تخطينا باب العودة المدرسية من أضيق أبوابه بسبب تواصل المصاريف المرتبطة بالمناسبات الدينية والدنيوية لكن ها أن أغلب المواطنين يواصلون نداء الاستغاثة والتبرّم من كابوس آخر يجثم على صدور أغلب العائلات التونسية. هذا الكابوس يمتد طوال السنة الدراسية وهي الدروس الخصوصية والتي أصبحت ضرورة ملحة كغيرها من الضروريات ولم تعد مقتصرة كما كانت على العائلات الغنية بل أصبحت تهم كل العائلات على اختلاف مواردها المالية وظروفها الاجتماعية فما سبب تفشي هذه الظاهرة؟ حسب عدد من الأولياء فإن ضرورة هذه الدروس الخصوصية يعود إلى دفع المربين للتلاميذ إلى حدّ اجبارهم بالوعد والوعيد للالتحاق بركب زملائهم الذين يتابعون حصص الدروس الخصوصية وقد يجد التلميذ الذي يرفض ذلك نفسه بين مطرقة التجاهل والاهمال ساعة الدرس وبين سندان الحرمان من الاعداد الممتازة كغيره من التلاميذ مما يدفع الولي إلى تدريس ابنه بالرغم من ان ذلك يزيد في استنزاف الموارد المالية للعائلة. أما بالنسبة للتلاميذ فقد افادنا العديد منهم ان بعض المدرسين في القسم اصبح يتعمد ايصال المعلومة بصورة غير دقيقة وغير واضحة مما يضطرهم إلى الالتحاق بالدروس الخصوصية، وأضاف البعض الاخر من التلاميذ ان هناك من المدرسين من يتعمد انجاز تمارين الاختبارات خلال ساعات الدروس الخصوصية لأجل خلق الفارق بين التلاميذ مما يضطرّ هؤلاء إلى الاذعان إلى ارادة المدرسين وبالتالي الالتحاق بالدروس الخصوصية مهما كان مستواهم الاجتماعي والعلمي. وأفادنا شقّ اخر من التلاميذ إلى انهم يلتجئون إلى الدروس الخصوصية لدى مدرسيهم حتى يضمنوا اعدادا طيبة خلال السنة الدراسية بدون اي مجهود أو تعب وبالتالي يصبحون في عداد الناجحين.اما بالنسبة للطرف الثالث وهو المربي فقد افادنا بعضهم ان الربح المادي وتحسين الدخل هو سبب وجيه يفرضه غلاء المعيشة ومتطلبات الحياة، بينما افادنا البعض الاخر منهم ان ضعف بعض التلاميذ في القسم وتاخر فهمهم وضغط الوقت المحدد للدرس وطول البرنامج الدراسي يشجع المربين على تخصيص ساعات اضافية لانهاء البرنامج وتحسين مستوى التلاميذ وقد يجدون انفسهم مضطرين تحت الحاح الاولياء والتلاميذ إلى تخصيص بعض وقتهم لتدريس التلاميذ ساعات اضافية بمقابل رمزي. وأفادنا البعض الاخر من المربين ان بعض التلاميذ يحرصون على هذه النوعية من الدروس في سبيل تحسين مستواهم العلمي والبحث عن التميز وتحقيق نتائج افضل. وبما ان التبريرات تختلف وتتعدد بين هؤلاء الاطراف الثلاثة فإننا نتساءل فقط عن قدرة العائلات الفقيرة على مسايرة هذه الدروس الخصوصية؟ وكيف يمكن أن تكون المنافسة نزيهة بين مختلف شرائح التلاميذ خاصة فيما يخص المناظرات الوطنية؟