يبدو ان الاحلام التي كانت معلقة على المجلس قد بدأت تتبخر لان ما قدمه من عمل هو قدر كبير وربما لو احصينا ما كتب وما قرر لوجدنا انه اكثر مما انجزه البرلمان في 3 او 4 دورات لكن ما قيمة هذا العمل لا قيمة له اذا ما قارناه بأهداف وطموحات الثورة واحلامها واذا ما قارناه بقيمة دم الشهداء الذي اريق ما الذي انجز باستثناء اسقاط نظام بن علي وفراره لا نجد شيئا يذكر ايجابيا حيث الامن مفقود والعدالة فشلت كلها في زمن بن علي كانت العدالة فيها جانب من الفاسدين اما اليوم فقد افسدها وزيرها الحالي فسادا لا اصلاح بعده والحكومة يغلب عليها العجز والضعف والتردد اضافة الى الانهيار في الدينار واحتراق في جيوب المواطنين حتى ان الواقع المعاش اصبح يكتنفه الخوف والغموض. ثم ان الواقع السياسي ازداد تشتتا والوحدة الوطنية ظهرت عليها التفرقة والنزاع والصراع وضاعت الثورة بأحلامها وبوهجها وببريقها ولم يبق منها الا ذكريات وبقية احلام. ولذلك تعطل العمل الاساسي المطلوب وهو صياغة دستور وقد تبين ان دستور 1959 من حيث الصياغة ومن حيث المعاني ومن حيث التركيبة ارقى بكثير مما قدمه هذا المجلس التأسيسي للثورة.
كما ان الروح التي يتعاطى بها اعضاء المجلس تغلب عليها الضبابية والحزبية والتنافس الشخصي المقيت ويكاد الانسان يفقد الامل بجدوى هذا المجلس حتى كأني احس بأن هذا الدستور وهذه القوانين التي نصيغها سوف لن تعمر الا بضعة سنين والغريب ان يوم الجلسة الافتتاحية وخلال الكلمة الوصية التي القيتها وجهت فيها نصحا لرئيس المجلس ولرئيس الحكومة ولرئيس الجمهورية ولكنهم تركوا هذه النصائح وراء ظهورهم وساروا في نقيضها بل بالعكس تطاولوا على ارادة الشعب في شخص نوابه وكانوا ثلاثتهم اول من اهان هذا المجلس بقرارات مجحفة وغير اخلاقية وهذا يدل بما لا يتسرب له الشك ولا الخطأ ان هاته الاحزاب وهؤلاء الرؤساء لم يفقهوا بعد ماهية الثورة بل ذهب في ظنهم ان الثورة جاءت لتستخلفهم على بن علي وعوض ان نغير المفاهيم والواقع والمضمون للدولة وما بأنفسنا نرى الاحزاب الثلاثة تتنافس في التمظهر بمظهر بن علي في القرارات والمواقف والسلوك السياسي من حيث الاداء والمضمون لذلك وبمناسبة هذا اليوم اعيد واكرر النصيحة لهؤلاء الزعماء ولهذه الاحزاب وللمعارضين اتقوا الله في انفسكم واتقوا الله في هذا الشعب والشهداء والجرحى الذين لم يعالجوا الى اليوم أصلحوا البلاد وقللوا من الفساد لأن الرشوة والمحسوبية والمحاصصة اصبحت داء ينخر الدولة الفتية واصبح الواقع يهدد بانفجار الشوط الثاني من الثورة لأن الشباب الذي ثار لم ينم بعد.