سيناريو الغضب الذي جربته الولاياتالمتحدة الأسبوع الماضي قد تواجهه فرنسا اعتبارا من اليوم بعد دعوات للتظاهر في عدة مدن فرنسية وضد المصالح الفرنسية عبر العالم احتجاجا على الرسوم الكاريكاتورية «الاستفزازية» التي نشرتها مجلة فرنسية. قال خبراء ان الحكومة الفرنسية تدرك أن اليوم الجمعة هو «يوم كل المخاطر» وهي تخشى تحديدا أن تتعرض المصالح الفرنسية في الخارج إلى ما تعرضت له السفارات الأمريكية بسبب فيلم «براءة المسلمين»، و فتح جبهة احتجاج داخلي في شوارع فرنسا، بعد أن فاجأ عشرات المتظاهرين من السلفيين الأمن الفرنسي باختراقهم لساعات أكثر المناطق حساسية في العاصمة الفرنسية، باقترابهم من السفارة الأمريكية في قلب ساحة الكونكورد، قبل أن توقف مسيرتهم الشرطة على مقربة من القصر الرئاسي نفسه.
أيام الغضب وتواجه السلطات الفرنسية احتمال عودة تلك المسيرات إلى الشارع، بعد انتشار دعوات على شبكات التواصل الاجتماعي تدعو إلى التظاهر في باريس وتولوز ومرسيليا، احتجاجاً هذه المرة على نشر الرسوم الساخرة في «شارلي ايبدو».
وفي مؤشر على حزم حكومي وعدم الرغبة بفتح ثغرة في شوارع المدن الفرنسية لتظاهرات قد يستغلها سلفيون، على قلتهم، كما يقول الأمن الفرنسي، رفضت الحكومة الفرنسية الترخيص لتظاهرة احتجاجية تقدمت بها جماعات إسلامية، على أن يجري تنظيمها غدا السبت..
ويبدو أن اليوم الجمعة سيكون يوما مثيرا للقلق للفرنسيين إذ استنفرت الحكومة الفرنسية عدداً كبيراً من قنصلياتها وممثلياتها الديبلوماسية في 20 بلداً عربياً وإسلاميا. وتلقى الآلاف من الفرنسيين في الخارج نصائح ورسائل تطلب منهم توخي الحذر خلال تنقلاتهم في 20 بلداً عربياً وإسلامياً، وعدم الاقتراب من المساجد والسفارات وتفادي التجمعات التي قد تحصل.
وقررت وزارة الخارجية الفرنسية إغلاق سفاراتها وممثلياتها ومراكزها الثقافية في هذه البلدان اليوم الجمعة، خوفاً من ردود فعل معادية لباريس «رغم انه لا توجد أخطار مؤكدة على المصالح الفرنسية في هذه الدول»، كما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فيليب لاليو، و«لكننا نفضل استباق الأمور».
و قد شهدت كابولوطهران واسلام أباد أمس تظاهرات جديدة احتجاجاعلى الفيلم المسيء للاسلام والرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد التي نشرت في فرنسا. وفي أفغانستان تظاهر المئات أمس سلميا احتجاجا على بث فيلم «براءة المسلمين» وعلى نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد. وهتف حوالى 300 طالب «الموت لفرنسا، الموت لامريكا» في احدى ضواحي العاصمة الافغانية كابول. وفي منطقة مجاورة هتف مئات المتظاهرين «الموت لأمريكا» و«يعيش الاسلام وتعيش افغانستان».
وفي اسلام اباد اصيب 11 شخصا على الاقل بجروح في تظاهرة شارك فيها حوالى الف طالب، حمل غالبيتهم العصي، احتجاجا على الفيلم المسيء للاسلام، وقد اصيب الجرحى خلال اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الامن، كما افادت الشرطة وفرق الاسعاف.
وفي طهران تظاهر نحو مئة شخص أمس امام السفارة الفرنسية في العاصمة الايرانية، كما افاد مراسل فرانس برس. وأضاف المراسل ان المتظاهرين الذين منعهم عناصر الأمن من الاقتراب من السفارة رددوا «الموت لأمريكا» و«الموت لاسرائيل» و«الموت لفرنسا».
طوارىء في باريس
وبقرارها نشر بضع رسوم ساخرة عن النبي محمد، ضمت الأسبوعية «شارلي ايبدو» فرنسا إلى جبهة المواجهة والاحتجاج التي أشعلها فيلم «براءة المسلمين» في شوارع عربية وإسلامية.
وقالت مصادر متطابقة ان المجلة التي باعت خمسة وسبعين ألف نسخة في يومين فقط وهو ما يعود لأسباب مختلفة منها الفضول وضعت فرنسا أمام احتمال تكرر سيناريو الغضب ليس عبر العالم فقط بل في المدن الفرنسية وفي باريس تحديدا.
وانتشرت شرطة مكافحة الشغب لحماية مكاتب المجلة في باريس وهي نفس المكاتب التي تعرضت في السابق لهجوم بزجاجات مولوتوف. ونشرت قوى الأمن وحدات خاصة لحماية مقر الصحيفة في الدائرة العاشرة من باريس. ويقوم رجلان من الأمن بحماية رئيس تحرير المجلة شارب منذ عام وأكثر «لكن شارب لم يتلق أي تهديد (كما قال) حتى الآن».
وحاولت الحكومة الفرنسية استنفار قنوات الاتصال مع المسلمين الفرنسيين وعبر المجلس التمثيلي للمسلمين. واستدعى وزير الداخلية مانويل فالس أعضاء المجلس ورؤساء الجمعيات الإسلامية ليؤكد لهم تأييده «حرية التعبير ومنها الكاريكاتور والرأي، حق أساسي يضمنه القانون في فرنسا، وأن أمامهم المحاكم لمن يرى انه تعرض للإهانة».
والأرجح أن المحاكم لن تجد ما تقوله في الرسوم الساخرة من النبي محمد. وقال عميد مسجد باريس دليل أبو بكر، في رد على دعوة المسلمين الاحتكام إلى القضاء، إن «القضاء الفرنسي لم يقبل الدعوى التي أقمناها على شارلي ايبدو في العام 2006 عندما نشرت رسوماً مسيئة للنبي محمد».
ومن المنتظر أن يوجه أئمة المساجد، بناء على قرار مسجد باريس والمجلس التمثيلي للمسلمين، رسائل تهدئة خلال خطب الجمعة لكن الرسائل لا تضمن بطبيعة الحال «عدم التظاهر» ولا تقصي احتمال المواجهة والانفلات اليوم.
وفي ضاحية سارسيليه شمال باريس، قال مصدر في الشرطة ان شخصاً أصيب إصابة طفيفة عندما ألقى ملثمان عبوة من خلال نافذة متجر يهودي، لكنه أضاف إن من المبكر الربط بين الهجوم والرسوم الكاريكاتورية.