يمكن القول بان مدرسة فلسطين أو ما اصطلح الاهالي على تسميتها «بمكتب سي الغريبي» نسبة إلى المربي المرحوم المناضل الغريبي الجمل هي المعلم التاريخي الابرز الذي يجسد الذاكرة التاريخية للمدينة. فقد فتحت ابوابها في اواخر القرن 19. ورغم اهميتها التاريخية لم يكن تعامل السلطة خلال العقود السابقة يتناسب مع قيمة هذه المدرسة. فقد تجاهلت كل النداءات التي تطالب بصيانتها وانقاذها من الانهيار والتآكل والتداعي إلى درجة أنه خلال السنوات السابقة اصبح المربون والاهالي يخشون على ابنائهم من انهيار فجئي لأسقف وجدران القاعات المهترئة والمتهالكة في مناخ تالة القاسي. ويبدو ان وزارة التربية قد استجابت اخيرا إلى هذه النداءات الملحة بضرورة التدخل لإنقاذ هذه المنارة العلمية وذلك برصد مبلغ 400 الف دينار لانجاز عمليات الصيانة والترميم أضيفت إليها بعد ذلك مائة الف دينار اخرى لتدعيم الاشغال ليصبح المبلغ الجملي في حدود 500 الف دينار قابلة للترفيع. هذا وقد عاينت الشروق بداية انطلاق الاشغال بالمدرسة واالتقت بمديرها وسألته عن طبيعة الاشغال الجارية بالمدرسة وعما اذا كانت ستؤثر على عودة التلاميذ إلى الدراسة فأجابنا بان اطار المدرسة وكل الاهالي انتظروا طويلا لكي تتحقق امنيتهم وعانى التلاميذ واطار التدريس الامرين خاصة خلال فترات الشتاء القاسي الطويل بتالة حين تتحول كل القاعات إلى برك من الماء ينساب من فوق ومن تحت الجدران. ومنذ مارس 2012 وبعد زيارة التلفزة الوطنية للمدرسة ووفد من شبكة دستورنا الذي عاين وضع المدرسة عن كثب, ارسلت الوزارة لجنة فنية للمعاينة والوقوف على الوضع الحقيقي لهذه المنارة العلمية وعلى ضوء هذه المعاينة تم رصد مبلغ 500 الف دينار انجاز اشغال الاصلاح والترميم. ويضيف محدثنا بان هذا المبلغ قد لا يكفي لان هناك جناح كامل بني عام 1952 يتطلب الهدم بصورة كلية لإعادة بنائه من جديد. واكد في الوقت نفسه بان خصوصية المدرسة التاريخية تتطلب من المهندسين القائمين على الاشغال المحافظة على الطابع المعماري الاوروبي القديم الذي ميز شكل المدرسة منذ بنائها في اواخر القرن التاسع عشر, وعن موعد نهاية الاشغال والحلول المطروحة لاستيعاب تلامذة المدرسة الذين يبلغ عددهم 234 تلميذا موزعين على 12 قسما إضافة إلى 15 معلما ,يجيبنا المدير بانه قد امضى مع مدير المدرسة الابتدائية«الهادي شاكر» أو ما تعارف عليه الاهالي بمكتب «السنهوري» نسبة إلى المرحوم الشاعر السنهوري الحسني محضر جلسة ينص على ان تتكفل هذه الاخيرة باستقبال تلامذة مدرسة فلسطين نظرا للأشغال الجارية بها. ويشدد محدثنا على انه حتى هذه اللحظة لم تحرك الادارة الجهوية للتعليم بالقصرين ساكنا لإيجاد حلول للصعوبات الناتجة عن عملية الانتقال. «الشروق» انتقلت إلى مدرسة الهادي شاكر أو مكتب السنهوري كما يسميها الاهالي للوقوف على استعدادات المدرسة لاستيعاب ضيوفها من مدرسة فلسطين والاطلاع ايضا على المشاكل التي ستطرأ على المدرسة نتيجة الوضع الجديد. السيد عبد الحميد الرحموني مدير المدرسة المضيفة كان في حديثه إلى الشروق غاضبا من اسلوب اللامبالاة التي تتعامل به الادارة الجهوية مع مسالة بمثل هذه الحساسية في ظرف حساس يتطلب المتابعة والعمل على ايجاد الحلول. فما يؤاخذه محدثنا على الادارة هو كونها لم تعاين على عين المكان المشاكل التي يجب حلها نتيجة انتقال تلامذة مدرسة إلى مدرسة اخرى ولم تحاول الاتصال بإطارات المدرستين للاستماع إلى المشاكل والوقوف على الصعوبات مثل مشاكل تدريس الاعلامية والتوقيت الانسب للتدريس على ضوء المعطيات الجديدة وكذلك المشاكل المتعلقة بالموازنات: ويشدد السيد عبد الحميد الرحموني على ان الادارة الجهوية بدت غير معنية بالموضوع تماما. وتركت حل هذه الاشكاليات إلى مديري المدرستين اللذين لا يملكان حولا ولا قوة. ويضيف بانه كان على الادارة ان تتفهم حجم الاشكاليات المطروحة على مدرسته ذات 283 تلميذا و20 معلما يضاف اليها عبء جديد كان من المفروض التدخل العاجل لحل الاشكاليات المرتبطة به. ويشدد محدثنا في هذا الصدد على انه رغم الاصلاحات التي وقعت في مدرسته بفضل مجهودات بعض الجمعيات فان مشكلة ساحة المدرسة المتآكلة والمحفرة والتي تشكل خطرا على التلاميذ وكذلك مشكلة عدم صلاحية المجموعة الصحية بالمدرسة تظل هاجسا يؤرق الاطار التربوي في بداية هذه السنة الدراسية الجديدة.