نهج النجارين الى جانب الحدادين.. هي احد ابرز الأحياء التي طبعت على مر التاريخ طبيعة الحراك الثقافي والاجتماعي بقلب المدينة العربي لجهة بنزرت.. لكن مع هذا فإن هذا الفضاء الذي ما يزال صامدا رغم كثرة الصعوبات مهدّد بالاندثار. «الشروق» قامت بجولة بين أروقة هذا الحي العتيق عبر الريبورتاج التالي.. الحركية خافتة صباحا بين أنحاء نهج الحدادين بالمدينة العتيقة لبنزرت حيث أغلقت أبواب عدد هام من المحلات والدكاكين المتلاصقة وسط ارتفاع خافت «لأزيز» اللحام والدق المتقطع بين الفينة والأخرى المنبعثان من هذا المحل أو ذاك.. هذه الحرفة تعترضها عديد الصعوبات التي دفعت بها الى هاوية الاندثار وبالحرفي الى البطالة المقيتة بهذه العبارات أراد الحاج «محمد الفطناسي» الذي وجدناه أمام بهو محله ان عبر عن مشاغله ويصف حال اعرق أسواق بنزرت.. مضيفا بحسرة ان مثل هذه الحرفة التي امتهنها منذ سن الشباب لقرابة خمسين عاما لم تعد تجذب لها الشباب حيث أغلقت عديد الأبواب بعد أن انصرف الجيل التالي من الناشئة عن اخذ المشعل .وغير بعيد عنه وجدنا الحاج «مسطاري بن عمر» الذي كان بصدد تمضية عدد من السكاكين والشقورات لطالبيها من الأهالي توقف بحزن بدا على ملامح وجهه المتعب عند احدى الصور وهو بصدد العمل سنوات خلت واصفا ان هذه الحرفة التي طبعت الحراك الاجتماعي والاقتصادي بأروقة المدينة العربي في بنزرت منذ قرابة الالف عام أضحت بين سندان مخاطر الاندثار ومطرقة التكاليف المشطة لتجاوز تغول منافسة الالكترونيك والميكانيك.. وفي مجال ذي صلة اعتبر المتحدث أن تدهور معاملات الحرفيين مع طالبي الخدمة في اطار القطاع الفلاحي زاد الطين بلة فضلا على التكاليف المشطة التي تضعها السلطات في ما تعلق بأسعار النحاس وتداوله .
وان أبرز الحرفاء في ولاية فلاحية بامتياز اليوم هم ممن يطلبون خدمة تمضية السكاكين بشكل متقطع أمام تراجع في صناعة وطلبات السفايح والمنجل بدورها.. وتكاليف الشباب العامل بالمجال الذي أضحى عازفا بدوره عن هذه المهنة.. مع التحاق عدد من الشباب ممن ما يزال هواية وحب فن الحدادة يجذبهم وتقلص ملحوظ للمداخيل للحرفيين انحصرت ابرز المطالب حيث مل المهنيون الوعود منذ خمسين عاما في تحسين الوضعية ودفع الدعم .وفي هذا الصدد ابرز الحرفي السيد محسن السويسي أن الحل في يد السلطات ذات العلاقة بالمجال والدولة لا سيما في دفع الدعم للجيل الناشئ ماديا وفي التكوين حتى يتصالح مع مهنة الأجداد مشيرا في الاثناء الى حالات الغلق التي مثلت حلا لعدد من الحرفيين وفي اتجاه آخر لاحظ الشاب «سيف الدين النفزي» الذي يمتهن الحرفة منذ قرابة الخمس سنوات تقريبا بدافع الغرام انه مع تراجع طالبي الخدمة فإن «الحال لاباس» عموما متوقفا عند التهديدات للقطاع من منافسة ملحوظة لآلات العصرية الميكانيكية والالكترونية لا سيما مع تعلق منها بالسفايح والقطارات.. مع كثرة المصاعب والحسرة أبدى عدد من المنتصبين في السوق تذمرا من الوضعية الحالية وسط توجيه أصابع اتهام للاعلام في عدم تبليغ صوته ...