لا تزال عديد العائلات في ولاية القيروان مترددة في اقتناء الأضاحي. فمنهم من يتحيّن الفرصة ومنهم من يراجع موازناته المالية ومنهم من حسم أمره إما بتمكنه من شراء الأضحية أو بقرار عدم شراء أضحية العيد. برزت في شوارع القيروان «أسواق» الأضاحي منتشرة هنا وهناك على جوانب الطرقات الرئيسيّة وفي الساحات العامة ووصلت إلى ساحة باب الجلادين. الأضاحي المعروضة متوسطة الحجم والجودة وأسعارها غير مستقرة وهو ما تسبب في تشتيت ذهن الشاري. وما يلاحظ هو الهدوء النسبي في الأسعار نظرا لعدم توفر عنصر الجودة والضخامة في الأضاحي المعروضة وتأرجحت الأسعار بين 300 و600 دينار.
سبب عزوف بعض الأسر عن شراء الأضحية يعود إلى ارتفاع الأسعار بشكل خيالي وسط ظروف مادية صعبة تمرّ بها الأسر التي لا تزال تعاني من تبعات مصاريف العودة المدرسية ومعظمها مغرقة في الديون. ومن لم يوفق في الحصول على أضحية منذ مدة ولم يكن لديه أقارب في الريف يساندونه أو يبيعون له الأضحية بسعر تفاضلي، فانه قرر الابتعاد عن الأسواق التي تنتشر فيها السماسرة و»القشارة» خشية الوقوع في الفخ ونظرا لضعف ميزانيته.
الصحبي (أب لطفلين) قرر عدم اقتناء أضحية هذا العام. وبناء مسكن العائلة هو ما يشغل باله في الوقت الحالي، ولكنه ارتكز على مبرر «شرعي» وقال أن المفتي أفتى بجواز عدم شراء الأضحية في ظل انتهازية التجار والسماسرة. وقال أن هناك استغلالا للوضع الهش الذي تعيشه البلاد.
يتحدث التجار والفلاحون عن ارتفاع أسعار تكلفة تربية الماشية. سعر العلف مرتفع. مصاريف التنقل. مصاريف الحراسة ومتاعب التصدي للصوص. إلى جانب نقص الثروة الحيوانية. وهذا سببه كثير منه التهريب والتصدير العشوائي وأيضا غياب برامج فلاحية واضحة للنهوض بقطاع تربية الماشية إلى جانب الذبح العشوائي وغير المراقب للإناث داخل المسالخ البلدية وخارجها.
طيلة الموسم الفلاحي، يشتكي الفلاح من عديد الآفات مثل نقص العلف والأمراض والسرقة وغياب الإرشاد الفلاحي. وعندما يحين موعد اقتناء أضحية العيد، يشتكي المستهلك من ارتفاع الأسعار.
الإقبال لا يزال محتشما ويشوبه الحذر والتردّد. ورغم هدوء الأسعار وغياب أسعار خيالية مثل 700 في أغلب الأحيان، فان الأسر في القيروان لا تزال مترددة. لان الخروف الذي ثمنه 300 دينار يبدو ضئيل الحجم علاوة على أنه لا تتوفر مساحة واسعة للاختيار.