لك أن تتخيل عائلة تتركب من ثمانية أفراد يعيشون في كوخ بدائي بمجرى واد هروبا من الفاقة والظلم والحيف الذي عانوا منه لفترة طويلة... هذا هو حال عائلة المولدي السفسافي المهددة في أية لحظة فمن ينقذها قبل فوات الأوان. «الشروق» تنقلت على عين المكان أين تعيش عائلة المولدي السفسافي بمجرى الوادي الكبير ببني خيار. ظروف معيشية أقل ما يقال عنها أنها سيئة للغاية، كوخ لا تزيد مساحته عن الخمسة عشر مترا مربعا مغطى بقطع الأخشاب وبقايا «الخردة» والأوقية البلاستيكية وهو يأوي ثمانية أفراد لعائلة واحدة. زيارتنا لهذه العائلة كانت مباشرة بعد نزول كميات كبيرة من الأمطار في المدة الماضية حيث وجدنا صعوبة كبيرة للوصول إلى المكان المقصود، فلكم أن تتخيلوا كمية الأوحال والأتربة بمجرى الوادي. لكن للسائل أن يسأل كيف تعيش هذه العائلة على مدار السنة في ظل هذه الظروف المناخية والصحية الصعبة؟» الظروف الاجتماعية القاسية والظلم هما العاملان الأساسيان اللذان دفعاني إلى المجيء إلى هذا المكان برفقة عائلتي» هكذا عبر لنا محدثنا المولدي عن وضعيته الحالية بكل حرقة حيث يضيف بالقول «نحن ننحدر من معتمدية سيدي عمر بوحجلة من ولاية القيروان رمت بنا الأقدار إلى هذا المكان الموحش والتي تأبى حتى الحيوانات العيش فيه، فليس لنا خيار آخر فالمنطقة التي كنا نعيش فيها الأراضي فيها جرداء جدباء لا تنبت العشب ولا يتوفر بها المرعى، فمورد الرزق الوحيد يتمثل في بعض رؤوس الأغنام فإن لم أوفر لها المرعى بصفة مستمرة وعلى مدار السنة فإن مآلها الموت المحتوم، فإمكانياتي المادية منعدمة تقريبا وليس باستطاعتي توفير الأعلاف لها لأسعارها المرتفعة فخيرت الانتقال إلى هذا المكان لكي أستطيع أن أعيل ثمانية أفراد وبعد أن أغلقت أمامي جميع السبل».
مشكلة المولدي السفسافي لا تقف عند هذا الحد حيث لم يخف لنا أسفه عن المعاملة السيئة التي وجدها من طرف مسؤولي ولاية القيروان، حيث تقدم بمطلب للحصول على رخصة للنقل الريفي خاصة وأنه متحصل على رخصة سياقة منذ وقت طويل وأجرى عملية جراحية على مستوى اليد اليمنى تمنعه من مزاولة أي نشاط مهني يتطلب جهدا بدنيا لكن مطلبه المقدم منذ سنة 2007 جوبه باللامبالاة والمماطلة من طرف مسؤولي الجهة حسب قوله، وذهب إلى أكثر من ذلك حيث أكد لنا أنه يعرف عدة أشخاص تحصلوا على تلك الرخص وكثير منهم تحصلوا على أكثر من رخصة صلب العائلة الواحدة وهو ما اعتبره ظلما وحيفا في حق الشرائح الضعيفة، ويأمل عبر أعمدة صحيفتنا في أن تأخذ المصالح الجهوية بالقيروان وضعيته الاجتماعية الصعبة بعين الاعتبار وتسند له هذه الرخصة لإنقاذ عائلة بأكملها أفرادها مهددون بالتشرد والضياع. فالأطفال الأربعة الذين يزاولون دراستهم في المرحلة الابتدائية اثنان منهم رسبا في سنة واحدة ثلاث مرات متتالية بسبب غياب النور الكهربائي والماء الصالح للشرب والظروف الملائمة للدراسة والنجاح. ويعاني أغلب أفراد العائلة من عدة أمراض مزمنة على غرار الروماتيزم والربو التي ساهمت في تعكر وضعهم الصحي والاجتماعي.الأكيد أن وضعية هذه العائلة في حاجة أكيدة إلى تدخل عاجل، كما نعتقد أن إسناد رخصة للنقل الريفي لرب هذه العائلة يمكن أن تساهم في إنقاذ عائلة بأكملها من التشرد والضياع بعيدا عن كل مظاهر الإقصاء والتهميش التي عانت منه هذه الفئات لعقود طويلة.