أمس كان يوما عصيبا وصعبا في كل مناطق ولايات العاصمة...اضراب أعوان شركة نقل تونس وسواق الحافلات وعربات الميترو وشل الحركة وتجمع آلاف المواطنين في المحطات كانت أمامهم الشوارع والأنهج مفتوحة للغضب... يوم بلا نقل وبلا حافلات وبلا ميترو والسبب اعتقال أحد السواق على إثر حادث مرور واتهامات بالاعتداء بالعنف. النقابات الأساسية لشركة نقل تونس دخلت في اضراب تضامني للمطالبة بإطلاق سراح زميلهم متمسكين بالدخول في اضراب مفتوح... الاضراب ولد ردة فعل غاضبة من طرف المواطنين واتجهت أعداد منهم إلى ساحة محمد علي لتحدث مشادات وعنف بين البعض كاد أن يتحول إلى ما لا تحمد عقباه بالرغم من التواجد الأمني المكثف... النقابيون تجمعوا صباح أمس في ساحة محمد علي وأعلنوا استعدادهم للدفاع والموت عن الاتحاد ورفعوا الشعارات ضد من أسموهم «بالمليشا». «الشروق» كانت حاضرة في محطات النقل وفي ساحة محمد علي وفي شوارع العاصمة الخالية من الحافلات.
هجوم ضد الاتحاد والنقابيون يردون بقوة
حوالي الساعة الثامنة ونصف صباحا عمد عدد من الشباب الى الهجوم على مقر الاتحاد العام التونسي للشغل، وبدأت المناوشات مع أعوان الحراسة الذين منعوهم من الدخول للمقر. وفي الساعة التاسعة صباحا التحق النقابيون بساحة محمد علي لحماية مقر الاتحاد. ساحة محمد علي امتلأت أمس بالنقابيين الذين حضروا من كل مكان لحماية اتحادهم مردّدين شعارات «بالروح والدم نفديك يا اتحاد» «يا اتحاد يا اتحاد أحفاد حشاد لا يهانوا»، ومن الجهة الأخرى تواجد عدد من المحتجين الذين ردّدوا شعارات ضد الاتحاد متهمين اياه بالعمالة والتواطؤ ضد الحكومة، حيث انهالوا بالشتائم على رموز الاتحاد. قوّات الأمن كانت حاضرة بكثافة والتحق بها أمن الدولة ورؤساء مراكز المناطق القريبة من مقر الاتحاد وقوات التدخل والشرطة بالزي المدني وتمت محاصرة المحتجين من الجهات الأربع لمقر الاتحاد العام التونسي للشغل محاولين السيطرة على بعض المحتجين الذين انهالوا بالشتائم والكلام البذيء على النقابيين.
الضحية
قال أحد المحتجين بغضب «بسبب سائق حافلة تتعطل مصالح مليوني تونسي وتتوقف حركة النقل ونحن نعيب على الاتحاد عدم اتخاذه موقفا ضد تسيب بعض نقابييه وجئنا هنا لنؤكد رفضنا لمثل هذه التصرفات»، وأضاف زميله «منذ أمس ونحن نعاني للوصول الى عملنا ومنازلنا بسبب تصرفات متهورة من البعض، ودائما الزوالي هو الضحية».
ميليشيا
قال الحبيب جرجير عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل إنهم كنقابيين صلب الاتحاد يتعاطفون مع الشباب ويؤلمهم وضعهم لأن أغلبهم يعاني من البطالة والخصاصة، مضيفا بأن الحاضرين في ساحة محمد علي لا يعبرون عن أفكارهم بقدرما هم ينفذون أجندات سياسية تستهدف العمل النقابي ويتوضح ذلك من خلال الشعارات التي رفعت.
«نحن من ندافع عن المهمشين والعاطلين عن العمل. أهكذا نكافأ» هكذا بدأ أحد النقابيين بالصراخ ودخل في حالة هيستيرية من الغضب مما استوجب تدخل أحد المسؤولين بالاتحاد العام التونسي للشغل لتهدئته وسانده زملاؤه الحاضرون الذين بدأوا يهتفون «بالروح والدم نفديك يا اتحاد»، «الاتحاد أكبر قوة في البلاد» «نعم لاسقاط الحكومة».
الأمن في حرج
القوارير البلورية انهالت على النقابيين من كل اتجاه من قبل المحتجين مما دفع بعدد من النقابيين للتراجع داخل مقر الاتحاد ثم عاودوا الخروج ووقعت بعض الاصطدامات بين الطرفين مما استوجب تدخلا أمنيا حال دون حدوث اصابات في صفوف المحتجين من جهة والنقابيين من جهة أخرى.
كما اتهم بعض النقابيين قوات الأمن بالتواطؤ مع المحتجين لأنهم على حد تعبيرهم لم يتصرفوا بحزم مع الذين عمدوا الى اهانة نقابيي الاتحاد وهذا ما نفاه إطار أمني للشروق حيث أكد أن أعوان الأمن لن يسمحوا بأي تجاوزات في حق المواطنين أو الطرف النقابي.
ساحة محمد علي
تحولت ساحة محمد علي الى حلبة صراع بين المحتجين والنقابيين، وامتلأت ساحة الاتحاد بالقوارير والبلور المهشم والعصي والحجارة التي ملأت المكان، وداخل مقر الاتحاد العام التونسي للشغل انتشرت بعض العصي الخشبية المهشمة والفوانيس المكسرة والقوارير البلاستيكية، ولعل هذا المشهد هو الذي زاد من غضب النقابيين الذين اعتبروا أن الاتحاد خط أحمر يمنع منعا بابا لمسة أو حتى التفكير في تدميره، وتعليقا على هذا الوضع قال أحدهم «لن تمروايا ميليشيا الحكومة، فالاتحاد أكبر منكم جميعا».