قدّم مستشار الديوان الرئاسي للشؤون الاجتماعية مؤخرا بمقر ولاية المهدية برنامج التنمية الجماعية وبرنامج دعم باعثي المشاريع الصغرى ضمن ميزانية الدولة لسنة 2012 بحضور 35 رئيس جمعية أو ممثّل عنها بهدف تفعيل دور المجتمع المدني في التنمية الاقتصادية. ومن أهداف هذا البرنامج المساهمة في بناء اقتصاد اجتماعي متضامن يدعم المجهود الوطني لمقاومة البطالة والفقر، وتلبية طموحات الشبان الراغبين في بعث مشروع أو نشاط لتحسين مستوى عيشهم بتمكينهم من تمويل كلي للمشروع في صورة عدم تجاوز قيمة الاستثمار 5 آلاف دينار، أو توفير التمويل الذاتي أو جزء منه في حدود 5 آلاف دينار عند الحصول على الموافقة المبدئية من أحد مصادر التمويل مع التمتع بإحاطة مشخصة، إضافة إلى إسناد منحة شهرية قيمتها 400 دينار لفائدة الجمعية لانتداب شاب عاطل عن العمل متحصل على شهادة عليا تسند له مهمة إعداد قائمة بيانات تهم الإمكانيات المتوفرة بالمعتمدية والإحصائيات المتعلقة بالسكان والتعليم والصحة والإسكان والبنية التحتية والخدمات الصحية والنقل والثقافة والرياضة والترفيه الخاصة بتلك المعتمدية ترسل في إطار تقارير شهرية إلى الدائرة الاقتصادية لديوان الرئاسة.
وقد خصصت مؤسسة الرئاسة في ديسمبر 2011 ما قيمته 20 مليون دينار لصندوق التشغيل، هذا الصندوق تقع إدارته من قبل الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل عبر شبكة تتكون من 100 مكتب تشغيل في مختلف جهات الجمهورية، كما يضع على ذمتها شبكة الجمعيات المنتفعة بالبرنامج الرئاسي والتي تتكون من 264 جمعية بحساب جمعية عن كل معتمدية بالبلاد ضمن شروط من بينها أن تكون ذات صبغة تنموية مستقلة وشفافة ومحدثة بعد 14جانفي 2011 وفق المرسوم عدد 88 بتاريخ 24 سبتمبر 2011 وصادرة بالرائد الرسمي، ولها مقر ووسائل اتصال كالحاسوب والهاتف والانترنت، وتتضمن هيئتها المديرة على الأقل إطارا واحدا.
وقد بدا برنامج التنمية الجماعية وبرنامج دعم باعثي المشاريع الصغرى واضحا على مستوى الأهداف التي قطعت مع نظام الحكم البائد الذي كان يخصص ميزانية دعم الجمعيات حسب الولاءات على غرار جمعية «أمهات تونس» وغيرها من الجمعيات المنصّبة والمزكية من طرف السلطة الحاكمة بطريقة غير شفافة وغير ديمقراطية فإن التوجه الجديد للدولة من خلال هذا البرنامج أصبح قائما على شراكة كاملة بين الجمعيات والحكومة والفاعلين في الشأن العام في تشخيص الواقع، وتقديم البدائل، وتصور المشاريع القادرة على النجاح والتي تتماشى مع المحيط ومتابعتها التي تمثل أحد مقومات الديمقراطية التشاركية والحوكمة الرشيدة التي تعتبر صمام أمان ضد عودة الديكتاتورية.
بقي أن نشير أن هناك بعض الغموض رافق نصيب ولاية المهدية من الميزانية المخصصة لدعم باعثي المشاريع الصغرى وكذلك الحد الأقصى من المشاريع لكامل الولاية ولكل معتمدية، إضافة إلى معايير الاختيار وترتيب المشاريع حسب أولوية الإسناد ضمانا للشفافية والعدالة بين الباعثين، كما بقي السؤال المطروح هل لولاية المهدية حوافز وامتيازات في هذا البرنامج الرئاسي؟ باعتبار ما يمثله أصحاب الشهائد العليا من ضغط متزايد نتيجة تطور عددهم، حيث ارتفعت نسبتهم من مجموع العاطلين من 1.8 بالمائة سنة 2005 إلى 30.2 بالمائة سنة 2010 أي في حدود 10 آلاف عاطل تم إبرام 43 عقد إدماج فقط في نطاق برنامج إدماج حاملي الشهائد التعليم العالي.