حسمت أحزاب الترويكا أمرها واتفقت في آخر اجتماع لها ليلة أوّل أمس على كلّ النقاط الخلافيّة خاصة تلك المتعلقة بطبيعة النظام السياسي وموعد الانتخابات، ومن الواضح بحسب ما جاء في نص البيان الّذي أمضاه كلّ من مصطفى بن جعفر: أمين عام التكتل ومحمد عبو: أمين عام المؤتمر من أجل الجمهورية والشيخ راشد الغنوشي: رئيس حركة النهضة أنّ الترويكا أوضحت أنّها تأمل في أن تكون هذه المقترحات محل وفاق وطني تتم المصادقة عليه في إطار المجلس الوطني التأسيسي باعتباره السلطة الأصليّة في البلاد. وفي ما يلي نص بيان الترويكا: اجتمعت الهيئة التنسيقية العليا لأحزاب الائتلاف الحاكم (حزب التكتل،حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، حزب حركة النهضة) السبت 13 أكتوبر 2012 تتويجاً لمسار من الحوار الداخلي المكثف من الجلسات العامة والمختصة. وبعد تدارس الوضع العام بالبلاد، وناقشت جملة من القضايا الأساسية : النظام السياسي، الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات والهيئة المشرفة على الإعلام و اقتراح رزنامة للمحطات السياسية المقبلة. وبعد تداول الرأي تم الاتفاق على :
دعوة أعضاء المجلس الوطني التأسيسي لتسريع نسق العمل، بما يوفر الوضوح والارتياح لدى الرأي العام الداخلي والخارجي. وقد بذلت كل الأطراف جهوداً مقدرة لتذليل كل العوائق من أجل الوصول إلى التوافق. ضرورة العمل من أجل توسيع الحوار بحثا عن التوافق مع مختلف الأطراف الوطنية داخل المجلس الوطني التأسيسي وخارجه. الترحيب بكل مبادرة تدعم الشرعية وتمثل قوةَ اقتراح للمجلس الوطني التأسيسي وتبحث عن توافق حول هذه القضايا الأساسية على أن يتم البت فيها داخل المجلس الوطني التأسيسي التأسيسي بإعتباره السلطة الأصلية في البلاد. اختيار نظام سياسي مزدوج ينتخب فيه رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب يضمن التوازن بين السلط وداخل السلطة التنفيذية. اختيار هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات يتمتع اعضاؤها بالحياد والنزاهة والاستقلالية وقد تم التوافق بين الأحزاب الثلاثة على دعم مرشح لرئاستها. تفعيل المرسوم 116 لسنة 2011 المتعلق بإحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي البصري حسب ما ينص عليه الفصل 47 من الأحكام الانتقالية من المرسوم المذكور تستمر إلى غاية تأسيس هيئة الإعلام حسب ما سينص عليه الدستور الجديد.
-اقتراح يوم 23 جوان 2013 موعداً للانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة على أن تكون الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية يوم 7 جويلية. وإذ تقدم احزاب الترويكا هذه التوافقات فإنها تؤكد أنها مقترحات تعرضها للحوار بحثاً عن وفاق وطني واسع تجتمع عليه كل القوى الوطنية وخاصة الكتل النيابية بالمجلس الوطني التأسيسي صاحب السلطة الأصلية.
اعتبر المدير التنفيذي لحركة نداء تونس رضا بالحاج مقترحات الترويكا الحاكمة بخصوص موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة وطبيعة النظام السياسي متسرعة وفيها التفاف على مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل. وأوضح في تصريح أمس الاحد لوكالة تونس افريقيا للأنباء قائلا: «كأن في هذه المقترحات التفاف على مبادرة الاتحاد خاصة أنها اتخذت طابعا شكليا بمعنى أنها لم تمس بجوهر الموضوع المتمثل في إحداث هيئة عليا مستقلة للانتخابات تكون الوحيدة المخولة للبت فى موعد إجراء الانتخابات وفق معايير دولية متفق عليها وأضاف فوجئنا بالبيان الصادر عن الهيئة التنسيقية العليا لأحزاب الائتلاف الحاكم المتضمنة لقرارات مصيرية تتعلق باختيار النظام السياسي وبطبيعة الاقتراع فى النظام الرئاسي وموعد الاقتراع الذي تتزامن فيه الانتخابات الرئاسية والتشريعية فى يوم واحد.
تفاؤل
من جانبها أكدت الامينة العامة للحزب الجمهوري مية الجريبي موقف حزبها الداعم لنظام ينتخب فيه رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب قائلة بخصوص مقترحات الترويكا الحاكمة بشان موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة وطبيعة النظام السياسي اسجل بإيجابية الاقرار بحاجة التونسيين لنظام يرتكز على انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع العام. ولاحظت في تصريحات اعلامية أمس الاحد «أنه لايزال مطروحا للنقاش اليوم موضوع صلاحيات رئيس الجمهورية ومقترح تزامن الانتخابات التشريعية والرئاسية وبينت مية الجريبي أن هذه المقترحات التي اعلنتها الترويكا جاءت حسب رأيها تحت ضغط المجتمع وكل الفاعلين السياسيين الذين أكدوا حاجة البلاد الملحة إلى ضبط خارطة طريق واضحة حتى لا تصبح «الشرعية فى موضع تنازع بعد 23 اكتوبر» على حد تعبيرها.
وضوح الرؤيا
أفاد أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد أن هذا النظام الرئاسي المعدل يهدف الى تحقيق التوازن داخل السلطة التنفيذية أي توزيع الاختصاص التنفيذي بين رئيس الجمهورية والحكومة برئاسة الوزير الأول «دون الحرص عن التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية» حسب قوله. وأوضح انه يرمي أيضا الى تجنب استئثار رئيس الجمهورية بكل الاختصاصات التنفيذية مثلما كان فى النظام السابق بهيمنته الحزبية ومزجه بين السلط ملاحظا أن هذا الاختيار لا يخلو من وجهة نظره «من مساوئ على مستوى التعايش بين رأسي السلطة التنفيذية لاسيما في حال يكون رئيس الجمهورية من حزب ورئيس الحكومة من حزب آخر» وهو ما قد يعطل حسب تقديره سير مؤسسات الدولة.
التخفيف من درجة التشنج
شدد وزير الداخلية علي العريض على هامش اختتامه للندوة الدورية للولاة يوم أمس على الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد والتي تقترن فيها طموحات الشعب العالية المشروعة بتواضع امكانيات البلاد وبعامل ضيق الوقت لتنفيذ البرامج والمشاريع المبرمجة». وأكد الوزير على وضوح الرؤية السياسية للحكومة بالتعاون مع الاحزاب والمنظمات الوطنية وتحت قبة المجلس الوطني التأسيسي من حيث تحديد رزنامة الاستحقاقات السياسية القادمة وفي مقدمتها الدستور والانتخابات» على حد تعبيره.