«الزمقري» هو العمل الجديد الذي عاد به لمين النهدي الى الخشبة ضمن مسيرة وإن اختلفت اطرها الزمانية فإن المأساة بقيت واحدة في ظل مختلف العراقيل التي حفت بهذا المبدع. آخر تلك العراقيل كانت صحية وإن أجبرته على الركون الى راحة جسدية فإنها لم تمنع ذهنه من رحلة البحث والإبداع. عن هذا العمل الذي أحبك اخراجه وجسده تمثيلا وفي جزء من كتابته ابنه محمد علي كان محور حديثنا مع لمين الى جانب مواضيع أخرى لم تخل من معادلة الجدية والطرافة:
أين تكمن الحدود بين لمين ومحمد علي النهدي في مسرحية «الزمقري»؟
هو عمل حاولنا ان نطوّر فيه نوعية «الوان مان شو» بتوظيف البعد الفرجوي الذي كان مفقودا في مختلف الأعمال التي سبقت من طرف العديد من الممثلين التونسيين فكانت «الزمقري» عصارة جهد فكري وبدني امتدّ على سنتين من التمارين المكثفة وصلنا فيها الى معدل اثنتي عشرة ساعة من العمل اليومي. راهنت على محمد علي بحكم الامكانات البدنية والفنية التي يمتاز بها وأعتقد انه نجح حيث أكد حرفيته في التمثيل مثلما أكدها سابقا في الاخراج سواء مسرحيا أو سينمائيا مما جعلني أفرح كثيرا وأرتاح بأني تركت من يخلفني على الخشبة.
أين تضع مسرحية «الزمقري» في المشهد المسرحي التونسي وتحديدا ضمن هذه النوعية؟
هي مسرحية كما سبق أن ذكرت تتميّز بالبعد الفرجوي والحرفية الكبرى على مستوى أداء الشخصيات وما قدمه محمد علي تجاوز ما قدمته على الركح وما قدمه الآخرون في العديد من المسرحيات الأخرى وقد شاهدت مختلف الأعمال التي قدمت في تونس مثلما نجح البعض في عروض معيّنة فشل الآخر.
وماهي العروض التي نجحت حسب تقييمك؟
مسرحيتا «واحد منا» لجعفر القاسمي و«مايد ان تونيزيا» للطفي العبدلي في أول عروضهما ولكن بعدها انحرفت نحو الأسوإ حيث وظف فيها العبدلي الايحاءات الجنسية وجوانب سياسية مما جعله يفقد الجمهور وأنا شخصيا مثلما شجعته سابقا فقد نصحته في العديد من المرات وقلت له ان غيره «يتمنى في نصف خبزة ولم يجدها» وهو أنعم عليه الله بخبزة مرطبات كاملة ولكنه للأسف لم يعرف كيف يستغلها حيث اختار الدخول في متاهات أخرى.
ماهي الجوانب والتقنيات التي ركّزت عليها في تمارينك مع محمد علي؟
ركّزت خاصة على طريقة أداء الشخصيات بدقة وهو ما ينقص مختلف الأعمال التي قدمت في تونس في نوعية «الوان مان شو» والتي رأينا فيها تشابها في أداء الشخصيات المقدمة مما جعلني أخصص وقتا طويلا مع محمد علي في التمكن من خصوصيات كل شخصية واتقان أدائها وبفضل ذكائه وسرعة بديهته ودقة ملاحظته تمكن من استيعاب ذلك ونجح. أما على النص ركزنا على عدم السقوط في ما وقع فيه من سبقنا في أعمالهم المسرحية من ايحاءات جنسية وسوء توظيف لحدث الثورة التونسية والركوب عليها فاجتنبنا الاسقاطات وخضنا في الثورة التونسية بعيدا عن التهكمات المجانية والمبتذلة وعن المواقف المباشرة بأسلوب ذكي غير مباشر موظف ومحبك، الى جانب البعد الفرجوي الذي سبق ذكره وكان الاداء المقنع من طرف محمد علي والذي أبهرني وتجاوزني في العديد من الاشياء خاصة الجانب البدني والفرجوي وأنا سعيد جدا بنجاحه.
على عكس أعمالك السابقة حيث كان توظيفك للبعد السياسي مبطنا بدا في «الزمقري» أنه يكاد يكون مباشرا هل هو التصعيد أم وجه آخر للمين بعد 14 جانفي؟
هي زاوية أخرى مخالفة تماما لما قدمه الآخرون حول الثورة بتوظيف محكم ودقيق دخل قلوب الجماهير واستحبوه كثيرا.
هل يمكن اعتبار «الزمقري» في هذا الجانب تعبيرا عن موقفك السياسي؟
نعم أنا فرد من الشعب وأطمح الى تحسين مختلف الأوضاع والى حد الآن لم نر تغييرا كبيرا ولا يزال الشعب يشكو وأنا مع الشعب في مختلف قضاياه.
خصصت جانبا من المسرحية خاصا بحزب حركة النهضة دون حزب آخر هل هو تعبير عن موقف شخصي تجاه هذا الحزب؟
حزبي الوحيد هو «حزب اللطيف» كما صرحت لك في حوار سابق، ولكن أنا ضد حزب النهضة اذا لم يحقق انتظارات الشعب واستحقاقاتهم وضد أي حزب آخر يتجاهل حقوق الشعب.
أين وصل مشروعك التلفزي؟
بعد أخذ ورد مع القناة الوطنية استقر الرأي على بث «سلسلة المفتش خليفة» على قناة «التونسية» وهي سلسلة بوليسية هزلية سيكون فيها الى جانبي رياض النهدي وابني وليد.