قيس سعيد يرجح نجاح الحل القانوني داخل «التأسيسي» وبلقاسم العياري يتشبث بالمؤتمر الوطني للحوار - في الوقت الذي يدعو فيه الاتحاد العام التونسي للشغل الى مجلس وطني للحوار يوم 16 أكتوبر الجاري يجمع كل القوى السياسية (معارضة وائتلاف حاكم) ومنظمات المجتمع المدني وحتى الشخصيات الوطنية ويهدف الى اخراج البلاد من مأزقها السياسي والاجتماعي والاقتصادي.. تعلو أصوات من المناطق الداخلية للبلاد وعدد من القطاعات الحيوية وخاصة منها قطاع الاعلام، تندد وتستنكر تجاهل السلط المعنية لمطالبهما وغلق جميع قنوات الحوار الممكنة أمامهما.. وصلت حد دخول أعضاء من المجلس الوطني التأسيسي في إضراب عن الطعام بعد ان استنفذوا جميع آليات التفاوض والحوار الممكنة مع السلطة.. فهل مازال بالإمكان اعتبار الحوار حلا لتجاوز مأزق البلاد بعد أن أعلنت السلطة الأولى التي تتمتع بالشرعية الانتخابية عجزها عن فرضه؟ اعتراف بالعجز قال أستاذ القانون الدستوري والمحلل السياسي قيس سعيد:"الملفت في اضراب أعضاء التأسيسي أنه يتم من قبل نواب منتخبين يفترض أنهم يساهمون في اتخاذ القرارات على اختلاف انواعها التي تستجيب لمطالب المواطنين، واضراب الجوع يتم عادة من قبل شخص أو مجموعة أشخاص تفرض عليهم قرارات من قبل سلطة." ولاحظ ان "اضراب أشخاص مدعوين للمساهمة في اتخاذ القرار وكأنه اعتراف منهم بالعجز لأنهم من كانوا مدعوين للمساهمة في تحقيق ما يطالبون به.. وردة فعلهم تلك دليل على العجز". ورأى أن البعد الثاني في الإضراب الذي يعد حالة نادرة هو "ان النواب الذين تم انتخابهم في دائرة بعينها يريدون توجيه رسالة الى منتخبيهم مفادها انهم يتضامنون معهم." أزمة حوار واعتبر سعيد أن إضراب عن الطعام دليل عن وجود أزمة حوار داخل الهيئة التي يفترض أن تكون مجال للمختلف الآراء وهو في الوقت نفسه طريقة للفت الأنظار لوجود أزمة وبعث رسالة لمواطنين معينين. وأضاف:"يبدو ان نواب التأسيسي المضربين لم يعد بإمكانهم العمل فالوسائل القانونية لم تعد كافية للمساهمة في التغيير وكان من الأجدر أن يقدم أعضاء التأسيسي استقالاتهم فغير طبيعي عجز السلطة عن إبلاغ صوتها فاليوم تخوض السلطة المتجسدة في المجلس التأسيسي اضراب جوع للضغط على سلطة الائتلاف الحاكم." وهذا يؤدي بنا الى القول "أن المرحلة الراهنة لم يعد ممكن الاستمرار فيها على نفس المنهج والسلطة أعضاء التأسيسي التي لم تعد قادرة على الفعل والتمثيل بفترض بها تقديم استقالتها." وذكر استاذ القانون الدستوري ان "المجلس التأسيسي هو فضاء الحوار وهو ليس هدفا في حد ذاته بل لأجل الوصول الى نتائج وحلول للمواضيع المطروحة.. وعدم وصوله الى حلول يعود الى طبيعة المشهد السياسي الحالي الذي يتشبث فيها كل طرف بموقفه دون ابداء أية رغبة في التغيير أو التوافق.. ومحاولات ايجاد فضاءات أخرى للحوار غير المجلس التاسيسي يكون حل عندما يكون هناك استعداد من قبل جميع الاطراف.." غير ان ما يلاحظ حسب سعيد "هو الرفض المتبادل بين النهضة ونداء تونس للجلوس الى طاولة حوار مشتركة وبالتالي فانا لا ارى حل في الدعوى الى حوار." الحوار ليس الحل وأوضح قيس سعيد:"أرى الحل بشكل مغاير، والافضل هو الوصول الى حل قانوني داخل المجلس التاسيسي وهو تعديل القانون المنظم للسلط العمومية وتحديد تاريخ واضح لوضع الدستور، فعلى المجلس أن يتقيد ذاتيا بنص قانوني صريح وذلك بتعديل القانون وادراج حكم جديد ينص على المدة التي تنتهي فيها اعماله ومقاربة هذه المسائل اشكالية الشرعية والاشكاليات السياسية مقاربة قانونية.. ووضع خارطة عمل بالقانون" وأشار سعيد الى أن "الاتفاقيات يمكن أن تؤدي الى نوع من التهدئة أوالهدنة لكن لن تعمر طويلا." تفاؤل... أكد بلقاسم العياري الكاتب العام المساعد المسؤول عن قسم القطاع الخاص بالاتحاد العام التونسي للشغل أن الحكومة قد عبرت عن استعداد جدي للمشاركة في مؤتمر الحوار يوم 16 أكتوبر الجاري وبدا ذلك واضحا خاصة في اللقاء الاخير الذي جمع الأمين العام للاتحاد ورئيس الحكومة حيث عبر عن ترحابه بانجاح هذا المؤتمر وهذه المبادرة. وأكد على ان الاتحاد متمسك بالحوار الجاد والمسؤول في هذه المرحلة والذي على اساسه تنبني مبادرة المجلس الوطني للحوار يوم 16 أكتوبر الجاري وهو أيضا الكفيل باخراج البلاد من المأزق وايجاد حلول لكل أمهات القضايا التي نعيشها (اعتداءات على الشخصيات الوطنية، عنف واشكاليات قطاعية..) وعن التباعد والتنافر بين حركة النهضة ونداء تونس قال العياري: "الحوار سينعقد بحضور كل ممثلي المجتمع المدني والساحة السياسية والائتلاف الحاكم ليس له اي دخل في تحديد قائمة الحضور كما ان حزب نداء تونس قائم بذاته له ممثليه داخل المجلس الوطني التأسيسي." وفيما يخص اضراب جوع أعضاء "التأسيسي" بين العياري أن "الاتحاد يعتبر اضراب اعضاء من المجلس التأسيسي عن الطعام مؤشرا خطيرا جدا ودليلا على تواجد مأزق وأزمة حقيقيان في ضل ما ينم سلوك الحكومة من غموض وضبابية على الاعتداءات الصارخة على حرية الاعلام.. وعدم اتخاذها لمواقف صارمة أمام العنف والاعتداءات المسجلة على الشخصيات الوطنية والافراد." وأفاد بلقاسم العياري أن مؤتمر الحوار يتناول جملة من المحاور التي تشهد خلافا، القانون الانتخابي هيئة الاعلام وهيئة القضاء وهيئة مستقلة للانتخابات.. و"خلال اللقاء ستتناقش جميع الاطراف وتتقاسم المسؤولية في ايجاد حلول وبالتالي لن تبقى المبادرة مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل بل ستكون مبادرة وطنية تصدر عنها وثيقة عمل تتقيد بها جميع الأطراف."