السّعي إلى فهم نفسية الطفل واحترام خصوصيته وتجنب الإسقاطات على ردود أفعاله وتوفير ظروف الأمان والحنان العائلي كانت من أوكد توصيات الدكتورة دليلة ابراهيم عثمان من خلال المحاضرة التي ألقتها مؤخّرا بقصر بلدية حمام سوسة. والمحاضرة نظمتها جمعيتي: «المنار الثقافية» و«قدماء مدرسة طريق تونس» بالتعاون مع بلدية الجهة وقد عنونت ب«التربية الإيجابية للطفل» وهي ملخّص لدورة تدريبية متكاملة حسب تأكيد الدكتورة دليلة والتي أطّرت مداخلتها بالتأكيد على خصوصية الإنسان مضيفة بالقول «الإنسان لا يشبه أحد فماذا هو فاعل بهذه الخصوصية التي أودعها الله فيه، مثلما تتنزل هذه المحاضرة في إطار التغيير السياسي الحاصل والذي عادة يكون أسرع من التغيير الاجتماعي».
اعتبرت الدكتورة دليلة أن جل الاختلالات التي تصيب نفسية الطفل يتسبب فيها الأبوان محذّرة من إلحاق الإهانة بالطفل وضرورة تجنب مختلف أشكال العنف المعنوي والبدني لأنها السبب الأساسي والرئيسي لإلحاق مختلف الأضرار النفسية بالطفل، وفي تحليلها للمنهج التربوي داخل الأسرة قدمت الدكتورة ثماني توصيات عملية تربوية برتبة مبادئ ثابتة استندت فيها إلى نفسية الطفل من خلال ردود أفعاله وهي : - توجيه طاقة الطفل باعتبار أنها تضاهي ثلاثة أضعاف طاقة الكهل داعية الوالدين إلى حسن تصريف هذه الطاقة بعيدا عن أساليب المنع والقمع بل بخلق منافذ أخرى لها ففي عملية إحصائية يتلقى الطفل حتى سن اثني عشرة سنة 148 ألف مرة كلمة «لا» مقابل 400 مرة «نعم» فالمنع المباشر يحيل إلى نتائج عكسية بل يشحن رغبة الطفل بفعل الشيء الذي منع منه والسعي لصنع ثقة الطفل بنفسه بالرفع من معنوياته وتثمين مبادرته الإيجابية والتنشيط الذهني بخلق أنشطة ذهنية فاعلة بعيدا عن ظاهرة التلفزيون التي اعتبرتها الدكتورة مضرة بذهن الطفل وتعيق نمو ذكائه داعيا إلى إرجاع تقاليد الخرافة والروايات لأنها تمكن الطفل من الخيال والإبداع وكذلك الإشباع العاطفي : وتعتبر الدكتورة أن انعدامه من أهم أسباب ظاهرة الانحراف لدى الأطفال كما ان إظهار الزوجين لحبهما أمام أطفالهما يشحن عاطفتهم ويحسسهم بالأمان واضف الى ذلك التربية التفاؤلية التي تبعث التفاؤل في نفسية الطفل والتركيز على الذكاء العاطفي إلى جانب الذكاء العلمي باعتبار أن التفوق الدراسي غير كاف في ظل غياب قدرات أخرى لدى الطفل مثل القدرة على التواصل وإدارة الحوار كما يجب أن يميز الوالدان بين الفعل والفاعل بالرفع من معنويات الطفل عند ارتكابه خطأ بنقد صنيعه ولا نقد شخصه ككل وإسقاط صفات سلبية عليه قد تترسخ في ذهنه وتسبب له عقدا وترسيخ البعد الديني في نفسية الطفل باعتبار أن العقيدة مصدر الأمان الكلي.
هذا واختتم اللقاء بملاحظات واستفسارات من الحاضرين الذين تفاعلوا كثيرا مع المحاضرة القيمة للدكتورة داعين إياها لتنظيم حلقات تكوينية للأولياء في مختلف القضايا التربوية والأسرية.