الحماية المدنيّة تتوجه بجملة من التوصيات على ضوء الوضع الجوي المتوقع    أبرز الآجال والامتيازات الجاري العمل بها في مجالات الجباية والديوانة والأداءات البلدية    كسر حاجز اللغة.. "واتس آب" يدمج ميزة الترجمة التلقائية للرسائل بلغات عدة في تطبيقاته    تصفيات مونديال 2026: نسور قرطاج يختتمون المشوار بمواجهتي ساوتومي وناميبيا في رادس    "فيفا" يناقش زيادة عدد منتخبات مونديال 2030 "التاريخي"!    سيدي حسين: أب يحتجز ابنته لسنة كاملة والنيابة تأذن بإيقافه    "حتى التراث من حقّي": تظاهرة ثقافية بمركز تقديم تاريخ ومعالم مدينة تونس    العلماء الروس مستعدون لبدء العلاج بلقاح روسي مضاد للسرطان    رونالدو يوجّه رسالة مؤثرة بمناسبة اليوم الوطني السعودي    بلدية تونس تنظم يوما مفتوحا لتلقيح الحيوانات مجانا ضد داء الكلب في هذا الموعد    كارثة جوية كانت قريبة في نيس! قائد الطيّارة التونسية ينقذ الموقف    عاجل/ من عرض البحر: أسطول الصمود يوجه هذه الرسالة للتونسيين بعد تعرضه لهجوم..    إصدار شروط تطبيق الفصل 30 رابعا من مجلة الشغل وصيغه وإجراءاته بالرائد الرسمي    عاجل: ضربات أمنية موجعة في تونس...حجز أطنان من اللحوم والدواجن الفاسدة    عاجل: ورقة ال20 دينار تهيمن على التداول النقدي في تونس    عاجل: الأولمبي الباجي يواجه الترجي بدون المنتدبين الجدد وهذا هو السبب !    صادم للتونسيين : أرباح القصابين في الكيلوغرام الواحد من اللحم تصل إلى 34 دينارا    ظهر اليوم...تطورات في الوضع الجوي تشمل هذه الجهات    فظيع في سيدي حسين: تلميذ يطعن زميله بسكين في ساحة المعهد !!    الدورة الثانية للصالون المهني للصناعات التقليدية من 6 الى 12 اكتوبر المقبل بقصر المعرض بالكرم    رحيل أيقونة السينما كلوديا كاردينالي ... وماكرون: ''ستبقى في قلوبنا''    مقترحات جديدة لقطاع الصحة: حوافز مالية وتقاعد مبكر... شنوّة الجديد؟    للأمهات : 5 أطعمة رد بالك تحطهم لصغارك في اللانش بوكس    منها التعرق وعسر الهضم : علامات تنذر بإصابتك بنوبة قلبية رد بالك تتجاهلها    الجلطة الصامتة: مرض خطير يصيبك ماغير ما تحس! شنوّة علاماته؟    تايوان: إعصار راغاسا يتسبب في سقوط ضحايا وجرحى    33 شهيدا في قصف إسرائيلي على غزة    الحماية المدنية : 440 تدخلا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    كأس الرابطة الانقليزية : إيساك يسجل هدفه الأول مع ليفربول وطرد إيكيتيكي في الفوز على ساوثامبتون    البطولة الإسبانية : تعادل إسبانيول مع فالنسيا 2-2 وأتلتيك بلباو مع جيرونا 1-1    مبابي وفينيسيوس يتألقان في فوز ريال مدريد 4-1 على ليفانتي    عاجل: شنوّة صار في الإكوادور؟ عنف وحرائق مع بداية الإضراب    العاصمة: قرارات إخلاء عاجلة ل248 بناية مهدّدة بالسقوط    برشا تشويق في الرابطة: 4 ماتشوات في نفس الوقت وهذه أبرز المواجهات    محرز الغنوشي: ''البشائر متواصلة اليوم والأمطار حاضرة بتفاوت في الكميات في هذه المناطق''    وزارة الصناعة: محطة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية الفولطاضوئية بولاية توزر سجلت تقدما في الأشغال بنسبة 75 بالمائة    ضبط ملفات "سرية" ووثائق "أسلحة دمار شامل" لدى بولتون    ترامب يتوعد ABC بعد عودة الكوميدي جيمي كيميل إلى الشاشة: "ربما أربح أكثر هذه المرة"    القصرين : إحالة موظف والاحتفاظ بمقاول في قضية تدليس    وزير السياحة يواكب المشاركة التونسية في معرض السياحة " توب ريزا " بباريس    الاربغاء: أمطار رعدية مع رياح قوية والحرارة في انخفاض طفيف    وفاة أيقونة السينما العالمية كلوديا كاردينالي    عاجل: الموت يغيّب كلوديا كاردينال عن عمر ناهز 87 عاماً    بحث التعاون لتعزيز الاستثمارات    الموت يغيّب الممثلة كلاوديا كاردينالي    مسرح الأوبرا يعلن عن فتح باب التسجيل في ورشات الفنون للموسم الثقافي الجديد    على متنها 3000 سائح...سفينة كوستا كروازيار ترسو بميناء حلق الوادي    عاجل : هذا هو موعد شهر رمضان 2026 فلكيا    أوت 2025: شهر قريب من المعدلات العادية على مستوى درجات الحرارة    يا توانسة.. هلّ هلال ربيع الثاني 1447، شوفوا معانا دعاء الخير والبركة الى تدعيوا بيه    محرز الغنوشي يُحذّر من تواصل الأمطار هذه الليلة    وزارة الصحة تطلق أول عيادة رقمية في طب الأعصاب بالمستشفى المحلي بالشبيكة بولاية القيروان    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الإعلامي محمد الكيلاني في أمسية أدبيّة بسوسة...غادرت التلفزة واتجهت إلى الكتابة لغياب التحفيز والإنتاج    المفتي هشام بن محمود يعلن الرزنامة الدينية للشهر الجديد    السينما التونسية تتألّق في مهرجان بغداد السينمائي... التتويج    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    استراحة «الويكاند»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ردا على رضا بلحاج وألفة يوسف : في التمييز بين جريمتي الاغتصاب والزنا
نشر في الشروق يوم 11 - 10 - 2012

لم نعد نقبل بالعودة للوراء لسنوات التخلف أو قرون الاضطهاد..الاضطهاد لكون شرف المرأة هو المعادل الموضوعي لشرف المجتمع وهي معادلة تجد من يدافع عنها من السلفيين الجدد مثلما يفعل ذلك السيد رضا بلحاج الناطق الرسمي باسم حزب التحرير الذي يتخفى وراء حجة لا صلة لها بتشريعنا أصلا للتستر على جريمة الاغتصاب التي عاشت تونس على وقعها منذ بداية سبتمبر الماضي حين قال أنه «لا إثبات للاغتصاب دون أربعة شهود».

إن اخطر ما في هذه التصريحات ليس أنها تخلط بين الاغتصاب والزنا كما تقول ألفة يوسف التي تتهمه بالجهل المعرفي في نوع من رد الفعل الانفعالي الذي وجد صداه في الصحافة وفي الشبكة العنكبوتية.

فربما ما لا تعلمه الأستاذة هو «أن عقوبة الاغتصاب في الشرع: هي نفسها حد الزنا، وهو الرجم إن كان المغتصب محصناً ، وجلد مائة وتغريب عام إن كان غير محصن .ويوجب عليه بعض العلماء أن يدفع مهر المرأة». وقد أجمع العلماء على أنه على المستكرِه المغتصِب الحدَّ إن شهدت البينة عليه بما يوجب الحد ، أو أقر بذلك ، فإن لم يكن : فعليه العقوبة (يعني : إذا لم يثبت عليه حد الزنا لعدم اعترافه ، وعدم وجود أربعة شهود ، فإن الحاكم يعاقبه ويعزره العقوبة التي تردعه «.هكذا تسقط الاستاذة ألفة يوسف هي نفسها في فخ الخلط بين المرجعيات الفقهية. إن الخطير في أقوال رضا بلحاج التي تجد مستندا لها من داخل منظومة الفقه الشرعي التي للمرأة فيها منزلة ليس هذا مجال التوسع فيها هو انه يخلط بين شرعين أحدهما غريب عنا والثاني يأخذ به قضاتنا بموجب النصوص الجاري بها العمل .

لان هذه الواقعة لا ينطبق عليها قانون الزنا أصلا حتى نبحث عن شكل الإثبات فيها ، إذا أردنا الأخذ بالتشريع التونسي .فالفصل 236 من المجلة الجنائية صريح في ربطه بين الزنا والزواج وهو ما لا ينطبق على حالتنا هذه إذ أن الفتاة المغتصبة لا زانية ولا مشاركة في الزنا فهي ليست متزوجة ولا مغتصبوها متزوجين .. فزنا الزوج يعاقب عليه القانون التونسي بالسجن خمسة أعوام وبخطية قدرها خمس مائة دينار بالإضافة إلى أن التتبع لا يسوغ إلا بطلب من الزوج أو الزوجة اللذين لهما وحدهما الحق في إيقاف التتبع أو إيقاف تنفيذ العقاب.

مع العلم أن الجناة قد وقع استنطاقهم بموجب الفصل 227 المتعلق بالاغتصاب كما وقع تنقيحه بالقانون عدد 9 لسنة 1985 المؤرخ في 7 مارس 1985 في ظروف يعلمها رجال القانون من اجل الترفيع في العقوبة التي تصل إلى حد الاعدام مما يعني ان التفريق بين جريمتي الاغتصاب والزنا وبين المتتبع في الحالتين والعقوبة المقررة في الجريمتين هي من اختصاص القانون الوضعي الذي لا يعترف به رضا بلحاج .

أما الضحية فقد وقع الاستماع إليها من قبل حاكم التحقيق بموجب الفصل 226 من المجلة الجنائية والمتعلق بالتجاهر عمدا بفحش انطلاقا من شهادة الجناة عليها وهو أمر لا يجوز لا منطقا ولا قانونا مع إصرار الضحية على أنها وجدت في وضع غير مخل بالآداب . أن وضع هذه الحادثة ضمن باب الزنا كما تبين لنا لم يستحدثه السيد رضا بالحاج ولا اعتقد أن له أسبابا نفسية من قبيل الكبت الجنسي كما تقول الاستاذة ألفة يوسف ( جريدة المغرب 30 سبتمبر ) لو كان الأمر كذلك لكان أمرا هينا نعالجه بمعالجة السيد بلحاج نفسه . إلا أن الأمر يتجاوز شخصه إذ هو جزء من ثقافة قديمة لا تزال سائدة في كثير من البلدان الإسلامية يريد البعض استجلابها إلى تونس. شاهدنا على ذلك بالإضافة إلى ما قلناه عن الفقه تقارير الأمم المتحدة التي تشير مثلا انه في باكستان، لا تستطيع المرأة قانونا إثبات تعرضها للاغتصاب ما لم يشهد على ذلك أربعة من الرجال المسلمين، وإلا صارت المرأة نفسها عرضة للمحاكمة بتهمة الفسوق أو الزنا. كما تشير هذه التقارير أن العنف المتفشي ضد المرأة ، «سواء كان مرتكبا من قبل الدولة وموظفيها ، أو من قبل أفراد الأسرة أو غرباء، في المجال العام أو الخاص، في زمن السلم أو في أوقات الصراع ، أمر غير مقبول وهو يمثل جرائم ضد الإنسانية».

إن اخطر ما في منطق السيد رضا بلحاج و الذي نحن بصدده هو انه يخلط بين اختصاص القضاء المستند إلى القانون الوضعي وحكم الشريعة كما يزعم . إذ أن كل حكم يجب في ذهنيته القروسطية أن يستند إلى المرجع الشرعي وان كل حكم على خلاف ذلك لاغ ولا عمل به . أن الاختصاص القضائي في تونس هو للقانون الوضعي، وأية محاولة لإرجاعنا إلى أحكام النصوص الدينية أو شبه الدينية هو الأمر الذي يجب أن ننتبه إليه بعيدا عن الوقوع في الانفعال والتفاصيل التقنية غير الدقيقة التي تخفي عنا ما هو أساسي وهو محاولة نسف القواعد الوضعية التي قام عليها القانون في بلانا منذ صدور أول المجلات القانونية في تونس في بداية الاستعمار الفرنسي وحتى قبل الاستقلال وهو أمر بدأنا نرى مقدمته في العودة إلى مناقشة مسالة تعدد الزوجات وقانون التبني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.