اعتقد البعض ان يساهم حزب حركة نداء تونس في تحقيق التوازن السياسي وتهدئة التوتر الذي عرفه المشهد الحزبي بين الإسلاميين والعلمانيين كما اصطلح على تسميتهم لكن مع تتالي الأحداث السياسية أصبح التجاذب ثنائيا بين نداء تونس وحركة النهضة كما أنّ حضور هذا الحزب في مؤتمر الحوار الوطني أثار الكثير من الجدل. وقد أتت مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل لتعمق الخلاف بين طرفين طرف داع إلى عدم الإقصاء مهما كانت تبريراته ويتزعمه الحزب الجمهوري والمسار الديمقراطي الاجتماعي وطرف رافض لكل حوار مع من يعتبرهم قدماء التجمع وتتزعمه حركة النهضة والمؤتمر من اجل الجمهورية وخاصة حركة وفاء بقيادة عبد الرؤوف العيادي الذي أعلن صراحة رفضه المشاركة في مبادرة الاتحاد بسبب حضور نداء تونس وكذلك باعتبار ان الاتحاد كطرف نقابي يجب ان يكون بعيدا عن التجاذبات السياسية كما قال العيادي .
نداء تونس كما جاء في تقديم لرجاء بن سلامة تقوم فكرته على انقاذ البلاد والدولة المدنية ومعارضة الخطاب المزدوج للحكومة الحالية التي تسعى الى الهيمنة على مفاصل الدولة وكذلك القطع مع الفكر الاخواني حسب نفس المصدر ويعتمد الحزب في تواجده على شخصية وكاريزما رئيسه الباجي قايد السبسي الذي يعرف كيف يخاطب الشعب وحسب نفس المصدر فان نداء تونس يحظى بثقة نخب البلاد او قطاع كبير منهم وله حظوظ وافرة في استمالة الجماهير .وترى رجاء بن سلامة ان إقصاء التجمعيين مناف للديمقراطية ولا يجوز لا أخلاقيا ولا قانونيا ولا سياسيا بحرمان فئة من التونسيين من ممارسة النشاط السياسي فالدستوريون والاصطلاحيون التجمعيون كما سمتهم اكثر قبولا للقيم الديمقراطية من الإسلاميين الذين لم يتخلصوا حسب رأيها من الحلم بتطبيق الشريعة الإسلامية ومجتمع الخلافة وهي أفكار لا تنتج الا مشاريع شمولية كما ترى بن سلامة ان نسب المبادرة إلى التجمعيين فيه مغالطة اذ ان من اطلقها هم يساريون ونقابيون لم يكونوا يوما في نظام بن علي .
الانقضاض على الحكم
في نفس السياق اعتبر لزهر العكرمي القيادي بنداء تونس ان حركة النهضة تريد اقصاء الدساترة واتهامهم بالانتماء للتجمع للانقضاض على السلطة واتهمها باستعمال الأسلوب النازي في الحكم مؤكدا ان النداء ليس بطالب للسطة بل باحث عن مصلحة الشعب كما اتهم الناطق الرسمي باسم نداء تونس رضا بالحاج حركة النهضة بالوقوف وراء الاعتداءات التي تعرضت لها بعض قياداتهم كما استشهد عبد العزيز المزوغي من نفس الحزب بما قاله الهاشمي الحامدي بان الشعب لم يعد يثق في النهضة واتهمها بالسعي الى فرض منطق القوة ثم جاءت أخيرا تصريحات الباجي قايد السبسي المناهضة للحكومة الحالية والرافضة لما صرح به راشد الغنوشي في شريط الفيديو الذي تم تداوله مؤخرا بل طلب الاعتذار من الشعب عن مواقفه السابقة من الحركة .
لذلك تبدو العلاقة بين نداء تونس وحركة النهضة أكثر توترا مما كانت عليه علاقة الحركة بمعارضيها من داخل المجلس التأسيسي ومن خارجه وهو توتر قد يعيق بوادر الحوار الذي دعت إليه أطراف عديدة خاصة مع تماهي موقف النهضة مع موقف شريكيها في الترويكا ومع أحزاب أخرى رافضة الجلوس مع من تتهمهم بالتجمعيين القدامى.
غطاء لعودة التجمع
من أكثر الرافضين لأي تواصل مع حركة نداء تونس رئيس حركة وفاء عبد الرؤف العيادي الذي استغرب عدم اعتذار الباجي قايد السبسي عن الإقصاء الذي مارسه كطرف في الحكم طيلة ستين سنة ولا عن مشاركته في تزوير الانتخابات بل اعتبر الحزب غطاء للاستفادة من الثورة والعودة الى حكم البلاد من خلال فسح المجال لعدد من التجمعيين السابقين للنشاط العلني والخفي داخل الحركة وهو موقف يشاركه فيه محمد عبو الأمين العام لحزب المؤتمر من اجل الجمهورية صاحب مشروع إقصاء المسؤولين التجمعيين السابقين من العمل السياسي في الفترة القادمة وهو يرى كذلك ان نداء تونس لم يوضح موقفه من الشرعية الانتخابية الحالية ولم يكن خطابه رصينا ومحترما للشرعية من خلال إعلانه عن نهايتها يوم 23 اكتوبر كما صرح الباجي قايد السبسي .وفي نفس التوجه اعتبر العجمي الوريمي ان نداء تونس حزب بلا مرجعيات ولا برامج مما يجعل التعامل معه غير وارد إضافة إلى موقفه غير الواضح من الشرعية الانتخابية التي يقودها المجلس التأسيسي المنبثق عن انتخابات ديمقراطية والممثل لإرادة الشعب .
السيد مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي صرح هو الآخر انه لا بديل عن الشرعية الانتخابية ولا وجود لشرعية توافقية فالتوافق كما يراه بن جعفر مكملا للشرعية الانتخابية وليس بديلا عنها والمجلس التأسيسي هو صاحب السلطة العليا في البلاد وسيعود اليه النظر في كل التوافقات عكس ما تروج إليه بعض الأحزاب من خارج المجلس كما وصف بن جعفر المعارضة بالسلبية والمتحجرة وعدم الاعتراف بحقوق الأغلبية التي أفرزتها صناديق الاقتراع .
بين الاستقرار والتوتر
الى هنا يبدو ان الموقف من نداء تونس قسم الأحزاب السياسية الى قابل للتواصل معه ورافض مما يوحي باستقطاب جديد قد يجمع أطرافا تختلف حاليا حول أداء الحكومة واداء الترويكا من اجل قطع الطريق امام عودة التجمع الجديد كما يرونه وفي المقابل قد يتدعم التوجه الجبهوي للباجي قايد السبسي باكثر من طرف راغب في التواجد بقوة في المشهد السياسي بقطع النظر عن نسبة التنازلات.