يشهد معهد أبو القاسم الشابي بمدينة قصور الساف منذ انطلاق السنة الدراسية الجديدة حالة من الفوضى، وعدم انتظام الدروس بسبب غياب المدير، و«تمرّد» بعض التلاميذ، وانتفاء ظروف العمل الضرورية لأداء الرسالة التعليمية والتربوية على أحسن وجه. فالمعهد الثانوي أبو القاسم الشابي بقصور الساف يعتبر من بين أهم المؤسسات التربوية في جهة المهدية، حيث كان مضرب الأمثال من حيث الانضباط وحصد النتائج الباهرة موفى كلّ سنة دراسية، نظرا للتنظيم المحكم على مستوى الإدارة والعناية والإحاطة الدائمة بالتلميذ داخل المؤسسة وخارجها، لكن ما يحدث اليوم داخل هذا المعهد، لا يمكن قبوله، فالإدارة تعيش فراغا كبيرا ولخبطة غير مسبوقة في إعداد برنامج عمل توافقي سواء للأساتذة أو العملة منذ انطلاق السنة الدراسية نتيجة غياب المسؤول الأول عن المؤسسة، وبعض الأساتذة الذين رفضوا العمل بجدول الأوقات المُعدّ من قبل الناظر، بل ذهب بعضهم إلى حدّ تحريض التلاميذ على الغياب والإضراب عن الدروس! ولو لا التنازلات التي قدّمت ومحاولات تقريب وجهات النظر فيما بينهم، لآلت الأمور إلى ما هو أسوأ بكثير، الشيء الذي أثّر على سير العمل العادي وعطّل الدروس في أكثر من مناسبة وأطلق العنان لبثّ الفوضى وقلّة الانضباط في صفوف التلاميذ الذين باتوا لا يتورّعون عن الغياب عن الدروس بسبب أو بدونه.
والأدهى والأخطر من ذلك هو انتشار عديد الظواهر السلبية داخل المعهد ومنها ظاهرة الانفلات الأخلاقي في ظلّ غياب الرقيب والرادع إلى الحد الذي أصبح فيه بعض التلاميذ يتجاهرون بالحديث عن أمور ما كان لها أن تسمع داخل مؤسسات تربوية على غرار «الزطلة» التي يتردد أنّها انتشرت واستفحلت بشكل بات يستدعي تدخّلا عاجلا من قبل السلط المحلية والجهوية لوقف هذا «الغول» المتربّص بمستقبل أبنائنا، ليتأزّم الوضع داخل هذه المؤسّسة من خلال ما أقدم عليه بعض العملة من قطع للتيار الكهربائي عن قاعات الدراسة أثناء الوقفة الاحتجاجية التي نفّذوها خلال هذا الأسبوع للمطالبة بحقوقهم وهو ما أدخل البلبلة والفوضى داخل المعهد وتسبّب في مناوشات بين العملة والأساتذة الذين رفضوا واستنكروا هذه الممارسات التي يتمّ حشر التلميذ فيها، خاصّة وأنّ هناك تقصيرا واضحا من حيث غياب النظافة وتراكم الأوساخ في محيط المعهد الذي بات أشبه بمصبّ للفضلات؟
حالة الفوضى والتسيب هذه أجبرت عديد الأولياء على نقل أبنائهم إلى المعهد الثانوي المختلط وهو ما يعكس بوضوح اهتزاز الثقة في هذه المؤسسة وتراجع شعبيتها وهي التي كانت بالأمس القريب منارة تربوية تفرض الاحترام على جميع الأصعدة.
أولياء التلاميذ من جهتهم وأمام الوضع المزري الذي باتت تعيشه هذه المؤسسة قاموا بمراسلة الجهات المعنيّة من خلال عرائض طالبوا فيها بحماية المعهد، وإنقاذ أبنائهم من الضياع، وقد علمنا أنّ المندوبية الجهوية للتربية بالمهدية قد استجابت لنداءات الأساتذة والأولياء وقامت بتعيين أستاذ الفلسفة الحبيب الغراّد مديرا لهذه المؤسسة كخطوة أولى على أمل أن يأتي الفرج على يده في قادم الأيام بما من شأنه أن يعيد الأمور إلى نصابها و يسترجع معهد أبو القاسم الشابي صورته الناصعة ومكانته الحقيقية بين بقية المعاهد.