اعتبر أستاذ القانون الدستوري بجامعة قرطاج قيس سعيّد أنّه لا بدّ من الاحتكام للشعب لإقصاء التجمعيين مؤكّدا أنّ المسألة ليست مبدئية وهي على صلة بالتوازنات في المشهد السياسي الوطني. وقال قيس سعيّد ردّا عن سؤال ل«الشروق» حول قانون إقصاء التجمّع «لماذا منذ أشهر قليلة هلّل الكثيرون وصفّقوا للإقصاء واليوم يعتبرون ذلك نوع من الإقصاء فما الذي تغيّر حتّى تتغيّر المواقف بهذه السرعة الأمر لا يتعلّق بمسألة مبدئيّة بل يتعلّق بتوازنات سياسيّة جديدة ما بعد الانتخابات».
ويعتبر محدثنا الخبير في القانون الدستوري أن افضل طريقة لإقصاء التجمعيين هو اعتماد طريقة الانتخاب المباشر أي اعتماد طريقة الاقتراع على الافراد في الدوائر الانتخابية وبهذه الطريقة يمكن للناخب أن يقوم بهذه الخطوة بشكل شخصي ويمكنه التعرّف على المترشحين.
ويستبعد سعيّد اعتماد هذه الطريقة قائلا «من الصعب اليوم أن تقبل الأحزاب طريقة الاقتراع على الأفراد لأن الكلمة حينها ستعود للشعب ولأن هذا الخيار سيعبّر حقيقة على ارادة الشعب وبالتالي يقترح سعيّد إجراء استفتاء شعبي حول المسألة ، وأضاف: «هذا الاستفتاء له شروطه اولها انطلاق هيئات العدالة التي تسمّى انتقالية في عملها من أجل فتح الملفات واطلاع الشعب على الحقائق ثمّ اعتماد حملة تفسيرية استباقية للاستفتاء حتى يتمكّن الشعب من معرفة كل الخفايا». كما قال إنّ مقترح حزب المؤتمر من أجل الجمهورية القاضي بإقصاء التجمعيين من الناحية القانونية لا يطرح إشكالا بقدر ما تكمن مشكلته في طريقة اتخاذ هذا النص القانوني. وأكّد سعيّد الذي يؤدّي زيارة ميدانية إلى ولاية سيدي بوزيد للاطلاع على الاوضاع هناك أن الناس في بوزيد مثلا يعرفون الأشخاص بتاريخهم وبخصالهم الأخلاقية وبالتالي يمكن للناخب أن يتعرّف بنفسه على الأشخاص في دائرته الانتخابية وبإمكانه إقصاء من يشاء.
حول أعمال المجلس الوطني التأسيسي وإضراب الجوع
في جهة أخرى قال قيس سعيد إنّ اضراب نوّاب في المجلس التأسيسي عن الطعام يعدّ حالة نادرة وأمر غير طبيعي. وتمسّك سعيد بما كان قد صرّح به لإحدى الصحف اليوميّة بأنّ الدخول في إضراب جوع بالنسبة لأشخاص يمثلون السلطة أو جزء منها يعني فشل هؤلاء وبالتالي المطلوب تقديم استقالاتهم وليس الإضراب عن الطعام.
وقال سعيّد ل«الشروق» العادة إضراب الجوع هو وسيلة احتجاج موجهة ضدّ السلطة أو ضدّ جهة معينة للضغط عليها أمّا انك تكون داخل جهاز الدولة وتضرب عن الطعام ضدّها الأمر يصبح غير عادي فهل يمكن ان نسمع عن رئيس الجمهورية يضرب عن الطعام؟ ووزير يضرب لأخطاء في القطاع الذي يشرف عليه معنى ذلك انه فشل في المسك بحقيبته وبالتالي الأفضل تقديم الاستقالة. من يمسك بالسلطة أو على الأقل جزء منها لا يمكنه أن يحتج ضدّها وما يحدث اليوم حالة نادرة وهي دليل أن هذه السلطة شكليّة غير حقيقية وهي دليل في كل الأحوال على هذه القطيعة بين من يفترض أنه يمارس السلطة وبين من يفترض أنه يمثلها.
ويعتبر سعيّد أن إضراب جوع في مؤسسة معنيّة واحتجاج على أوضاع معينة ولكن دائما خارج الأطر الرسمية لذلك ما يحدث أمر غير طبيعي. أوضح ردّا عن سؤالنا حول ما يمكن أن يترتّب عن استقالة النواب أنّ في الاستقالة رسالة سياسية واضحة بأن العمل اليوم صار غير معبّر بالفعل عن الإرادة الشعبية وهي لا تؤثر على وجود المجلس بقدر ما تكون تداعياتها سياسية.
كما أجاب ردّا عن سؤالنا حول سيناريو استقالة النوّاب الممثلين للأحزاب القائلة بأن شرعية المجلس تنتهي بحلول موعد 23 أكتوبر وهو سيناريو محتمل لكنه مستبعد بحسب ما يراه المراقبون «ليس هناك ايّ تأثير على وجود المجلس فهؤلاء يمكنهم مغادرة المجلس دون استقالة بما أنهم يعتبرون 23 أكتوبر انتهاء للشرعية وبالتالي سيتم الرجوع حينها الى نتائج الانتخابات لتعويض المغادرين الامر الذي سيؤدي الى تشكيل توازنات جديدة ودخول البلاد في أزمة سياسية.
وحول الاستعدادات ل 23 أكتوبر وذلك برص صفوف أحزاب المعارضة (من خلال تنظيم لقاء شعبي بين حلفاء المعارضة يوم 13 أكتوبر) وتفعيل المبادرات السياسية المطروحة (مؤتمر الحوار الوطني الذي ينظمه الاتحاد العام التونسي للشغل يوم 16 أكتوبر) قال قيس سعيد «هناك استعدادات لكن من المؤكد تجنّب أيّ هدنة مؤقتة بمعنى أنه على المجلس الوطني التأسيسي تحمّل مسؤولية 23 أكتوبر وذلك بتعديل قانون التنظيم المؤقت للسلط العمومية وتحديد مدة أشغاله بصفة قانونية».
وأضاف «المبادرات السياسية هي نوع من التعبئة ومن الهدنة لكنها لن تعمّر طويلا فالأفضل أن يكون الحل قانونيا وفي النص التأسيسي لأن الشعب فوّض النوّاب ليس بصفة أبديّة وبالتالي عليهم تحمّل المسؤولية وتحديد مدة عملهم بأنفسهم ، وأكّد على القول بأن التفاهمات التي يمكن ان تبرم كلها تعبئة سياسية وستزول بمجرّد زوال أسبابها المباشرة.