على اثر التطوّرات الاخيرة التي عرفتها البلاد تبعا لأحداث سفارة الولاياتالمتحدةالامريكية ثم الاعلان عن تركيبة الهيئة التأسيسية لحزب نداء تونس الذي يتزعّمه الباجي قائد السبسي، وفي اطار سعي «الشروق» لاستشراف آراء النخب، اتصلنا بالاقتصادي والناشط السياسي المستقل عدنان بلحاج عمر لاستجلاء رأيه بخصوص المستجدات، فأفاد بما يلي: أولا وبخصوص ما شهدته السفارة الامريكيةبتونس فإني أميل للاعتقاد أن أقليّة من ضمن المتحوّلين الى منطقة البحيرة يوم 15 سبتمبر الجاري كانت تعي ما تفعل وقد دبّرت عملية تستهدف بالاساس المؤسسة الأمنية التونسية والاشراف السياسي عليها، وأني شبه متأكد أن المسألة منظّمة ومدروسة ولا أستبعد حتى أن تكون بعض الجهات الاجنبية طرفا فيها على كل لا أظن أنه من مصلحة الوطنيين على اختلاف حساسياتهم النظر لهذا الأمر بعقلية طفيلية تطغى عليها الشمائت والضغينة والتعاليق الصبيانية السخيفة. أما بخصوص الاعلان عن تركيبة الهيئة التأسيسية لحزب نداء تونس، فإني لم ألمس فيه مفاجأة كبرى من حيث السادة والسيدات المعلنة أسماؤهم. فكلهم تقريبا نشطوا في فترة أو أخرى في المجالات السياسية والنقابية. ربّما كانت الملاحظة الغالبة هي التعددية الكبرى للمنابع والأصول الفكرية والتكوينية لهؤلاء الملتحقين أو الوافدين.
ولا أدري إن كان هذا العنصر سيولّد التوليف السريع والانسجام أم كان سيستوجب زمنا لخلق التقارب اللازم ضمن نفس الحزب بين الاجيال والأوساط وأنماط التكوين والثقافة السياسية، هي في كل الحالات تجربة جديدة لها خصوصياتها. والمحك سيكون طبعا الطاقة على التواجد الفعال على الميدان في كل مدن تونس وفي كل منطقة من أعماقها انذاك، لن يكون فيها «ياما إرحميني»!! غير أني أودّ الاشارة بصفة متأكدة وبارزة الى المسألة الاقتصادية التي أصبحت تبدو لي غير شاغلة بما تستحقه من أولوية وأهمية لهذا «السيل الجارف» من المهتمين بالشأن السياسي، قدماء كانوا أم وافدين جدد.
للانارة وبعيدا عن كل اثارة أذكّر بما صرّح به وزير الشؤون الاجتماعية خليل الزاوية منذ أقل من عشرة أيام لما قال ان مليون تونسي يعيش اليوم تحت الحد الادنى للفاقة والاحتياج وأن منطقتي باجة وجندوبة لا يستبعد أن نراها تعيش حالة مجاعة، وهي الجهات التي جعلت تاريخيا بلادنا تلقّب بمطمور رومة (حديث للصحيفة الالكترونية Africanmanager بتاريخ 16سبتمبر الجاري)، هل يمكن بتعلّة مهما كان نوعها ومهما كانت مشروعيتها أن لا نكون جادين في مجابهة مثل هاته الكارثة. أعتقد بكل تواضع أنها أولى المسائل التي تستوجب توافقها سياسيا وطنيا يجعل كامل الطيف السياسي ينأى بذاته عن العبث بهذا الموضوع.