غلاء أثمان خرفان العيد وازدراء بعض العائلات من مراسم ذبح الاضاحي دفع بعديد التونسيين الى الاحتفال بعيد الاضحى على طريقتهم الخاصة. ان كانت الظروف المالية لشرائح عديدة من المجتمع التونسي قد حالت دونها وشراء كبش العيد فإن فئات أخرى من التونسيين خيّرت الاحتفال بعيد الاضحى لهذا العام بشكل مختلف تراوح بين الفعل الانساني والترفيهي.
وكانت أسواق الأسماك قد شهدت في بداية الاسبوع الماضي إقبالا كبيرا من بعض العائلات التونسية التي حوّلت وجهتها من تلذذ لحم الخرفان الى بعض أنواع الأسماك التي عرفت انخفاضا في أسعارها مما جعلها في متناول التونسيين من ذوي الدخل المحدود والذين لم يكن بمقدورهم اقتناء كبش العيد نظرا لارتفاع ثمنه هذه السنة وعزوف العديد من التونسيين على شراء الخرفان المورّدة خاصة بعد انتشار عديد الإشاعات حولها.
ولم يقتصر هذا الامتناع على الشرائح الاجتماعية الضعيفة بل تعداه الى أوساط اجتماعية أخرى مترفهة والتي اختارت عن قصد عدم اقتناء كبش العيد والتبرّع بثمنه الى عائلات معوزة.
في المقابل اختارت بعض العائلات الأخرى قضاء عطلة العيد في النزل والمناطق السياحية لتضرب عصفورين بحجر واحد اي الترفيه والاحتفال بعيد الاضحى داخل النزل السياحية التي اقترحت هذه السنة على زبائنها برنامجا خاصا بالعيد يشتمل على شواء اللحم وإعداد طبق الكسكسي بلحم الخروف وغيرها من الأطباق الخاصة بعيد الاضحى. وبرزت كذلك هذه السنة ظاهرة جديدة تمثّلت في اقتناء التونسيين لخروف العيد مذبوحا مباشرة من عند القصّابين وذلك ليلة العيد.
معتبرين هذا الأمر سلوكا حضاريا يساهم في نظافة المحيط على أن بعض النساء من الشباب يرفضن أصلا أن تتحوّل شققهن الى مذابح بما تعنيه الكلمة من تراكم للأوساخ ومشقة تنظيف «السقيطة».
العيد هذه السنة كان فرصة للتعرف على التحولات الثقافية والاجتماعية التي يشهدها المجتمع المدني على خلفية الحراك السياسي الذي تعيش على وقعه البلاد منذ أحداث 14 جانفي 2011.