في شكل اعتبره الاتحاد الجهوي للشغل تصعيد في الاحتجاج قام أهالي الجهة اليوم بمسيرة هي الأولى من نوعها في تاريخ الاحتجاجات بالجهة. التحرك كان على شكل مسيرة سلمية رمزية خرج فيها الأهالي لمسافة تقارب الستة كلمترات على الطريق الوطنية رقم 4 الرابطة بين تونسوسليانة. الكاتب العام الجهوي لاتحاد الشغل اعتبر أن هذه المسيرة تندرج في إطار «تنويع الأشكال النضالية» على حد قوله.
التنويع نال إعجاب الأهالي وجعل من المسيرة تضم أكثر من 20 ألف متظاهر تحركوا في نسق حماسي سريع قطع أنفاس المصورين ولجنة التنظيم, ركض جعل من المسيرة في جزئها الأول شبيهة بأحد المارطونات السنوية التي تقام في بلادنا.
تدافع, ركض, هتافات وحتى الزغاريد حضرت في مسيرة البارحة. سيارة الأمن التابعة لمركز المدينة أمنت التحرك رغم احتجاج العديد من النقابيين ورافقت الجمع حتى نهاية المنطقة البلدية لتتسلم مهمة حماية المتظاهرين سيارة الحرس الوطني في هذا الوقت انضم إلى المسيرة الطاقم الطبي وشبه الطبي للمستشفى الجهوي بسليانة.بعد ما قاموا بوقفة احتجاجية أمام مقر المستشفى الجهوي تنديدا بما تم ذكره بخصوص عدم مداواة رجال الأمن ليفيدنا الشاب بلال النافع أن الطاقم الطبي وشبه الطبي تعاملوا مع رجال الأمن وفق ما يمليه الضمير المهني وان تلك التصريحات تصب في خانة المغالطات لا غير.
أثناء المسيرة نساء, رجال, أطفال وشيوخ ساروا بخطى حثيثة مرددين شعارات حماسية تصب كلها في خانة الردود على التصريحات الحكومية التي أخطأت وغالطت على حد تعبيراتهم الرأي العام وزورت حقيقة ما يجري في سليانة وتصويره على انه بلطجة وأعمال تخريب, شعارات أخرى نددت بالعنف والقمع الممارس من طرف أبناء الجهة.
الجموع الحاشدة في المسيرة المهيبة في اتجاه العاصمة حلمها تحقيق المطالب المشروعة وهي إقالة الوالي والإفراج عن مساجين أحداث افريل 2011 وتحقيق التنمية العادلة بالجهة.
في تلك المسيرة حملوا نعشا افتراضيا ربما لإبلاغ رسالة صامتة قابلة لتفكيك رموزها من قبل السلطة حسب تصريحات البعض الذين رأوا أنها صورة للوالي الذي يجب أن يرحل في حين ذكر البعض الأخر أنها رسالة توحي بموت الخطابات الرنانة والتي تحمل المغالطات التي لم تعد تنطلي على الشعوب. وبالتزامن مع ذلك الحدث المميز فقد فتحت بعض المقاهي أبوابها صباحا حتى أن البعض من المحلات التجارية عادت للعمل ليذكر احد الباعة انه يتضامن مع مطالب الأهالي لكن يريد توفير بعض المال لتغطية حاجياته وعائلته في حين لاح التذمر لدى البعض فقد كسدت تجارته تماما ليعدم السلع التي بحوزته ....الشوارع لاح عليها الخراب معظمها شبه مغلقة بالحجارة أوالأثاث القديم أوبعض بقايا الحطب التي استعملها المواطنون للتدفئة في الليلة قبل الفارطة.
تجدّد المواجهات
ظهر يوم أمس تكرر نفس المشهد كغيره في الأيام السابقة حيث دارت مواجهات بين الأمن والمواطنين لما توجه البعض من الشبان نحومنطقة الأمن حيث رشقوا الأعوان بالحجارة وذكروا أن تواجدهم بكثافة هو استفزاز لذلك لابد من انسحاب تلك الترسانة البوليسة التي تبعث على الخوف والترهيب .
ومع مرور الوقت كان الوضع يزداد قتامة ليحتشد أكثر من ألفي مواطن في مواجهة لقوات الأمن الذين ردوا على الحجارة المتدفقة من كل صوب وحدب المواجهة تحولت إلى شوارع المدينة حيث كثف الأعوان من إطلاق الغاز المسيل للدموع بمساعدة آليات عسكرية تابعة للحرس الوطني حيث استطاعوا تفريق الجمع ومطاردة المتظاهرين داخل أحياء المدينة. مما أسفر عن وقوع حوالي 20 جريحا.
وعن المعطيات الإعلامية الرائجة نقول لقرائنا أن حصيلة المؤسسات العمومية التي تم إحراقها بمركز المدينة والتي تم اعلانها هي غير دقيقة, أما بالنسبة للخواص فقد سجلنا عديد الأضرار التي لحقت خاصة بالتجار من تلف للخضر والغلال نتيجة الإغلاق المستمر للسوق البلدي وللمحلات الخاصة كذلك تحطم لعديد موارد رزق الأكشاك والباعة المتجولين وبالنسبة لعدد المصابين فقد قارب ال300 مواطن إلى حدود غروب شمس الأمس في حين أعلمنا مصدر أمني عن إصابة 15 عون أمن منذ إضراب الثلاثاء إلى اليوم.
هذا بالإضافة إلى الخسائر الحكومية من إغلاق متواصل لمؤسسات الدولة وما يترتب عنه من خسائر مادية بالإضافة إلى التكلفة الباهظة لوسائل القمع من غاز ورش وغيره حيث بلغنا أن هذه المعدات ليست كلها هبات.
وسط المشهد المحتقن والتورط الحكومي والخسائر المادية والعدد اللامتناهي من جرحى الطرفين تظل سليانة تعاني من موقف الحكومة الرافض للتعامل بجدية مع مطالب الأهالي والتشبث بكيل التهم للمعارضة عوضا عن البحث عن حلول.