جميع المصالح المتداخلة على غرار وزارة الشؤون الدينيّة التي هي صاحبة الشأن في ذلك.
ونظرا لأهمية الموضوع الذي يكتسي أهمية بالغة ، بات وحسب تعبير كلّ من استجوبناهم ، الأمر أكثر من ملحّ من أجل التحرّك السريع والمدروس من أجل إعادة الرّوح لهذا المعلم التّاريخي العريق.