مصانع الحديد التونسية مهددة بالإفلاس... وبعض العمارات قد تكون مهددة بالسقوط جراء استعمال حديد مهرب وغير مطابق للمواصفات... هذا ما أفرزه اللقاء الاعلامي المنعقد بمقر رئاسة الحكومة والذي جمع ممثلين من وزارة الصناعة ووزارة التجهيز والإسكان ووزارة التجارة والصناعات التقليدية ووزارة المالية (الديوانة) والذي فتح ملف التهريب.
ذكر المتحدثون بمقر رئاسة الحكومة أن الحديد المهرب يوزع بأغلب الولايات وحسب المعطيات المتوفرة فإن أغلب موزعي الحديد المهرب داخل الجمهورية هم من الذوات الناشطة في تهريب المحروقات وبعض تجار مواد البناء بالجملة والتفصيل والذوات الطبيعية ممن ليس لهم صفة التاجر. وحذر المتدخلون الحرفاء من مستهلك عادي وبعض مقاولات البناء وبعض محلات بيع مواد البناء المنظمة من الانجرار نحو استعمال الحديد المهرب نتيجة إغراءات السعر...
ودعت الإدارة العامة للمنافسة والأبحاث الاقتصادية التابعة لوزارة التجارة والصناعات التقليدية الى عدم الانجرار نحو الأساليب التسويقية المريبة والمشكوك فيها والمتمثلة في جلبهم باستعمال أرقام هواتف وأماكن خزن خفية. وأكد المسؤولون على ضرورة التوجه إلى المسالك المنظمة حتى تتمكن الإدارة من تمكين المستهلك من حظه في صورة التظلم وإمكانية تفعيل منظومة الإسترسال والتقصي Traçabilité حول مصدر البضاعة المعنية.
إجراءات وأسعار
يتم تهريب الحديد من الشقيقة الجزائر عبر الحدود نحو تونس نظرا لتدني الأسعار هناك. ويقدر الفارق بين السعر القانوني للحديد المصنع محليا والحديد المهرب بالقيمة بين 1 و 5 دينارات للقضيب الواحد وبالنسبة المائوية بين 14 و 30 ٪. وتقدر طاقة الانتاج المحلي من الحديد ب800 ألف طن سنويا ويتراوح الاستهلاك المحلي السنوي بين 500 و 600 ألف طن أي أن المؤسسات الوطنية تحقق الاكتفاء الذاتي وتوفر مخزونا يتجاوز استهلاك الشهرين حتى لا يتم تسجيل نقص على مستوى التزويد. وقد تم خلال سنة 2011 توريد 100 ألف طن على إثر توقف بعض المصانع نتيجة لوضع البلاد والاضطرابات الاجتماعية .
تهديدات وافلاس
ذكر السيد العقيد عبد العزيز القاطري ممثل الديوانة ومدير عام الأبحاث الديوانية بالإدارة العامة للديوانة أن تنامي ظاهرة تهريب الحديد الصالح للبناء يهدد بمجموعة من المخاطر منها على المؤسسات والمصانع التونسية المهددة بالاغلاق ومنها على المستهلك والمقاولات والمنشآت المهددة ربما على الأمد البعيد بالسقوط وقال : «نحن لا نريد لا قدر الله أن نصل إلى وضعية بعض الدول التي نسمع أن احدى عماراتها قد سقطت فجأة..» وسجلت مبيعات حديد البناء المصنع محليا خلال الثمانية أشهر الأولى من سنة 2012 تراجعا بنسبة 39 ٪ مقارنة بنفس الفترة من سنة 2011 و50 ٪ مقارنة بنفس الفترة من سنة 2010.
ويهدد هذا التراجع ديمومة شركات الانتاج التي توقف عدد منها لعدة أشهر في الفترة الأخيرة وهددت إذا تواصلت هذه الوضعية باللجوء إلى البطالة الفنية. ويعتبر الحديد المهرب مجهول الهوية وغير مراقب وبعيد كل البعد عن مواصفات الجودة ولا يتم ترويجه في أوروبا نظرا لصرامة الرقابة ويتم توجيهه نحو الدول الافريقية وهو ما من شأنه أن يتسبب في كوارث وخيمة ويهدد سلامة المواطن والمنشآت.
وقد تم حجز أغلب الكميات المهربة بالجهات الحدودية ( حوالي 225 طنا) بجهات قفصة والقصرين وتوزر وسيدي بوزيد كما تم حجز كميات كبيرة بجهات الاستهلاك مثل تونس الكبرى ونابل وبنزرت وزغوان.
وأكد ممثل الديوانة السيد العقيد عبز العزيز القاطري تواصل مجهودات الديوانة بالتعاون مع الجيش والحرس الوطني من أجل تطويق ظاهرة التهريب والتي تشمل المحروقات والسجائر والمعسل والمواد الغذائية والماشية والأقمشة والملابس الجاهزة والتجهيزات الالكترونية والكهربائية ولعب الأطفال والفوشيك والأدوات المنزلية وبضائع أخرى مختلفة وتبلغ قيمة المحجوزات فعليا أكثر من تسعة مليارات و 600 مليون.