يعتبر سوق الجملة للخضر والغلال بولاية القيروان الشريان الذي يغذي مختلف أسواق القيروانالمدينة والبالغ عددها 7 أسواق محلية، كما يزود السوق عديد الجهات الأخرى بكل أنواع الخضروات وأهم الغلال التي تنتجها البلاد التونسية. كل هذه الميزات جعلت من هذا السوق أهم الروافد التى تساهم في دفع العجلة الاقتصادية بالجهة ولكن هذه المميزات لا يمكن أن تخفي المشاكل العديدة التي يعاني منها مثلث الدورة الاقتصادية في السوق المتكون من الفلاح والتاجر والوكيل (الهباط). والتى جعلت من العمل داخل السوق يتسم بعديد الصعوبات التي انعكست على مدى نجاعة السوق. وللكشف عن أهم هذه المشاكل وانعكاساتها على الأسعار تحولنا الى سوق الجملة للخضر والغلال بالقيروان والتقينا بجملة من الموجودين بالسوق ورصدنا الاشكاليات التى تعترض عملهم.
بداية تحدث الينا السيد حسين الجبيلي فلاح أصيل منطقة عبيدة والتي تعتبر من اهم المناطق المزودة للسوق قائلا: «نعاني نحن من عديد المشاكل هنا في السوق يبقى أهمها غياب الأمن حيث أن سوق الجملة بالقيروان لا يوجد بها عون أمن واحد وهو ما يعرض الفلاحين لعديد المشاكل مثل سرقة منتوجاتنا من قبل أفراد تتردد باستمرار على السوق في ساعات الصباح الأولى».
وأضاف قائلا «كنا نأتي بمنتوجاتنا من الخضر والغلال في الليل نتركها في السوق ثم نأتي باكرا لتسلم الثمن فنفاجأ بسرقة قدر كبير من المنتوج وعندما نتصل بالمسؤولين في السوق تقفل في وجوهنا الأبواب. وهو ما يعرضنا دائما لخسائر مادية جسيمة لذلك نطالب سلطة الاشراف بسرعة معالجة الموضوع خدمة للصالح العام والا فان الفلاح في القيروان سيضطر لقطع التزويد عن السوق والتوجه الى أسواق أخرى.
كما أكد لنا فلاحون آخرون أنهم تعرضوا في بعض الأحيان الى خطف سلعهم بالقوة من قبل أصحاب السوابق الذين يترددون على السوق ويصولون ويجولون دون رادع كما أكدوا على أن السوق الليبية تبقى أهم متنفس لهم.
مسألة اخرى مهمة تشهدها السوق وهو الفارق الشاسع بين سعر البيع بالجملة داخل السوق والبيع بالتفصيل للمستهلك. وتحدث التجار والفلاحون عن وجود تلاعب بالأسعار والفواتير.
السيد قيس الوسلاتي وهو تاجر تحدث قائلا «ان المشكل هنا يتلخص في التضارب الكبير بين سعر الشراء وسعر البيع لبعض المنتوجات خاصة الغلال كما يبقى أهم مشكل هو تعمد بعض الفلاحين بيع منتوجاتهم خارج أسوار السوق وهو ما يخلق عدة مشاكل للتجار كعدم التوازن بين سعر الجملة وسعر البيع وأيضا بين العرض والطلب داخل السوق نفسه».
الحمالة داخل سوق الجملة بالقيروان اشتكوا بدورهم. حيث أكد السيد أحمد العامري وهو حمال بسوق الجملة أن المشكل بالنسبة له يبقى في تواطؤ تعاضدية صبرة للعملة والخاصة بالهباطة في ممارسات لا تخدم مصلحة السوق ولا الحمالة اذ أنها تجبرهم على التراخي حسب قوله طلبا لنسبة زيادة من الفلاح مع العلم أن النسبة التي ينتفعون بها حاليا هي اثنان ونصف بالمئة وهي نسبة معقولة جدا.
حاولنا الاتصال بأحد المسؤولين بالسوق سواء الوكلاء او ادارة السوق الا أنهم رفضوا الحديث الينا فقط أوجز أحد الوكلاء قائلا: «المشكل الأساسي الذي تعاني منه السوق هو الحمالة حيث يتعمدون عدم انزال منتوجات الفلاحة بتعلة الزيادة في النسبة التي يتحصلون عليها فيضطر الفلاح لانزال بضاعته بنفسه كما يقومون بنفس التصرف غير المسؤول مع التجار عند التحميل والغريب في الأمر أن النسبة التي يدفعها الفلاح والتاجر للهباط وهي 5 بالمائة مناصفة تبقى سارية المفعول رغم التخاذل.
وللإشارة فقط فإن معظم الذين التقيناهم في السوق رفضوا أن نلتقط لهم صورا قائلين «منحبش تتقطع خبزتي» وهو ما يطرح سؤالا كبيرا ماذا يحدث خلف أبواب سوق الجملة للخضر والغلال بالقيروان؟ المواطن الذي التقيناه في الشارع أكد أنه في ظل هذا التلاعب يبقى المواطن أكبر متضرر.
علما وان البلدية هي احد المتضررين. حيث ان سوق الجملة يعتبر موردا هاما للبلدية. ولكن بعد الثورة تراجعت مردودية السوق بسبب رفض بعض الوكلاء دفع المعاليم التي يقبضونها من الفلاح من اجل تسليمها للبلدية ولكنهم يحتفظون بها ولا يسلمونها للبلدية بتعلة ان البلدية لم تتدخل لتهيئة السوق. بل ان احد الوكلاء التهم اموال البلدية (مبلغ كبير جدا) وعندما تمت مطالبته بالمبلغ وافق على دفعه بالتقسيط المريح.
ويجب على البلدية ومصالح المراقبة الاقتصادية مزيد اليقظة من اجل حماية الفلاح والحفاظ على التوزان داخل السوق والذي يؤثر على العرض والطلب في أسواق التفصيل. كما وجب توفير الحماية الأمنية من اجل ان لا يجوع الذئب ولا يشتكي الراعي. ويذكر ان والي القيروان قام بزيارات الى السوق لكن نفس المشاكل تواصلت.